دلالات الإعلان عن الجبهة الإسلامية في سوريا
20 محرم 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

لم تكن خطوة الإعلان عن تشكيل (الجبهة الإسلامية) في سوريا هي الأولى من نوعها نحو تحقيق الوحدة المأمولة بين كتائب وألوية الثورة السورية , فقد سبقتها خطوات كثيرة سابقة : كالإعلان عن تشكيل جيش الإسلام الذي يضم أكثر من 43 فصيلا مقاتلا ومبايعة محمد زهران علوش قائدا عاما لهذا الجيش , وكذلك الإعلان عن تشكيل الجبهة الإسلامية السورية في بداية عام 2013م والتي ضمت 11 كتيبة وجماعة وحركة , إلا أنها كانت خطوات محلية لاجتماع كتائب المحافظة الواحدة في الغالب الأعم .
وتنفرد خطوة الإعلان عن تشكيل (الجبهة الإسلامية) بشمولها أكثر من محافظة سورية ثائرة , كما أن أهميتها تنبع من كونها تجمع بين أهم الفصائل والألوية الكبيرة المقاتلة ضد نظام بشار الأسد والمليشيات الشيعية الداعمة له , ناهيك عن تأكيدها الصبغة الإسلامية للثورة السورية , وإعلانها ولأول مرة عن لعب دور سياسي إلى جانب الدور العسكري .
فقد أعلنت بالأمس سبعة فصائل مقاتلة بمناطق مختلفة بسوريا اندماجها في تكتل واحد باسم "الجبهة الإسلامية"، يهدف لإسقاط نظام بشار الأسد و"بناء دولة إسلامية راشدة " , وتضم الجبهة كلا من : حركة أحرار الشام الإسلامية, وجيش الإسلام, وألوية صقور الشام, ولواء التوحيد, ولواء الحق, وكتائب أنصار الشام، والجبهة الإسلامية الكردية , والتي تنشَط في مناطق دمشق وريفها ومحافظات حمص واللاذقية وحماة وإدلب وحلب ودير الزور.
ومن أبرز دلائل هذه الخطوة ما يلي :
1- أنها جاءت عقب استشهاد قائد لواء التوحيد عبد القادر الصالح , الذي كان من أبرز الداعين والمشجعين لهذه الخطوة، عبر لقاءاته المتتالية مع قادة أحرار الشام وصقور الشام وجيش الإسلام , ليأكد هذا الدين من جديد أن المطلوب من المسلم هو إخلاص النية والعمل لله , وترك ظهور وتحقق النتائج لله تعالى , حيث من الممكن ألا تظهر تلك النتائج في حياة صاحبها , ولكن جهوده بلا شك لن تضيع سدى , وأن الثواب والأجر قد كتب له بإذن الله , ناهيك عن إمكانية تحقق النتائج بعد وفاته , وهذا ما حصل تماما مع جهود القائد الشهيد عبد القادر الصالح , التي ظهرت نتائجها بعد وفاته بأسبوع واحد فقط , وهو درس عظيم لا بد أن نتدبره .
2- التأكيد على الصبغة الإسلامية للثورة السورية , تلك الصفة التي لا يماري بها إلا كل غافل أو حاقد , فمعظم الفصائل المقاتلة على الأرض ذات صبغة إسلامية واضحة , وهي الصفة التي كانت وما زالت تقلق الغرب وتقض مضاجعه , وتجعله لا يكتفي بعدم مساعدة الثوار والوقوف مع نظام بشار , بل جعلته يتآمر على هذه الثورة لإجهاض مشروعها الإسلامي , من خلال إلصاق تهمة الإرهاب والتشدد بفصائلها ومقاتليها , وهي لعبة باتت مكشوفة ومفضوحة.
و قد ظهرت الصبغة الإسلامية في نص بيان تشكيل الجبهة , التي تهدف إلى إسقاط نظام بشار وبناء دولة إسلامية راشدة تكون فيها السيادة لله عز وجل وحده مرجعا وحاكما وناظما لتصرفات الفرد والدولة .
