ماذا بعد تزوير الانتخابات العراقية ؟
21 رجب 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

لم تكن أطماع إيران في العراق خافية على أحد , إلا أن وجود نظام سني فيها – بغض النظر عن أخطائه - كان حاجزا دون وصول الصفويين إليها , فما إن اشتمت إيران رائحة مؤامرة على هذا البلد من قبل الأمريكان والغرب - من خلال اتهامات باطلة بوجود أسلحة دمار شامل فيها لتبرير احتلالها - حتى سارعت في الولوج بهذه الصفقة , من خلال استخدام أزلامها في العراق لتسهيل مهمة احتلال ودخول الأمريكان لها , لتمضي بقية الصفقة بتمكين الصفويين في هذا البلد السني الأصيل , بعد رحيل القوات الأمريكية عن العراق عام 2011م .
ولم تغادر القوات الأمريكية هذا البلد إلا وقد خلفت فيه من يحافظ على مصالحها وأهدافها في المنطقة , رغم أن ائتلاف القانون بزعامة "المالكي" حينها كان قد حل ثانيا بعد حزب وائتلاف إياد علاوي , إلا أنه مع ذلك قام بتشكيل الحكومة بدعم وتأييد أمركي واضح .
ومنذ استلام المالكي – الوجه الآخر لإيران - رئاسة الحكومة في العراق , وسياسته قائمة على إقصاء أهل السنة نهائيا عن أي مشاركة سياسية , إضافة لسياسة تهجير آلاف العائلات من بيوتهم عبر المليشيات الشيعية المنتشرة في طول البلاد وعرضها , ناهيك عن استهداف العلماء ورموز أهل السنة في كل مكان .
ورغم المظاهرات السلمية التي عمت البلاد منذ أكثر من عام على هذه السياسة الإقصائية الطائفية , ومطالبة معظم التيارات والأحزاب السياسية في البلاد – بما فيها بعض التيارات المحسوبة على إيران - عدم تولي المالكي رئاسة الحكومة من جديد , نظرا لما جره على البلاد من دماء وخراب واضطراب , إلا أن الدعم الأمريكي الإيراني لسياسة المالكي يحول – فيما يبدو – دون إنفاذ رغبة الشعب في ذلك , ويجعل من تزوير الانتخابات لصالح الرافضة أمرا مستساغا ومقبولا دوليا وغربيا .
فقد فاز ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي بأكبر عدد من مقاعد مجلس النواب في الانتخابات التشريعية التي جرت في الثلاثين من أبريل/نيسان الماضي، لكن دون الحصول على أغلبية , على الرغم من اتهامات واسعة بالتزوير , ودجلائل كثيرة تشير إليه .
وأعلنت المفوضية المستقلة للانتخابات أمس - في مؤتمر صحافي بالعاصمة بغداد- أن ائتلاف دولة القانون فاز بـ92 مقعدا من أصل 328 في البرلمان، مشيرة إلى أنه نال أكبر عدد من المقاعد في عشر محافظات .
ولم تكتف القوى الداعمة للمالكي بترجيح كفته على أحزاب أهل السنة مجتمعة , بل عززت هذا التفوق بفوز الأحزاب الشيعية العراقية بالمرتبة الثانية والثالثة بعد حزب المالكي , فقد حلت كتل التيار الصدري بالمرتبة الثانية 31 مقعدا، في حين حصل ائتلاف المواطن بزعامة رئيس المجلس عمار الحكيم على المرتبة الثالثة بـ29 مقعدا.
وبهذه النتائج تغدو سيطرة الأحزاب الشيعية - التابعة لإيران أولا وآخرا – على السياسة والقرار العراقي واضحة وفاضحة , ليستمر بذلك النهج والنفس الطائفي الذي تنتهجه إيران منذ فترة في المنطقة , دون أن نرى بوضوح موقفا سنيا موحدا تجاه السياسة الصفوية الطائفية .
لقد ظهر جليا أن الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة ما هي إلا محطة لتكريس الهيمنية الشيعية على العراق , وأن النتائج محسومة لصالح المالكي وطهران حتى قبل أن تبدأ الانتخابات , فالجيش والمليشيات الشيعية التابعة للمالكي تعيث في العراق فسادا , وتنحرف بالعملية الانتخابية عن مسارها الصحيح .
لقد أكد المالكي - عبر أكثر من تصريح - ثقته بالفوز بالانتخابات رغم كل الجرائم التي ارتكبها بحق العراقيين من أهل السنة , كما أنه أجرى اتصالات مع عدد من الكتل السياسية لتشكيل حكومة الأغلبية السياسية حتى قبل صدور النتائج النهائية للانتخابات , فماذا يعني ذلك سوى أن الانتخابات صورية وشكلية ؟!
ورغم تشكيك كثير من الأحزاب والتيارات السياسية المختلفة في نزاهة الانتخابات ، بسبب استبعاد مرشحين والقيام بعمليات عسكرية سبقت إجراء الانتخابات , ناهيك عن تزوير واضح وقع أثناء فرز الأصوات وعدها , إلا أن ذلك لم يحل دون إصدار النتائج النهائية دون أن نسمع أي تعليق من قبل أمريكا والغرب على ذلك .
وبينما ادعت مفوضية الانتخابات بأن نسبة التصويت بمناطق حزام بغداد زادت عن 90% - وهي المنطقة المحاصرة أمنيا وبالفيضانات – فإن الحقيقة التي يقبلها العقل والمنطق يرفض تصديق أو تقبل ذلك .
وإذا ما مرت نتائج هذه الانتخابات دون تحقيق أو تعديل , فإن ما بعد ذلك يعني هيمنة إيرانية كاملة على العراق , ومخاطر حقيقية على أهل السنة في العراق وجوارها , فما هي ترتيبات دول أهل السنة إزاء ذلك ؟؟