انفجار إيران من الداخل
8 رجب 1434
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

الانتخابات الرئاسية المتوقعة في إيران الشهر القادم تمهد لانفجار الوضع السياسي والشعبي في البلاد بشكل غير مسبوق منذ قيام دولة الشيعة عقب ثورة الخميني أواخر السبعينيات من القرن الميلادي الماضي..

 

الانتخابات الرئاسية الماضية التي فاز فيها أحمدي نجاد بولاية ثانية أفرزت حالة جديدة في "دولة الملالي" وهي حالة التمرد داخل المؤسسة الرسمية وانضم إليها عدد من الشخصيات البارزة في النظام مثل الرئيس السابق محمد خاتمي والرئيس السابق هاشمي رافسنجاني..

 

بعد إعلان نتيجة الانتخابات الماضية اندلعت مظاهرات حاشدة في البلاد قابلها النظام بشكل عنيف وقام باعتقال زعيمي الاحتجاجات حسين موسوي ومهدي كروبي اللذين طعنا في النتائج وأكدا تزويرها من قبل مسؤولين كبار لمصلحة نجاد..القسوة التي واجهت بها السلطات الرسمية المظاهرات التي بدأت سلمية والهجمة على رموز النظام التي أيدت المعارضة أو على الأقل طلبت تفهم أسباب غضبها أوضحت بما لا يدع مجالا للشك أن النظام يشهد انقساما واضحا وأن حالة التململ الشعبي وصلت إلى هرم السلطة...

 

الغريب أن نجاد طوال الفترة الأخيرة يعاني بشدة من هجوم عنيف من قبل الذين زوروا الانتخابات لصالحه والذين وجهوا لنجاد نفس الاتهامات التي كانوا يوجهونها لمنافسيه وهي "العمل ضد الثورة وموالاة أعدائها"...لقد شهد البرلمان الإيراني الذي يسيطر عليه "المحافظون" أتباع المرشد الأعلى علي خامنئي, انتقادات عنيفة لنجاد وحكومته خصوصا الوزراء والمستشارين المقربين منه ووجهوا لهم اتهامات صريحة بالفساد والسرقة ووضح بشدة أن البلاد تسير بإدارة مزدوجة واحدة يقودها نجاد والأخرى يقودها المرشد خامنئي وأتباعه وإن كان الطرفان حرصا على عدم التصادم الصريح..

 

وكان فريق نجاد دائما ما يتراجع في الوقت المناسب لكن الانتخابات الرئاسية القادمة صعّدت من حدة الخلاف مع ترشح صهر نجاد وأحد أقرب مستشاريه وهو رحيم مشائي للرئاسة وبدأت المناوشات عندما سرب  الحرس الثوري خبرا عن توقيف نجاد لبعض الوقت عندما كان في طريقه لحضور مؤتمر انتخابي لمشائي وهو ما يمنعه القانون الإيراني..في نفس الوقت خرج المرشد الأعلى علي خامنئي بعد ترشيح عدد من الشخصيات "الغير مرغوبة" لديه للرئاسة ليحرض مجلس صيانة الدستور على منع  الذين "لا يستحقون هذ المنصب" ـ على حد قوله ـ وهو ما أثار حفيظة مشائي الذي يعتبر من أعداء التيار الذي يمثله المرشد, وهدد مشائي في تصريحات له بأنه "سيفضح المستور إذا قرر مجلس صيانة الدستور منعه من الترشح", في إشارة واضحة للتزوير والانتهاكات التي صاحبت الانتخابات الرئاسية الماضية...

 

الأمر لا يقتصر فقط على مشائي وحده بل أيضا يرى أتباع خامنئي أن رافسنجاني يمثل خطور على توجهاتهم وطموحاتهم لذا طالب أكثر من 100 نائب في البرلمان بمنع رفسنجاني كذلك من الترشح رغم أنه يعد من أعمدة دولة الشيعة ويتولى رئاسة مصلحة تشخيص النظام إلا أن الموالين لخامنئي يعتبرونه خطرا عليهم لتأييده بشكل غير مباشر للمعارضين ولاحتجاجاتهم لذا شنوا حملة تشويه ضده منذ إعلانه الترشح..

 

ويرى المحافظون أن المرشح الانسب هو سعيد جليلي رئيس الوفد الإيراني المفاوض في المحادثات النووية مع الغرب والمعروف بولائه الشديد لخامنئي..الأيام القادمة قد تشهد المزيد من التصدع في السلطة الحاكمة مع تنامي الاستقطاب بين الفرقاء الذين يسعون لبسط سيطرتهم على الحكم منفردين في وقت ينظر الشارع الإيراني الذي يعاني من أزمات اقتصادية خانقة للوضع بقلق وترقب خصوصا مع استعداد المعارضة لحملة احتجاجات جديدة تزامنا مع انطلاق الانتخابات الرئاسية الشهر القادم وهو ما جعل الحرس الثوري يرفع من درجة استعداده...

 

ومع كل هذه الاحداث المحلية لا زال الصراع في سوريا يلقي بظلاله على الداخل الإيراني؛ فإيران التي تعتبر سقوط الأسد سقوطا لنظامها وتدعمه بالرجال والمال مع عدم وضوح الموقف وضعف قدرة الأسد على الحسم ترى أن أية اختلالات داخلية ستؤثر بشدة على قوة دعمها لنظام الأسد وهو ما يثير قلق النظام أكثر وأكثر.