وحتى لا يصطاد الغرب وأعداء الثورة بالماء العكر , ويوقعوا بين الثوار من خلال التحريض والتشويه ونشر الشائعات , أكد رئيس مجلس الشورى للجبهة الإسلامية أحمد عيسى الشيخ عدم تعارض عمل الجبهة مع عمل الجيش السوري الحر , كما أكد على تعاون الجبهة مع كل العاملين المخلصين على الجبهة السورية , موضحا أن الهدف من اندماج هذه الفصائل والألوية هو "إحداث نقلة نوعية في الحراك العسكري ورص الصفوف وحشدها بشكل يجعلها بديلا للنظام في جميع الصعد".
3- إدراك جميع الفصائل المقاتلة على الأرض السورية ضرورة وأهمية الوحدة للوصول إلى هدف إسقاط نظام بشار , وأن طول أمد المعركة لم يكن بسبب نقص الذخيرة وكيد الأعداء فحسب , بل بسبب الفرقة التي يعمل بها ألوية وكتائب الثوار , وأنه لا بد في النهاية من الاعتصام بحبل الله تعالى جميعا , ليس على المستوى المحلي من خلال وحدة بعض الكتائب والألوية في المدينة والمحافظة الواحدة , بل على صعيد أكثر المحافظات السورية كما هو الشأن في خطوة (الجبهة الإسلامية) , وهو ما أشار له أحمد عيسى الشيخ بتأكيده على أن الجبهة نواة لإحياء ما أسماه فريضة الاعتصام وتحقيق آمال السوريين .
لقد أكدت شريعة الإسلام وجوب الوحدة في كل المجالات وخاصة في أمر الجهاد , فمن المعلوم أن أمر الجهاد موكول إلى الإمام في الفقه الإسلامي , مما يعني وجوب الوحدة في القتال , وجعل الأمر يصدر عن قيادة واحدة موحدة ترضاها الجماعة الإسلامية , حتى يتحقق النصر المأمول من الله تعالى في أقرب وقت ممكن .
4- الإشارة إلى الدور السياسي لهذه الجبهة إلى جانب الدور العسكري , وهي المرة الأولى التي يعلن بها كيان عسكري سوري عن لعب دور سياسي , مما يبعث الأمل بإمكانية انبثاق هيئة سياسية سورية من الداخل السوري تعبر عن آمال وطموحات الشعب السوري الحقيقية , والتي دفع ثمنا باهظا من أجل الوصول إليها , بعيدا عن المعارضة الخارجية التي لم تستطع التعبير عن طموحات وآمال السوريين , كما أنها لم ترتق إلى مستوى تضحياتهم الكبيرة والعظيمة .
وقد ظهر هذا الدور السياسي في نص بيان تشكيل الجبهة , حيث عرف أحمد عيسى الشيخ الجبهة بأنها : جبهة سياسية عسكرية اجتماعية مستقلة تهدف إلى إسقاط نظام الأسد في سوريا وبناء دولة إسلامية راشدة تكون فيها السيادة لله عز وجل وحده مرجعا وحاكما وناظما لتصرفات الفرد والدولة .
ومع الاستبشار بالإعلان عن مثل هذه التجمعات والتشكيلات الوحدوية الجديدة , والتي نأمل أن تستمر حتى إعلان اجتماع ووحدة جميع الفصائل المقاتلة على الأرض السورية , إلا أنه لا بد من التأكيد على وجوب وجود آثار عملية فعلية على الأرض لمثل هذه التجمعات , فما لم يكن هناك تواجد حقيقي للجبهة على الأرض فإنها لن تختلف كثيرا عن كيانات تشكلت في السابق , مما يعني أنها – لا قدر الله – مجرد دعاية إعلانية ليس لها أي مردود أو تأثير على أرض الواقع , الأمر الذي قد يفقد أمثال هذه التشكيلات المصداقية عند أبناء الشعب السوري .
فنسأل الله العلي القدير أن يرينا نتائج هذا التشكيل على الأرض في القريب العاجل , ليكون حافزا لمزيد من التجمعات والتشكيلات , التي تعجل في انتصار الثورة السورية وتشكيل الدولة الإسلامية المنشودة .