الإساءة للنبي الكريم وسنته.. إلى متى الأمن من العقوبة؟
19 شوال 1435
تقرير إخباري ـ محمد لافي

على الرغم من موجات الاستنكار والرفض التي تعقب أي إساءة أو تطاول على الدين أو رموزه أو مقدساته, وبالرغم من تعالي الأصوات المنادية بمحاكمة مقترفيها وردعهم, إلا أن مثل هذه التجاوزات, لا تزال تصدر بين حين وآخر وبوتيرة أسرع مما كانت عليه في السابق يتولى كبرها في كل مرة نشطاء وكتاب ليبراليون  في بلد تضع كتاب الله وسنته دستوراً لها وخطا احمرا لا ينبغي تجاوزه.

 

فبعد الموجات الغاضبة التي أحدثتها عدد من التجاوزات خلال الأعوام الثلاث الماضية, وكان آخرها للكاتبين محمد وحصة آل الشيخ اللذان ينحدران من عائلة تعود أصولها للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب حين أنكرا أحاديث نبوية وردت في صحيحي البخاري ومسلم بحجة تعارضهما مع العقل, خرجت ما تسمى بـ الناشطة الليبرالية سعاد الشمري بتغريدة تحمل إساءة واضحة للنبي صلى الله عليه وسلم وتصف هديه الكريم بالغباء.

 

الشمري التي شغلت منصب الأمين العام والمتحدث باسم الشبكة الليبرالية السعودية الحرة قالت على حسابها في تويتر “من أغبى الأقوال أن تربية اللحية مخالفة للمشركين، مشركو الماضي والحاضر؛ اليهود والكهنوت الشيوعيون الماركسيون بلحى، أبو جهل لحيته أطول من لحية الرسول”.

 

وعلى الرغم من محاولتها لاحقاً لتبرير موقفها بأن كلامها قد أسيء فهمه, إلا أن ذلك لم يخفف من حدة الغضب الذي أحدثه هذا التطاول, خاصة وأنها لم تكن المرة الأولى التي تحتشد فيها الأصوات مطالبة بمحاكمتها لإساءات مماثلة. ومن ذلك حين وصفت الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه ليبرالي وبأن الدين الإسلامي دين ليبرالي, وأيضاً بسبب تصريحاتها التي هاجمت فيها الداعيات السعوديات وقالت بأن خطابهن مختزل بالغريزة الجنسية".

 

علماء ودعاة يطالبون بمحاكمتها
وكان من أبرز الذين استنكروا هذه الإساءة, عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي فضيلة الشيخ عبدالله بن منيع الذي علق على هذا التطاول بقوله إن سعاد الشمري مجرمة وخبيثة وستحاسب على تطاولها على النبي الكريم.., لقد قرأنا تغريدتها وستنال جزاءها بإذن الله".

 

أما الشيخ محمد النجيمي أستاذ المعهد العالي للقضاء والخبير بمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة فعلق قائلاً “ما نسب إلى سعاد الشمري إن كان قولها عن علمٍ فهو ردة يجب استتابتها من الجهات المختصة، فإن تابت في المدة المحددة شرعاً وإلا أقيم عليها حد الردة، وإن كانت جاهلة فتعلم، فإن أعلنت عن رجوعها عما قالت وإلا فتتأكد ردتها”.

 

ويؤكد العلامة الشيخ عبد العزيز الطريفي على أنه لو أقيم حد الردة على معتد واحدٍ على الله ونبيه صلى الله عليه وسلم لما تكرر التعدي مراراً ولما وُجدت الأقلام المهوّنة لذلك مضيفاً أن "النبي صلى الله عليه وسلم ليس بحاجة إلى أن يدافع عنه أحد، ولكن كل أحد بحاجة إلى أن يدافع عنه، حتى يثبت إيمانه به"

 

أما إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ سعود الشريم، فقد بين أن الاستهزاء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم كفر بواح. مضيفاً أن المستهزئ إن كان جاهلا بين له ليتوب، فإن أبى فقد قال الله (وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا).

 

كما طالب الشيخ عادل الكلباني  بمحاكمة عاجلة للناشطة سعاد الشمري؛ بسبب تطاولها على الرسول - صلى الله عليه وسلم - واستهزائها به.

