العقيل: العمل الخيري من أكبر المساهمين في الأمن الفكري .. حماية المعتقدات يجب أن تكون من أولويات المؤسسات الوقفية
1 رجب 1434
محمد لافي

أكد الأستاذ عبد الرحمن بن محمد العقيل مدير العمل الخيري في مؤسسة أوقاف الشيخ محمد الراجحي الخيرية أن حملة التضييق على العمل الخيري الخارجي دفع المؤسسات الوقفية في المملكة إلى ضبط أعمالها وبرامجها مراجعة إجراءاتها وسياساتها
وقال في حوار مع "المسلم" إن الجهات الخيرية والحكومية والخاصة يجب أن تتكاتف جهودا في الحد من الهجمات الإعلامية الموجهة ضد الشعوب الإسلامية, كما كشف عن تشريعات قادمة بمشيئة الله من شأنها طمأنة رجال الأعمال وتشجيعهم على التوجه للمشروعات الوقفية

 

بداية, نود أن نتعرف في نبذة مختصرة على أوقاف الشيخ محمد الراجحي – يرحمه الله – وما تقوم به من أعمال

بسم الله الرحمن الرحيم أوقاف الشيخ محمد الراجحي هي أحد المؤسسات الوقفية المعنية بدعم القطاع الخيري وهي أحدى الجهات المانحة التي تسعى للقيام بدور فاعل في هذا المجتمع والشراكة مع الأفراد والجهات الحكومية أو الجهات المانحة من خلال استراتيجيات محددة من تحديد الفئات التي سوف يتم العمل معها و تحديد المجالات, فنحن حددنا عدداً من المجالات المتعلقة بالمجال الوقفي أيضاً مجال تنمية الموارد المالية وتنمية الموارد البشرية والإعلام والتقنية والمجال المتعلق بالتوعية ومجال الصدقة الجارية ومجال الأنظمة والتشريعات ومجال الدراسات والبحوث, كذلك حددنا الجهات التي سوف يتم العمل معها من خلال تقسيم الجهات الخيرية إلى عدد من التصنيفات والتعامل مع تصنيفات محددة, وهذا لعله إن شاء الله يرتقي بالعمل الخيري وأيضاً يرتقي بالعمل المؤسسي ويمثل العمل المؤسسي الخيري.

ما هي الجهود التي قامت بها المؤسسة في تطوير العمل الخيري ليتم الاستفادة من كافة الجهات ذات العلاقة؟
يجب أن يكون لدى الجهة التي تريد أن تطور الجهات الخيرية أو العمل الخيري تمثيل مؤسسي قوي, وبنية مؤسسية متكاملة, لذلك نحاول أن بنذل جهده في استقطاب الكفاءات المتميزة التي لديها القدرة على تطوير هذه الجهات ولذلك حرصنا على أن يكون لدينا أيضاً سياسات حاكمة لأي مشروع يتقدم إلينا أو أي جهة تتقدم إلينا للرقي بالعمل الخيري حتى يكتمل البناء المؤسسي وأيضاً ننظر إلى عدد من الزوايا المتعلقة بالمؤسسة عندما نريد أن ندخل في أي مشروع, فبداية بالأنظمة والتشريعات المتعلقة بالجهة ومن ثم جانب الموارد البشرية ثم جانب الموارد المالية و الجوانب الفنية المتعلقة بإدارة المشاريع ومن ثم أيضاً العلاقات والشركاء أيضاً بهذه الجهات ومن ثم نحاول أن نبذل جهدنا في سبيل تقييم هذه المؤسسة أو هذه الجهة الخيرية حتى يتم أيضاً توفير العوامل المساعدة على نجاح المشروع ويتم التقدم به إلينا.

 

في ظل تعدد المجالات التي يمكن دعمها عن طريق الأوقاف أو غيرها ما هي الوجهة التي ترون أنها أكثر احتياجاً للدعم من غيرها في الوقت الراهن؟
تحديد الاحتياجات وكذلك الأولويات هو تحد كبير للجهات الخيرية والمانحة لكنه مطلب ملح في هذه المرحلة والحقيقة هناك رؤى ومشاركات بين عدد المؤسسات المانحة في سبيل الوصول إلى هذا الهدف هذا ما نتبناه وهو أن يتم تحديد الاحتياجات وبناء الأولويات بناء على دراسات ميدانية من خلال مراكز أبحاث متخصصة وجهات متخصصة تقوم بهذا الدور وتحاول أن تقدم خدمة جليلة للعمل المانح حتى توجه بوصلته نحو التنمية المستدامة وأيضاً التنمية المتوازنة في هذا البلد.

