إرضاء لليهود وطمعا بالسلطة
4 شعبان 1435
د. عامر الهوشان

هكذا أضحى الهجوم على الإسلام والنيل منه , وسيلة وطريقة مختصرة لإرضاء اليهود والوصول إلى أعلى المناصب في العالم , ليس في التشيك فحسب , بل في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها , حيث لا يمكن لطامح في الوصول إلى البيت الأبيض هناك , إلا بعد أن يمر باللوبي اليهودي ويسترضيهم ويقدم فروض الطاعة والولاء والرضوخ لأطماعهم .
لم تكن المرة الأولى التي يهاجم فيها الرئيس التشيكي الحالي "ميلوش زيمان" الإسلام والمسلمين منذ أيام , بل سبق أن هاجم الدين الإسلامي أكثر من مرة من قبل , في سبيل الوصول إلى السلطة والحكم , وتاريخه يقطر سما وحقدا على هذا الدين الحنيف .
ففي مؤتمر دولي نُظم بمناسبة ذكرى انضمام دول وسط أوروبا الى حلف الناتو عام 2012م , وصف "زيمان" الإسلام بأنه حضارة مضادة تمتد من شمال أفريقيا حتى إندونيسيا ، ويعيش فيها مليارا نسمة , كما وصف القرآن الكريم بأنه يتضمن العديد من النصوص التي تدعو إلى خضوع وعبودية وإبادة الكفار، ولهذا فان الإسلام بهذا المعنى هو أكثر عدوانية وأقل تسامحًا بشكل لا يقاس بالمسيحية والبوذية والكونفوشيوسية وغيرها من الأديان حسب زعمه .
ولم يكن هدذا الهجوم على الإسلام بهذا الشكل العنيف إلا تملقا لليهود واسترضاء لهم حينها , حيث كان ينوي الترشح لمنصب الرئاسة , ويحتاج للدعم اليهودي من أجل الفوز بالمنصب , وقد فاز فعلا في انتخابات عام 2013م , بعد أن قال في مؤتمر 2012م : " إذا كان هناك من دولة تستأهل الانضمام لحلف الناتو في الوقت الحاضر، فهي إسرائيل دون غيرها " .
وها هو يعود إلى نفس اللهجة العدائية للإسلام والاسترضائية لأسياده اليهود , ففي تصريح له منذ أيام في السفارة "الإسرائيلية" في العاصمة التشيكية "براغ" , تعقيبا على الهجوم على المتحف اليهودي في العاصمة البلجيكية "بروكسل" منذ أيام , والذي أودى بحياة "إسرائيليين" وفرنسية تعمل في المتحف , بالإضافة لإصابة بلجيكي :
" إن الإيديولوجية الإسلامية، وليست جماعات فردية تنتمي لأصوليين دينيين، هي التي تقف وراء أعمال عنيفة مشابهة للاعتداء بالأسلحة النارية الذي تعرض له المتحف اليهودي في بروكسل" .
لم يكن جديدا على "زيمان" وعلى أمثاله من المسؤولين الغربيين أن يتهموا الإسلام والمسلمين بارتكاب جناية قبل تحديد هُوية الجناة ودوافع ارتكاب الحادث , فقد عملوا منذ سنوات على ترسيخ وهم تلازم الإرهاب بالإسلام والمسلمين , ولا بد من تأكيد وترسيخ هذه الصورة النمطية الوهمية كلما سنحت الفرصة أو وقعت جريمة .
وبعيدا عن الرد على أمثال هذه الترهات التي لا تستند إلى الأدلة والبراهين , بقدر ما تسند على الكراهية والحقد الدفين غير المبرر على هذا الدين , فإن ما يجري في بلاد المسلمين من قتل وذبح وإراقة دماء مئات الآلاف , دون أن يتحرك ضمير ولسان أمثال "زيمان" , خير دليل على نفاقه ونفاق أمثاله من ساسة الغرب الذي يدعي حماية حقوق الإنسان , وهو أول من يعتدي ويجرم بحقها , وينطبق عليه وعليهم قول الشاعر :
قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر
ومع تقديرنا لردة فعل منظمة التعاون الإسلامي عبر أمينها العام السيد "إياد بن أمين مدني" , والذي عبر عن خيبة أمله إزاء ما نُقِل من تصريحات على لسان الرئيس التشيكي , لافتا إلى أن مثل هذه التصريحات لا تظهر فقط عدم معرفة الرئيس "زيمان" بالإسلام وفهمه الخاطئ له ، ولكنها تتجاهل أيضا الحقائق التاريخية التي تفيد بأن معاداة السامية والعنصرية هما ظاهرتان أوروبيتان بشكل خالص ، ليس لهما جذور في الإسلام بوصفه دينا أو تاريخا أو حضارة .
إلا أنها لم تعد كافية لكبح جماح الهجمة الصهيونية ومن والاها على الإسلام , فالتنديد والرد اللفظي والمنطقي والتاريخي لا يجدي مع هؤلاء مع أهميته , وإنما المجدي هو الرد المادي بجميع ألوانه وأشكاله , سياسيا واقتصاديا وعسكريا , وهو ما يتطلب موقفا موحدا من الدول العربية والإسلامية إزاء أمثال هذه الاعتداءات على الإسلام .
ومع احترامنا الشديد لدعوة الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي "ميلوش زيمان" أن يقدم اعتذار لملايين المسلمين في أنحاء العالم كافة عن تصريحاته بالغة الإساءة للإسلام والمسلمين ، إلا أنه لا بد من التأكيد على أن الاعتذار لا يستجدى استجداء , وإنما يؤخذ عنوة , وتاريخنا الإسلامي حافل بالأمثلة على كيفية رد خلفاء المسلمين على أقل من تلك التصريحات والاعتداءات بكثير , وما قصة خليفة المسلمين هارون الرشيد مع نقفور ملك الروم إلا مثالا واحدا على كيفيثة تأديب من يسيء إلى هذا الدين .