هل سيعقد مؤتمر جنيف2 ؟؟
10 ذو الحجه 1434
تقرير إخباري ـ المسلم

يبدو أن الأجواء لم تعد ملائمة ولا مشجعة لعقد مؤتمر جنيف2 بشأن سورية حتى لأشد المتحمسين له , سواء من قبل نظام بشار الذي كان يعول كثيرا على عقد هذا المؤتمر من قبل , نظرا لما كان يمثله المؤتمر له من اعتراف به وبنظامه بعد كل جرائمه ومجازره , حيث يعطي المؤتمر له ولنظامه اعترافا واضحا بكونه مفاوضا أساسيا ولاعبا مركزيا , وقد نال هذا الاعتراف باتفاق نزع السلاح الكيماوي .
أو بالنسبة لروسيا – حليف الأسد – التي طالما نادت بضرورة عقد المؤتمر والإسراع به قبل الاتفاق الكيماوي , ثم فترت حماستها لعقد المؤتمر بعد ذلك الاتفاق , نظرا للتوافق بين موقفها و الموقف الأمريكي من ناحية أفضلية بقاء الأسد ما لم يوجد البديل المناسب والملائم لمصالحهما ومصالح إسرائيل .
أو حتى للولايات المتحدة الأمريكية والغرب , خاصة بعد حصولها على ما تريد من بشار وهو تدمير الكيماوي , ناهيك عن زيادة نفوذ وقوة الفصائل المقاتلة على الأرض السورية وضعف الائتلاف الوطني السوري , مما يضعف فاعلية وتأثير انعقاد مؤتمر جنيف2 حسب زعمها .
ويبدو أن كثيرا من المعطيات التي كانت تدفع لضرورة انعقاد جنيف2 قد تلاشت وتبخرت , فالسلاح الكيماوي السوري الذي كان وقوعه بيد المجاهدين في سوريا يخيف ويرعب الغرب وأمريكا وإسرائيل قد بات في مأمن الآن , ناهيك عن معطيات أخرى جعلت من عقد المؤتمر أمرا بعيد المنال في الوقت الراهن .
ولعل من أهم هذه المعطيات التي تشير إلى ضعف إمكانية عقد هذا المؤتمر في القريب العاجل أو الآجل ما يلي :
1- تسريب معلومات - قيل إنها باتفاق روسي أمريكي - حول إمكانية بقاء الأسد عامين آخرين في السلطة , بحجة صعوبة إجراء انتخابات في الوقت الراهن , مع ملايين المهجرين والنازحين , وخروج كثير من المناطق من سيطرة النظام , مستندين قانونيا لنص الفقرة 2 من المادة 87 من الدستور السوري الأخير : (إذا انتهت ولاية رئيس الجمهورية ولم ينتخب رئيس جديد يستمر رئيس الجمهورية القائم في ممارسة مهامه حتى انتخاب الرئيس الجديد )
ومن الواضح أن كل هذه التبريرات حجة تظهر خلفها رغبة أمريكية باستكمال نزع وتدمير أسلحة سورية الكيماوية , التي تستدعي بقاء الأسد في السلطة للمساعدة في ذلك , ناهيك عن رغبتها في استمرار الحرب السورية , علها تسفر عن تمكن بشار من القضاء على المجاهدين المتشددين – حسب الوجهة الأمريكية – أو على أقل تقدير إضعافها وإنهاك قواها , وتمهيد الطريق للمعارضة السورية السياسية - المصنوعة على عين الولايات المتحدة والغرب - من الوصول للسطلة .
2- تصريح بعض الكتائب والقوى المقاتلة في سوريا بعدم اعترافها بالائتلاف الوطني ممثلا شرعيا وحيدا للشعب السوري , وهي قوى فاعلة وذات أهمية ميدانية كبيرة , مما يضعف صورة تمثيل الائتلاف الوطني السياسية الضعيفة أصلا , ويجعل من عقد المؤتمر دون فائدة , ما دام الائتلاف لا يملك أي قوة أو نفوذ على أرض المعركة السورية .
