هنيئًا لكم بصورة "عبد الناصر"
17 رمضان 1434
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

حمل بعض من نزل ضد الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي للاحتجاج في 30 يونيو وبعدها صورة الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر وبدأت هذه الصور تنتشر في أيدي بعض الصبية يبيعونها في الميادين مع صور لقائد الانقلاب العسكري الفريق السيسي..

 

وكان المحتجون في الميادين على الرئيس مرسي ينددون بالإقصاء لبقية التيارات ويطالبون بالحرية ويزعمون أن التيار الإسلامي يود أن يكبل حريتهم ويقمعهم فكريا!...

 

أنا هنا لا أتحدث عن البسطاء لذين استفزتهم الدولة العميقة التي قطعت عنهم عمدا الكهرباء والبنزين وحاربتهم في أرزاقهم لكني أتحدث عن شريحة مسيسة أثّرت بحديثها على بعض الناس وبدأت تُصدّر لهم عبد الناصر وتجربته على أنها التجربة الرائدة التي ينبغي السير على "هداها" في المرحل القادمة وبدأت تصدر لهم حكم العسكر على أنه الحكم الأمثل لمصر في الفترة القادمة وبدأ الترويج من بعض الإعلاميين لذلك علنا حتى أن المتحدث العسكري ألمح إلى إمكانية ترشيح السيسي لنفسه للرئاسة حال تقاعده ...

 

لقد نسي هؤلاء جميعا أو يحاولون أن ينسوا ويجبروا الناس على نسيان مجموعة من الحقائق في هذا الصدد أهمها أن ثورة يناير التي كانت محل إجماع من الشعب بمختلف توجهاته كانت ضد الحكم العسكري الذي دام في البلاد لأكثر من 60 عاما وكان حسني مبارك جزءا منه, كما أن الحرية التي يتشدقون بها لا تتناسب أبدا مع الحكم العسكري ولنذكرهم بسياسات الرئيس الذي يرفعون صورته الآن وهو جمال عبد الناصر فقد اعتقل وعذب الآلاف في سجونه الحربية على أيدي زبانية أصبحت أسماؤهم مشهورة ومعروفة للجميع مثل حمزة البسيوني وصلاح نصر وشمس بدران ولم يقتصر ذلك على التيار الإسلامي بل تعدى ذلك لكل من خالفه في الرأي مثل الصحفي الشهير مصطفى أمين الذي لفق له قضية تخابر ووضعه في السجن, وكانت الصحافة والتلفزيون خاضعة لرقابة صارمة وانتشر في عهده زوار الفجر وأجبر الكثيرون على العمل مرشدين للمباحث وللمخابرات وكانوا يرشدون عن أصدقائهم وأقاربهم واعترف بذلك عدد من المفكرين والكتاب حتى من الذن كانوا يشيدون بمنهج عبد الناصر "الاشتراكي"..

 

وحل عبد الناصر الاحزاب جميعا واتهمها بالمتاجرة بهموم الناس وعلى رأسها حزب الوفد الذي كان يتمتع بالأغلبية وقتها ونصب المحاكم لكثير من أعضائه ووضعهم في السجون ولم يسمح عبد الناصر طوال عهده بقيام أية أحزاب تعبر عن الشعب واكتفى بحزبه فقط وهو الاتحاد الاشتراكي ولم نر في عهده انتخابات حرة من أي نوع, وقام بمذبحة عنيفة ضد القضاة وفصل العشرات منهم لأنهم خالفوا "منهجه الثوري", وكانت نتيجة هذا الاستبداد والعنف أن تعرضت البلاد لأكبر هزيمة في تاريخها الحديث على أيدي "إسرائيل" وهي الهزيمة التي كانت المنعطف الأهم في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني ومنحته الثقة والمبادرة, ولسنا نبالغ إذا قلنا أن هذه الهزيمة هي السبب الرئيس في توحش "إسرائيل" وطغيانها حتى هذه اللحظة..

 

يعني صورة "الزعيم" التي يرفعونها عاليا الآن هي سبب نكسة الامة وهزيمتها, و"منهجه الثوري الرائع" الذي يريدون من الحكام الجدد أن يسيروا على نهجه هو منهج الإقصاء والإذلال للشعب وكبت حريته ومصادرة أي فكر مخالف لما يريده النظام...

 

ويبدو أن الحكام الجدد نفذوا إرادة هؤلاء الذين يرفعون صور عبد الناصر فقد قاموا بإغلاق القنوات الدينية واعتقلوا العشرات وتحفظوا على أموال عدد من القيادات الإسلامية ويقومون الآن بطبخ دستور لإبعاد التيارات الإسلامية من العمل السياسي ووضعهم مرة أخرى في السجون, كما قام الحكام الجدد بقتل المتظاهرين السلميين في الشوارع ولم يفرقوا بين رجل وطفل وامرأة واستخدموا الإعلام الذي كان يستخدمه عبد الناصر, لتغييب وعي الجماهير وللنفخ في صورة العسكر وتشويه صورة المعارضين للانقلاب ووصمهم بالإرهاب والعنف وتبرير الذبح والقتل والسجن؛ فهنيئا لكم بصورة عبد الناصر.