أنت هنا

هل تم اختطاف رئيس الحكومة الليبية؟!
7 ذو الحجه 1434
موقع المسلم

إذا كان رئيس الوزراء الليبي علي زيدان لا يعرف من هم خاطفوه؛ فليس بوسع الآخرين أن يدلوه على ذلك!
وإذا كان غير قادر على تسمية الخاطفين، ولا يمكنه أن يشير إلى "الجهات السياسية" التي لم يسمها وقال إنه يحملها مسؤولية نشر الوثائق المهمة التي كانت بحوزته؛ فكيف يكون جديراً بحكم ليبيا؟!
فإن كان الانفلات الليبي قد وصل حد اختطاف رئيس الحكومة وتوجيه رسالة من خلال اختطافه، ثم الإفراج عنه دونما أي إجراء تجاه الخاطفين، ولا حتى تسميتهم؛ فإن سراً ما يريد علي زيدان إخفاءه إما لتورطه أو لعجزه، وكلاهما لا يمنح رئيس الوزراء الحق الأدبي في مواصلة أداء مهمته.
الموقف كان مشيناً للنظام الليبي، كون ما جرى لا يرقى حتى لكونه محاولة انقلابية بالمعنى التقليدي، إذ لم تخرج العربات المائة التي قالت الروايات أنها أحاطت بالفندق الذي يقيم فيه رئيس الوزراء واختطفته، من ثكنة عسكرية، وإنما خرجت من جهة أقرب أن تكون من الأمن الداخلي، في غياب تام من الأجهزة المخولة بحماية رئيس الوزراء، لكن هذا الإحراج الذي يدفع بعض الشيء احتمالية تورط زيدان شخصياً في عملية الاختطاف، والتي لم تستمر إلا لساعات، لا يقلل من غموض مغزى العملية التي هدفت على ما يبدو إلى إيصال رسالة سياسية فقط لا الإطاحة بحكومة زيدان؛ فالرجل خرج مباشرة من موقف ضعيف؛ ليستثمره مصرحاً بأنه "عملية اختطافه كانت محاولة انقلاب على الشرعية"، وأخذ يلمح إلى مغبة ترك الميليشيات وحتى القوى السياسية دون ضبط ما..
زيدان نفسه ليس محتاجاً إلى هذا اللف والدوران لتحقيق أهداف عجز عنها حتى الآن، لكن أطرافاً خارجية، وأخرى محلية بحاجة إلى استثمار الحدث إن لم تكن ضالعة فيه، من أجل تحقيق أهداف شتى، قد يعارض بعضها بعضاً.. فإرادة تذويب الميليشيات الثورية بخيرها وشرها في جيش نظامي منضبط "دولياً" وقادر على منع تيارات معينة من الوصول إلى سدة الحكم، هو أحد تلك الأهداف..
وتسميم الوضع الأمني برمته في ليبيا، استدعاء لتدخل أجنبي، مباشر أو غير مباشر، من أجل ضبط إيقاع السياسة الليبية، وتحديد الجهات السياسية لتولي زمام الأمور وحدها دون تقاسم للسلطة مع من أطاحوا فعلياً بالقائد الليبي السابق معمر القذافي، هو أمر وارد كذلك..
أيضاً؛ فإن المظالم الواقعة على فصائل حررت البلاد، ثم أبعدت عن مراكز القرار والتأثير في ليبيا، او تقاوم حصول هذا، هو أحد مبررات عملية كهذه، وشقائقها، وهو أحد أهداف بعض تلك الفصائل أن توقف الزحف التغريبي في البلاد، والقاضي برهن الإرادة الليبية لمن ساهموا في الإطاحة بالقذافي من دول الغرب..
أخيراً؛ فإن القرصنة الأمريكية على ليبيا لحد اختطاف مواطن ليبي، مهما كانت تهمته لدى الأمريكيين، وانتهاك السيادة الليبية، هو حافز كبير لجهات ترى أن الاختطاف شرعة الدول الكبرى، وهو "حلال" لها في عرفها، فلم لا يصير كذلك للفصائل والميليشيات التي يمكنها أن تناور وتنتقم بنفسها!
أي أن ثمة من كان يناور من داخل النظام، ومن دائرته الضيقة تحديداً، أو من القوى الحقيقية المهمشة، أو يتدخل مجدداً من الخارج، أو ينتقم من الداخل.. لكن في كل هذا فرأس زيدان لم تكن مطلوبة، وربما رأس حكومته أيضاً!
ولو كانت كذلك، لما تراجع الخاطفون قيد أنملة لأي سبب سوى تحقيق مطلبهم.. وأما "الشرعية" التي يتحدث عنها زيدان؛ فليست هماً لا لمن في الداخل، ولا دول الخارج، لأن كلمة "الشرعية" صارت في عرف الجميع بلا قيمة، لاسيما بعد أن صار اختطاف رؤساء الدول وجهات نظر.. أو ربما "ثورة"!