3- إعلان المجلس الوطني السوري المعارض بالأمس عدم المشاركة في مؤتمر جنيف 2 ، وتهديده بالانسحاب من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في حال قرر الأخير المشاركة , مما زاد من تعقيد إمكانية انعقاد المؤتمر , وتوجيه الضربة القاضية له .
وقد جاء قرار المجلس معللا بصمت المواقف السياسية الإقليمية والدولية عن معاناة الشعب السوري والمجازر الوحشية التي يرتكبها النظام وحلفاؤه الطائفيون – وكان آخرها مجزرة الحسينية والذيابية جنوب دمشق - وتعارض ذلك مع أهداف الثورة السورية وثوابتها , معتبرا أن عدم تمكين الشعب السوري من الدفاع عن نفسه , وعدم الوفاء بوعود تسليحه ودعمه ، واختزال قضيته بمسألة نزع السلاح الكيمائي سبب كاف لعدم حضور المؤتمر , ناهيك عن أن الظروف الميدانية في سوريا والوضع الإقليمي والدولي لا تعطي أي انطباع بأن مؤتمر جنيف 2 يمكن أن يقدم للسوريين شيئا .
ولعل هذا الموقف محاولة لإعادة بعض الثقة بالمجلس والائتلاف من قبل الفصائل المقاتلة على الأرض والشعب السوري بعد موافقته السابقة على حضور المؤتمر, ومحاولة لإعطائه قبلة الحياة من جديد , قبل أن يموت سريريا أو واقعيا وعمليا , الأمر الذي يؤكد انفعالية الائتلاف وعدم فاعليته , وارتباطه بأجندات إقليمية ودولية لا تعبر عن طموحات وآمال الشعب السوري لا من قريب ولا من بعيد , بل لا يستبعد كون موقف رفض حضور المؤتمر بتحريض وتوجيه دولي نظرا لصعوبة عقده في المرحلة الحالية , ولإخراج الغرب وأمريكا من الحرج في حال عدم انعقاده , حيث سيتم توجيه اللوم للائتلاف برفضه المشاركة , ويدعم بقاء الأسد والحرب الذي ترغبه أمريكا والغرب وإسرائيل وروسيا .
4- لقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الابراهيمي في لندن اليوم , والذي انتهى دون أي مؤشرات واضحة لموعد انعقاد هذا المؤتمر .
حيث اكتفى وزير الخارجية الأمريكي كيري بالتصريح في نهاية الاجتماع بوجود حاجة ملحة لتحديد موعد قريب لمؤتمر السلام في سوريا على حد وصفه , دون تحديد أي موعد محدد له , ناهيك عن ترديد اسطوانة فقد الأسد لشرعيته – رغم إشادة كيري نفسه بتجاوب نظام الأسد مع مفتشي الكيماوي مما يعد اعترافا ضمنيا بشرعيته - ووجوب إيجاد حكومة انتقالية , ونية الغبراهيمي التوجه للمنطقة لإجراء اتصالات بشأن الأزمة السورية ومؤتمر جنيف2 .
إن كل المؤشرات تؤكد صعوبة انعقاد هذا المؤتمر في الوقت القريب , وأنه على فرض انعقاده في المستقبل فإنه لن يكون بأي حال من الأحوال في مصلحة الثورة السورية , بل على حسابها ولصالح بشار وحلفائه روسيا وإيران , ولعل التقارب الأمريكي الإيراني الروسي من أكبر الأدلة على ذلك .
إلا أن المعركة على الأرض السورية هي التي تحدد في النهاية مسار العملية التفاوضية المستقبلية إن حصلت , وبالتالي فعلى الثوار أن يدركوا أهمية الوحدة واجتماع الكلمة في هذه الفترة الحرجة , وأن إسقاط النظام هو الهدف الأول للثورة السورية , وأن أي انشغال بأمور خلافية جانبية بين الفصائل المقاتلة في هذا الوقت يطيل من عمر النظام ويعيق نجاح الثورة .