 

وقد اعتبرت الهيئة العالمية للتعريف بالنبي الكريم في بيان لها ما جاء في حساب الكاتبة الليبرالية، - إن لم تعذر بجهلها - محادة لله ولرسوله واستخفافٌ بالهدي النبوي الشريف, داعية إلى إحالتها إلى القضاء الشرعي لمغالطاتها المستمرة نحو أحكام الشريعة ونصوص القرآن والسُّنة،

 

وجاء في بيان الهيئة "إنه لمن المؤسف والمخجل لأمة الإسلام أن يوجد فيها مَنْ يتمادى في التطاول على الجناب النبوي الشريف بعبارات الاستخفاف والاستهزاء والوصف لبعض أقوال النبي صلى الله عليه وسلم بالغباء، مؤكداً البيان على ضرورة تطبيق الأنظمة التي يكف بها السفهاء، ويردع المتطاولين المعتدين، ويرشد الجاهلين.

 

استنكار مجتمعي
و جاء رفض المجتمع بكافة فئاته لهذا التطاول من خلال وسم على موقع تويتر بعنوان "سعاد الشمري تتهم النبي بالغباء"، عبّر المشاركون فيه عن استيائهم من سخرية الشمري وخوضها فيما لا تتقنه ولا فقه لها به كما طالبوا بمحاكمتها واستتابتها, مؤكدين على ضرورة إلجام كافة المتطاولين على سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديثه الشريفة.

 

واستنكر المشاركون في الوسم ضياع هيبة الدين في دولة الرسالة, مشيرين إلى أن هذا التعدي لم يكن ليفلت صاحبه من المساءلة لو أنه توجه به إلى إحدى الشخصيات الشهيرة. فلماذا يسكت عمن انتقصت السنة النبوية وصاحبها أشرف الخلق عليه الصلاة والسلام, كما يرى البعض أن إقدام الليبراليين على استفزاز مشاعر المجتمع بمثل هذه الإساءات إنما يأتي في أوقات محددة وبترتيب مسبق لإشغال الناس عن بعض القضايا الهامة.

 

وبالرغم من الأثر الذي يحدثه الاستنكار المجتمعي في الذب عن حمى الدين وكشف المتطاولين عليه, إلا أن البعض يرى أن تجاهل مثل هذه الإساءات خير وسيلة للحد من انتشارها, وهذا ما أكده بالفعل الشيخ عبد العزيز الطريفي حيث يرى عدم جواز تناقل أقوال التنقص للنبي صلى الله عليه وسلم التي تصدر من البعض إلا لمن يملك النصرة وتكون إجمالا دون تفصيل مؤكداً إلى أن إشاعة هذه الأقوال أعظم عند الله من إشاعة الفاحشة.

 

محاكم شرعية وليس وزارة الإعلام
ويرى كثيرون من بينهم علماء ودعاة أن القرار المعمول به في مثل هذه الحالات بإحالة قضايا الإعلاميين إلى وزارة الإعلام بدلاً من المحاكم الشرعية كان من أبرز الأسباب التي مكنت بعض الكتاب من التمادي في الإساءات لرموز الإسلام ومقدساته, وتجرئهم وأمنهم العقوبة وهذا ما أكده في حوادث مختلفة كل من مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ والدكتور ناصر بن سليمان العمر, والشيخ عبد العزيز الطريفي والشيخ سعد البريك

 

وأجمع الدعاة على رفضهم محاكمة من تطاول على النبي صلى الله عليه وسلم أمام وزارة الإعلام بدلاً من المحاكم الشرعية, مؤكدين أن هذه دولة مسلمة ولديها قضاء عادل وكل الأمور والخصومات مرجعها المحاكم الشرعية, مطالبين بإحالة جميع قضايا المتطاولين على الله ورسوله إلى القضاء الشرعي ليحكم فيهم بما أنزل الله.

 

وبالرغم من أن المجتمع المسلم يظهر في مواجهة هذه الإساءات غيرةً على دينه ورسوله صلى الله عليه وسلم ويرى أن ذلك من الحقوق التي لا يمكن التهاون فيها, إلا أنه يرى أن من حقه أيضاً أن يلمس تحركاَ رسمياً يلجم  تلك الإساءات ويعيد أصحابها إلى جادة الصواب ويقطع الطريق على من تسول له نفسه المساس بثوابت الدين ورموزه ومقدساته.