لماذا يبحثون عن خلف للإبراهيمي ؟؟
15 رجب 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

أخيرا قرر الابراهيمي أن يستقيل , وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" هذه الاستقالة أمس الثلاثاء , لتنتهي مهمة المبعوث الأممي الثاني لسوريا "الأخضر الإبراهيمي" بشكل فعلي يوم 31 مايو/أيار الجاري , بعد قرابة عامين على توليه هذا المنصب دون أن يفعل شيئا سوى إعطاء الفرصة تلو الأخرى للنظام السوري للقضاء على الثورة الشعبية دون جدوى . لم يكن صحيحا أن سبب استقالة الابراهيمي هو ترشح بشار مجددا لانتخابات الرئاسة – بينما المفروض تشكيل حكومة بصلاحيات كاملة تمهيدا لإزالة حكمه - وإنما هي القشة التي قسمت ظهر البعير كما يقال , والذريعة - التي وجدها الابراهيمي – الأنسب لإعلانه الاستقالة ليحفظ ما تبقى من ماء الوجه - إن بقي منه شيء - بعد كل الذي حدث - وما زال يحدث – في سورية من مجازر وفظائع على يد بشار ومليشياته . ورغم إعلان الإبراهيمي عن "إحباطه وشعوره باليأس" من عجزه عن إحراز أي تقدم في الصراع السوري للتوصل إلى حل سياسي , إلا أن ذلك لا يعفيه من المسؤولية عن المجازر المروعة التي حدثت أثناء توليه منصب المبعوث العربي والدولي المشترك لسورية , دون أن يضع النقاط على الحروف ويحدد مسؤولية النظام الكاملة عما يجري في البلاد من خراب ودمار وقتل , أو أن يعتزل من البداية بعد أن أيقن بالتخاذل الدولي عن حل الأزمة السورية بشكل عادل . لقد كان واضحا منذ بداية الثورة السورية أن المجتمع الدولي – وعلى رأسهم من يزعمون أنهم أصدقاء الشعب السوري من الدول الغربية – يبحث عن بديل مناسب للنظام السوري , يكون حاميا للحدود الشمالية للكيان الصهيوني , ومحققا لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية والغرب في المنطقة كما كان نظام بشار . وحين لم يجد الغرب هذا البديل المناسب بعد تصريحاته النارية في البداية عن وجوب تنحي بشار , أراد أن يدير الحرب السورية حتى يجد ذلك البديل , ولم يجد خيرا من أكذوبة وخديعة "المبعوث العربي والدولي لسورية" لتنفيذ ذلك , ليوهم العالم بأنه يبحث عن حل دبلوماسي للأزمة السورية , بينما هو في الحقيقة يبحث عن مثيل لعميله بشار في المنطقة . لقد تولى كوفي عنان - الأمين السابق للأمم المتحدة - هذه المهمة في بداية عام 2012م , ووضع خطة لحل الأزمة السورية من ست نقاط , إلا أن النظام السوري أفشل هذه المهمة , بغطاء روسي ودولي . وما إن قدم كوفي أنان استقالته حتى سارع المجتمع الدولي في اختيار الأخضر الإبراهيمي خلفا له في أغسطس عام 2012م , ولتبدأ دمية جديدة من دمى الغرب والمجتمع الدولي عملها في إطالة أمد الحرب السورية , وإعطاء الغطاء الدولي للنظام السوري لإجهاض أول ثورة سورية مسلحة , والقضاء على المجاهدين من أهل السنة فيها . ورغم تماهي بعض أطراف المعارضة السورية مع المجتمع الدولي , في أكذوبة الحل الدبلوماسي والتفاوضي مع نظام مجرم وعميل كنظام بشار , وموافقة الائتلاف السوري على الجلوس على طاولة واحدة معه للوصول إلى انتقال سلمي للسلطة في سورية عبر محادثات ما سمي بجنيف2 , إلا أن النظام أفشل جولتي محادثات السلام التي جرت في كل من مدينة "مونتيرو" و"جنيف" في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط . وها هو المجتمع الدولي – بما فيه روسيا حليف بشار – يبدي حرصه الشديد على إيجاد خليفة للابراهيمي فورا , فقد اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي "جينادي جاتيلوف" أن استقالة مبعوث السلام الدولي الأخضر الإبراهيمي يجب ألا تعطل الجهود الدبلوماسية لحل الصراع السوري , ونقلت وكالة "إيتار تاس" الروسية للأنباء عن جاتيلوف قوله : "روسيا تفترض أن الذي سيخلف الإبراهيمي في المستقبل.. سيضمن الاستمرارية بعد رحيله " . لقد أضحت روسيا – من خلال وجود المبعوث الدولي أيا كان – حمامة سلام للشعب السوري , في إشارة واضحة إلى ضرورة وجود هذا المبعوث بالنسبة لروسيا - قبل أمريكا والغرب - ليكون الدليل الصوري لحرصها على السلام في سورية , بينما هي في الحقيقة الشريك الأول في قتل السوريين وتهجيرهم من ديارهم . هناك عدد من الأسماء مرشحة لتخلف الإبراهيمي في مهمته ، من بينها وزير الخارجية التونسي السابق "كمال مرجان "، و كذلك "سيغريد كاغ" رئيسة البعثة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة المكلفة بالإشراف على تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي القاضي بنزع الترسانة الكيميائية السورية , بالإضافة إلى اسم الأمين العام السابق لحلف شمال الأطلسي "ناتو" "خافيير سولانا" . فلماذا كل هذا الحرص على وجود مبعوث خاص للمجتمع الدولي للأزمة السورية ؟؟ ولعل الإجابة قد باتت واضحة : حفظ ماء وجه جميع الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السورية – أمريكا والغرب وروسيا وغيرهم – أمام عجزهم عن إيقاف المجازر الوحشية وجرائم الحرب التي ترتكب هناك على يد قوات بشار ومليشيات حزب الله , والتي لم يحدث مثلها في التاريخ المعاصر , من خلال أكذوبة الحل الدبلوماسي والسياسي عبر المبعوث الدولي .