 

يتحدث البعض عن جانبين هامين وهما الأمن الفكري والاجتماعي, هل ترون أن أياً من هذين الجانبين أخذ حقه من الاهتمام من جانب الجهات الخيرية أو وكذلك المانحة؟

العمل الخيري هو أكبر المساهمين في الأمن الفكري لأنه يمثل بعداً إستراتيجياً وطنياً ابتداءً فالجمعيات الخيرية دائماً ما تركز على الجانب الوسطي في كل مفاهيمها و تطبيقاتها وفي ممارساتها الميدانية ولذلك نلحظ أن العمل الخيري غالباً ما يحاول قدر المستطاع أن يستثمر الإنسان كإنسان و أن يوظف طاقاته وقدراته الكامنة لتوجيهه إلى العمل النافع الذي يسهم في تنمية المجتمع ويسهم أيضاً في السياق الوطني ولذلك أسهمت الجمعيات الخيرية في توظيف عشرات بل مئات الآلاف من الشباب لاستمثمار هذه الطاقات في سبيل النفع العام الذي ينعكس على هذا البلد إضافة إلى محاولاتها أيضاً في نشر ثقافة الاعتدال بين هذه الفئات.
 أما الجانب الاجتماعي فقد أسهمت في خدمة الفقراء والمساكين والمرضى وأسهمت أيضاً في محاولة التقليل من حالات الطلاق ونسب العنوسة والبطالة وما إلى ذلك وهذه الإسهامات هي من صميم عمل المؤسسات الخيرية لذلك فهي تنظر إلى هذين البعدين نظرة متوازنة ولكن يجب أيضاً أن تبني الجانب الفكري ثم بعد ذلك تنزل إلى الجانب الاجتماعي الذي يسهم في خدمة الوطن والمواطن ومن ثم أيضاً محاولة توفير الرفاهية وتوفير أيضاً العيش الكريم لهذه الأسر المحتاجة وأيضاً المناطق المحتاجة.

 

كيف أثرت حملة التضييق على العمل الخيري على إدارات الأوقاف عموماً؟
لا شك أن الصورة الذهنية التي رُسمت عن العمل الخيري بشكل عام سواء في مؤسساته الوقفية أو المؤسسات الخاصة أو أيضاً الجهات أو الجمعيات الخيرية قد طالت الجميع لأن العمل الخيري منظومة كاملة سواء كان العمل الخيري الداخلي والعمل الخيري الخارجي وقد نكون من المكابرين إن قلنا إنه لم ينعكس هذا على هذه المؤسسات في جانب الصورة الذهنية لكن في الجانب العملي أكثر ما طال هو الجمعيات الخارجية أما الجمعيات الداخلية والمؤسسات الوقفية لم يطلها شيء وإنما بالعكس هذا ساعدها على ضبط أعمالها وبرامجها ومحاولة مراجعة أيضاً إجراءاتها ومراجعة سياساتها ومحاولة إيجاد القضايا المتعلقة بالحوكمة والشفافية وما إلى ذلك من تطبيق هذه الممارسات في داخل هذه الكيانات

هل ترون ضرورة التنسيق بين الجهات الوقفية على غرار من يرون ضرورة التنسيق بين المنظمات والجهات الخيرية؟
جانب التنسيق هو مرحلة مهمة جداً من مراحل العمل وأيضاً متطلب أساسي من متطلبات العمل لأنك الآن في منظومة كاملة وأيضاً منظومة متماثلة ويجب ألا تعمل على انفراد لتجنب التكرار والازدواجية والهدر, كل هذه مصطلحات يجب أن تتلافى من خلال التنسيق, وفيما يتعلق بالأوقاف هناك تنسيق بين العاملين في هذا القطاع ولكن لم يتم إيجاد مجلس تنسيقي إلا في الحدود الضيقة, إلا أن هناك مجلس تنسيقي الآن له بوادر و بدأ بالتنسيق على مستوى مصغر ولعله إن شاء الله يتنامى هذا المجلس ليصل إن شاء الله إلى أبعاد نرجو أن تتحقق طموحات وتطلعات القائمين على هذه المؤسسات الوقفية

 

تعلمون ما للرافضة وغيرهم من جهود في دعم أهدافهم عن طريق الإعلام لما علموا له من تأثير بالغ الأهمية إلى أي مدى كان سعي الجهات الوقفية في السعودية إلى تبني جهود إعلامية موازية؟

حماية المعتقدات يجب أن تكون من أولويات هذه المؤسسات الوقفية لأن هذه القضية هي من القضايا المؤرقة في وقتنا الحاضر في ظل تنامي المد الرافضي سواء المتغلغل الآن على مستوى عالمنا الإسلامي وأيضاً خارج نطاق العالم الإسلامي ولذلك أرى أن تكون هناك نوع من الجهود المكثفة والكبيرة والمنسقة في سبيل مواجهة هذا المد وهذا لن يتأتى إلا من خلال احترافي منظم تُبيَّن فيه الأولويات وتتعدد فيه الوسائل وأعتقد أن خير ما يواجه به هذا المد هو القضية الإعلامية، فهي قضية مؤثرة وتصنع رأياً عاماً لذلك المؤسسات الوقفية لها دول فاعل أيضاً في محاولة دعم مثل هذه الجهود ومساندتها لأنها تتعلق بأحد الركائز الأساسية التي نؤمن بها ونؤمن بأهمية دعمها ويجب أن تتكاتف الجهود سواء كانت حكومية أو أيضاً مؤسسات خيرية أو قطاعاً خاصاً لمحاولة الحد من هذا الامتداد الذي أنه يرى يمثل خطراً على مستقبل الشعوب الإسلامية.

