استهداف داعمي غزة
6 شوال 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

لا تقتصر المؤامرة الكبرى على أهل غزة على التبرير الغربي للاعتداءات الصهيونية , ولا تقف حدود التحالف الغربي الصهيوني عند حاجز كيل الاتهامات الباطلة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" وغيرها , وتبرئة الاحتلال من خرق الاتفاقيات والمعاهدات والهدنات الموقعة والمتفق عليها , بل تتسع دائرة العداون لتطال كل من يدعم المقاومة الإسلامية بالمال أو المساعدات الغذائية والإنسانية . وليس هذا بالأمر الجديد أو الغريب على أعدى أعداء الأمة الإسلامية "اليهود والذين أشركوا" , كما نبه لذلك القرآن الكريم في قوله تعالى : { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ...} المائدة/82 , وإنما الغريب والمستهجن أن تتحالف وتتعاون بعض الدول العربية والإسلامية مع أعداء الأمة ضد إخوة لهم في العقيدة والدين !! وإذا كان الغرب يتهم بعض الدول العربية والإسلامية التي ما زالت تدعم المقاومة الإسلامية , وتساند أهل الغزة بما يصلح حالهم من الغذاء والدواء والكساء , بأنها دول تساند "الإرهاب" على حد وصفه - إلا أنه لا يستطيع وقف ذلك أو منعه - فإنه يستهدف كل من يفعل ذلك من أفراد أو مؤسسات داخل حدود أرضه لمنعه من مواصلة الدعم الإنساني المحدود لأهل غزة , بينما تفتح مصارف وبنوك بل ومخازن أسلحة أمريكا والغرب لليهود لمواصلة الاعتداء الأثيم على غزة . فها هو بنك "إتش إس بي سي" البريطاني الشهير يقدم على إغلاق حسابات مصرفية لشخصيات إسلامية بارزة ، وجمعيات إغاثية تعمل منذ عقود في الساحة البريطانية دون أي مبرر أو سبب , الأمر الذي أثار حالة من الصدمة والاستغراب لدى الجمعيات والنشطاء المسلمين البارزين هناك . ولا تخفى الدوافع السياسية والعدائية لكل من يدعم أهل غزة ومقاومتها خلف هذا القرار المفاجئ وغير المبرر , فمن يستعرض الأفراد والمؤسسات التي طالها هذا القرار , يلحظ دون عناء أنهم من الذين يدعمون المسلمين المستضعفين في غزة وغيرها . نعم ... لقد تم إغلاق حسابات كل من مسجد "فينزبري بارك" في شمال لندن، ومؤسسة "الأمة للرعاية"، وهي مؤسسة خيرية تعمل في أكثر من عشرين بلدا، كما كان لافتا إغلاق حسابات عائلة الدكتور أنس التكريتي رئيس مؤسسة قرطبة لحوار الحضارات التي تعد واحدة من أهم المراكز البحثية والفكرية الإسلامية، بالإضافة لإغلاق حسابات زوجته وأطفاله . وقد أوضح أنس التكريتي أنه فوجئ برسالة من البنك تبلغه بإغلاق حسابه الشخصي وحسابات زوجته وأطفاله، وكذلك حساب مؤسسة قرطبة، وشركة خاصة أخرى تديرها زوجته , مؤكدا أن عدم توضيح الفرع أسباب الإغلاق وطبيعة القرار بشمول أفراد أسرته إضافة لجمعيات ومؤسسات , يعطي انطباعا بأن هذا الأمر له علاقة بنشاطاته وليس فقط ذا بعد تجاري , وإنما مرتبط بشكل واضح بنشاطه في دعم قطاع غزة ومعارضة ما حصل بمصر في 3 من يوليو عام 2013م . ولنفس السبب والمبرر تلقى مسجد "فينزبري بارك" شمال لندن أيضا رسالة تخبره بإغلاق حسابه دون سابق إنذار، وقد أكد رئيس مجلس إدارة المسجد "محمد كزبر" أن القرار يأتي في سياق حملة تستهدف المؤسسات الإسلامية الفاعلة في بريطانيا , حيث أن المسجد يحتضن أنشطة للتوعية وجمع التبرعات نصرة لغزة -حاله حال كثير من المساجد – وهو السبب الواضح واالظاهر غير المعلن لإيقاف الحساب , حيث تقوم اللوبيات بالضغط والتحريض ضد كل من يفعل ذلك . إن الذي يثير الحفيظة ويؤجج مشاعر خيبة الأمل من ممارسات وسلوك بعض الدول العربية والإسلامية , أنها لم تعد تكتفي بالصمت وعدم مساندة ومساعدة المسلمين المستضعفين في غزة وغيرها , بل تجاوزت ذلك إلى التحريض عليهم وإغراء العدو بهم , لا لشيء إلا لخلاف سياسي حاصل بينها وبين بعض الفصائل المقاومة هناك , متناسية الأمور التي تجمعهم بهذا الشعب الأعزل المستضعف من دين وعقيدة ولغة وتاريخ وحضارة مشتركة . وبينما يقوم الغرب بالدعم اللامحدود للعدو الصهيوني بناء على الهدف المشترك – الوحيد ربما - بينهما في عدائهم للمسلمين ورغبتهم في القضاء عليهم , رغم الخلافات الجذرية بينهما في العقيدة والمصالح وربما الأهداف البعيدة , ولا يألوا جهدا في ملاحقة ومحاصرة كل من يدعم المقاومة أو يساندها على أراضيه من أفراد أو مؤسسات . ترى بعض أبناء الأمة الواحدة والدين الواحد واللغة الواحدة يمتنعون عن مد يد العون والمساندة والمؤازرة لمن يواجهون الموت بكل ألوانه وأشكاله , بل ويمنعون – أسوة بالغرب – كل من يساند أو يساعد أؤلئك المستضعفين والمنكوبين من بني جلدتهم ودينهم تحت نفس التهمة الغربية الباطلة "مساندة الإرهاب" . ولعل أمثال هذه الأمور والأحداث الأليمة والمفجعة تذكر المسلم بقول الشاعر : لمثل هذا يموت القلب من كمد إن كان في القلب إسلام و إيمان