سقوط القومية وبقاء انتماء الإسلام
22 رمضان 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

منذ أن كانت خيوط المؤامرة الغربية الكبرى على الخلافة الإسلامية تحاك , كان القوميون العرب على رأس الأدوات التي استخدمها الغرب لهذه الغاية الخبيثة , ليحل بعد ذلك شعار "القومية العربية" محل الإسلام جامعا للعرب وموحدا لهم في الظاهر والاسم دون الحقيقة والواقع . ومنذ ذلك الوقت وكثيرا ما يتردد على مسامع المواطن العربي في كثير من الدول العربية كلمة "القومية العربية" , وخاصة في تسعينيات وأوائل القرن العشرين , حيث تم استخدام هذا الشعار الكاذب لإبعاد الناس عن الحضن الحقيقي الجامع لهم ألا وهو الإسلام . ورغم ظهور عوار وكذب هذا الشعار الخادع منذ فترة ليست بالقصيرة , من خلال كثير من الأحداث التي لا تعد ولا تحصى , إلا أن ما يحدث في "غزة" الآن من عدوان صهيوني صارخ و تآمر وشماتة بعض القوميين العرب , يؤكد أن شعار القومية العرب قد سقط بشكل نهائي , وأن انتماء الإسلام هو وحده الذي يجمع المسلمين ويوحدهم في جميع أنحاء العالم , سواء أكانوا عربا أم عجما . نعم ...لقد انتقد رئيس الوزراء التركي "رجب طيب أردوغان" العدوان الصهيوني الوحشي على غزة منذ بدايته , وتوجه للفلسطينيين قائلا : "لستم وحدكم ولن تكونوا وحدكم أبدا" , على الرغم من أنه ليس عربيا بل تركيا , ولكنه مسلم لا يمكن أن يرضى بما يحل بالمسلمين سواء في غزة أو في غيرها , ومواقفه فيما يخص المضطهدين المسلمين في كل من العراق وسورية وبورما وإفريقيا الوسطى ..... خير دليل على ذلك . ولم يكتف الرجل بالتنديد فحسب , بل اتهم تل أبيب بممارسة "الإرهاب والإبادة الجماعية" , مؤكدا على أن علاقة بلاده "بإسرائيل" وصلت إلى مرحلة "الصفر" , ومشيرا إلى أنه من غير الممكن تطبيع العلاقات معها بعد الآن بسبب عدم تطبيقهم لشروط بلاده . ولم يقف به الأمر عند هذا الحد , بل وصف العالم الغربي على صمته جراء ما يحدث في قطاع غزة بأنه "حلف صليبي جديد" , كما وجه نداء للعالم الإسلامي بضرورة اتخاذ موقف واضح ضد "إسرائيل" وإلا استمرت المشاكل , الأمر الذي دفع "إسرائيل" لاتهام "أردغان" بالتحريض , ناهيك عن إعلانها أمس عزمها تخفض حجم وفدها الدبلوماسي بتركيا للحد الأدنى ، بعد تعرض مبنى القنصلية "الإسرائيلية" في إسطنبول للرشق بالحجارة ورفع الأعلام الفلسطينية على مقر إقامة السفير في أنقرة . وفيما يخص الأفعال أكد أردغان مواصلة دعم أهل غزة إنسانيا من خلال استمرار المساعدات , كما دعت وزارة خاجيته مجلس الأمن للانعقاد بشأن العدوان على غزة , ناهيك عن الاتصالات التركية المكثفة لوقف العدوان بشروط المقاومة - قدر الإمكان – لا بشروط اليهود والأمريكان وحلفائهم من العرب للأسف الشديد . وفي موازاة هذه الموقف التي جاء من دولة ليست بعربية ولكنها إسلامية , قد لا يستطيع المواطن العربي إحصاء المواقف العربية المخزية تجاه العدوان اليهودي على أهلنا بغزة , فناهيك عن الصمت العربي الذي كان سيد الموقف في بداية العدوان , فقد تطور الأمر إلى المشاركة في العدوان , وتحميل الضحية المسؤولية بدل محاسبة الجاني , بل والتجسس لصالح العدو ضد أهلهم وبني جلدتهم من العرب المسلمين . فقد نقل موقع "عربي 21" اللندني أمس عن القناة الثانية "الإسرائيلية" قولها : إن دولة عربية بحثت مع "إسرائيل" في الآونة الأخيرة خططا خاصة للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة ، وبتمويل عربي خالص , ليموت العربي المسلم بأموال العرب !! كما أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية في قطاع غزة قد كشف تورط بعض الطواقم الطبية والإنسانية العربية التي دخلت القطاع مؤخرا في عمليات تجسس لصالح "إسرائيل" . ونقلت قناة “القدس” الفلسطينية عن هذه المصادر قولها “إن معلومات ترقى للحقيقة وصلت إلى حركة حماس وكتائب عز الدين القسام حول تورط بعض أفراد طاقم انساني وطبي عربي في عمليات رصد لمواقع عسكرية في القطاع تحت ذريعة العمل الإنساني”. وبالإضافة لهذه المواقف العربية – الرسمية لا الشعبية - المخزية التي ترقى إلى المشاركة في العدوان , من خلال التجسس لصالح العدو وتمويله في عدوانه على غزة , يأتي دور بعض الإعلاميين العرب على القنوات والصحف التي طالما ادعت وتدعي القومية العربية , لتكمل قصة سقوط تلك القومية المزعومة , وتؤكد انتماءها وعمالتها للحف المعادي للإسلام والمسلمين . فقد قادت بعض تلك القنوات والصحف العربية حملة شرسة ضد فصائل المقاومة الفلسطينية – وعلى رأسها حماس – لشيطنتها وتجريمها , وتحميلها المسؤولية الكاملة عما يجري في غزة الآن , بل وتبرير ما تقوم به "إسرائيل" من عدوان صارخ على غزة , لتنقلب المعادلة رأسا على عقب , حيث باتت "إسرائيل" مسالمة ومعذورة في عدوانها , بل وصديقة , وفصائل المقاومة "إرهابية" ومتهورة ومغامرة . إن ما يحدث في غزة الآن يسدل الستار تماما عن شعار ما يسمى "القومية العربية" , ويؤكد مرة أخرى أن "الإسلام" هو اللواء الوحيد الذي يمكن للأمة العربية أن تنضوي تحت ظله للخلاص من آفات الاحتلال والاستبداد .