 

لكن هل هناك خطوات اتخذت في هذا المجال؟
هناك عدد من المشاريع المتقدمة المتعلقة بدعم العمل الإعلامي المتعلق بهذا وهي قيد الدراسة هذه المشاريع نحاول أن نفتح آفاقاً مع جهات أخرى في سبيل فعلاً الخروج إلى مشروع إن شاء الله بالتنسيق مع عدد من الجهات للخروج بمشروع شامل يخدم هذه القضية ويحاول قدر المستطاع أن يخفف من الآثار المترتبة على هذا المد.

 

ينظر المسلمون كافة إلى المملكة على أنها راعية العمل الدعوي والخيري فما هو حجم العمل الخيري الخارجي بالنظر إلى حجم الأوقاف في المملكة؟

لا شك أن العمل المانح في نظرته الشمولية لا يجب أن يقتصر في جغرافية محددة وإنما يجب أن يكون أيضاً فيه شمولية في النظرة في دعم قضايا المسلمين في مختلف البلدان, ولا شك أيضاً أن الأولوية دائماً ما تكون للعمل الداخلي في سبيل "الأقربون هم أولى بالمعروف" لذلك نسعى دوماً في التخفيف أولاً من القضايا المتعلقة بالظواهر الاجتماعية الداخلية و الحد من الفقر ومحاولة وتوفير العيش الكريم لكثير من المعدمين في داخل هذا الوطن.
كما أن هناك ما يؤثر على العمل الخيري الخارجي وهي الضغوط والاتهامات التي طالت العمل الخيري الخارجي, كذلك المؤسسات الوقفية محكومة بالصكوك الوقفية التي وضعها الواقف لذلك نحن أحد المؤسسات التي يقتصر دعمها ما دامت هناك حاجة قائمة للعمل الداخلي وأيضاً ما في شك أن العمل الداخلي يحتاج إلى جهود كبيرة وتضافر جهود عظيمة في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة, ونحن نتطلع أن يكون هناك إن شاء الله تنظيم للعمل الخيري الخارجي حتى فعلاً تؤدي المؤسسات القائمة الآن رسالتها إن شاء الله وتحاول أن تقدم العون والمساندة لكثير من المسلمين في أنحاء المعمورة.

 

ما هي الكلمة التي تودون توجيهها لرجال الأعمال الراغبين في التوجه للأنشطة الوقفية؟
رجال الأعمال هم أحد الركائز الأساسية التي أسهمت في التنمية في هذا البلد ولهم بصمات كبيرة جداً في مجالات سواء الاقتصادية أو غيرها من الممارسات الأخرى ولذلك نحن نعوّل على رجال الأعمال الشيء الكثير في سبيل خدمة المجتمع وتحمل أيضاً المسؤولية الاجتماعية تجاه هذا المجتمع وأعتقد أن من خلال قطاعاتهم الاقتصادية التي يملكونها قادرين على أن يتكاملوا مع جهود المؤسسات الوقفية وقادرين أيضاً على أن يتكاملوا مع جهود المؤسسات الخيرية والجمعيات الخيرية في سبيل تحقيق التنمية المتوازنة في هذا البلد ولذلك نحن نتطلع لأن يقوم رجال الأعمال بالتوجه إلى هذا القطاع ومحاولة فعلاً إيجاد أوقاف خاصة بهم لضمان استمرارية العطاء واستمرارية أيضاً البذل ومما لا شك فيه أن الأوقاف أصبحت أحد المؤسسات التي نضجت فكرتها وهناك أيضاً تنظيمات ومؤسسات وقفية أصبحت نموذجية ولعل الكثير من التخوف الذي فعلاً لدى رجال الأعمال في سبيل التنظيمات والتشريعات التي تنظم هذا العمل هي قد تكون أحد الجوانب التي قد تتسبب في إحجام كثير من رجال الأعمال من الإقدام على هذا المجال، ولكن نحب أن نطمئن هناك إن شاء الله مبشرات في مجال إيجاد تشريعات تجعل رجال الأعمال يطمئنون وأيضاً يقبلون على هذا الوقف وهذا ما نتمناه ولعل إن شاء الله العمل القادم يكون إن شاء الله العمل المؤسسي الوقفي هو أحد العوامل المؤثرة في المجتمع بإذن الله.