المقاومة التي أدهشت العالم
14 رمضان 1435
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

رغم الحصار الخانق طوال عدة سنوات والظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الفلسطينيون في غزة من قلة الطعام والشراب والوقود والأدوية إلا أن رجال المقاومة تمكنوا من تطوير أنفسهم بشكل أدهش العالم أجمع بل وأدهش الاحتلال الصهيوني الذي فوجئ بكمية الصواريخ التي أطلقت على المدن التي يحتلها حتى أنها وصلت إلى أعماق لم تصل إليها من قبل وأصابت أهدافا بدقة داخل الكيان الصهيوني واستهدفت مطار الاحتلال الدولي المسمى "بن جوريون" لأول مرة مما أثار الفزع والرعب في قلوب الصهاينة...

 

إن المقاومة الفلسطينية تقلب جميع المعادلات العسكرية التي يتبناها الغرب ومعه الاحتلال الصهيوني والذي يعتمد عليها في التعامل مع القضية الفلسطينية ويحاول من خلالها هدم إرادة الفلسطينيين وإذلالهم بالتجويع والحصار من جهة والضربات الجوية المدمرة من جهة أخرى حتى يستسلم ويرضخ للقبول بالفتات والعار مدى الحياة...ظن الاحتلال أنه عندما يسمح بوجود كيان للفلسطينيين تحت نظره وفي مرمى أسلحته الثقيلة وذراعه الجوية وطائراته التجسسية سيستطيع أن يحجمه وأن يعلم خباياه ومخططاته ويجهضها في الوقت المناسب ومن هنا كان الانسحاب من غزة من طرف واحد لجعلها مقبرة للمقاومة, لكن المقاومة قلبت السحر على الساحر وصنعت ما لم يكن يتوقعه وأخرجت صواريخ جديدة مذهلة في مداها وفي تأثيرها ولم تفلح طائرات الاحتلال المتطورة ولا أقماره الصناعية في الكشف عنها بل لم تنجح منظومة القبة الحديدية التي منحتها له واشنطن في حمايته وتساقطت الصواريخ كالأمطار على رؤوس الصهاينة في حيفا وتل أبيب وفزع المغتصبون الذين تخيلوا أنهم استولوا على الأرض وأمنوا فيها وتوافدوا من كل حدب وصوب من أجل نهب خيراتها إلا أن رجال المقاومة كان لهم رأي آخر..

 

تعيش "إسرائيل" حاليا مرحلة من أدق وأحرج مراحل تشكيلها ككيان مغتصب فهي تراهن دائما على أنها تضمن الأمن لمواطنيها وتستخدم في ذلك جميع الأسلحة المتاحة بين يديها من ابتزاز العالم بمزاعم المحارق النازية والخوف من جيرانها حتى تصنيع النووي وتجد في ذلك كل الدعم من الدول الكبرى طوال عشرات السنين ولكن فجأة ينكشف الغطاء فليس هناك أمن ولا أمان بل صافرات إنذار تخرق سكون الليل وتقلق راحة النائمين وملاجئ تستقبل الهاربين من نيران الصواريخ...لأول مرة يسارع العالم للاتصال بالفلسطينيين ويستجدونهم من أجل وقف إطلاق النار بعد أيام قليلة من اشتعال المعارك ويبدي الرئيس الأامريكي بنفسه رغبته في التوسط طبعا ليس من أجل وقف نزيف الدم الفلسطيني ولكن خوفا على مشاعر وأحاسيس المغتصبين "المرهفة" التي أقلقتهم انفجارات الصواريخ..

 

الغرب كالعادة لم يأبه للقتلى الفلسطينيين الذين تجاوز عددهم التسعين والجرحى الذين تجاوزوا الخمسمائة ولكن ركز على ضرورة وقف الصواريخ من "الإرهابيين"! هكذا من يدافع عن أرضه وعرضه وأبنائه فهو "إرهابي" عند الغرب هذا هو المنطق الأعوج الذي فجر المنطقة والعالم كله ولا يزال ..المطلوب إذن هو أن يقتل القلسطينيون وتحتل أراضيهم ويصرخون في كل اتجاه طلبا للإغاثة فلا يجدون مغيثا ثم يكتمون غيظهم حتى يموت بقيتهم كمدا من أجل ألا يتهموا "بالإرهاب"!..

 

العرب كالعادة يشاهدون ما يجري ويمصمصون شفاههم, والفلسطينيون على مقربة منهم يقاومون بأقل القليل ويسطرون أرفع أوسمة المجد والعزة في كتاب التاريخ.