أنت هنا

أسود العراق الخارجون من عرين الحويجة
14 جمادى الثانية 1434
موقع المسلم

يبدو أن المالكي قد وقع في الخطأ ذاته، الذي ارتكبه رفيق إجرامه، بشار الأسد حينما اقتلعت قواه الأمنية أظافر أطفال كتبوا في مدرستهم "الشعب يريد إسقاط النظام" في درعا؛ فتفجرت الثورة السورية، ونمت شجرتها حتى اقتربت من خلع بشار وهزيمة جيشه الطائفي.

المالكي بنفسه الطائفي أشعل الموقف بإصدار أوامره بالاعتداء على المعتصمين في الحويجة؛ فقتل العشرات وأصاب الكثيرين في واحدة من جرائم الحكومة العميلة لإيران، حيث لم يطق العراقيون الأبطال صبراً؛ فانسابوا في مناطق سنية يهاجمون القوات الباغية ويلحقون بها الخسائر.

الموصل.. بغداد.. سامراء..تكريت.. الحويجة.. الخ.. مناطق اشتعلت ثورة واشتبكت مع قطعان الجيش الطائفي العراقي، مؤذنة ببداية ثورة مسلحة على النظام العراقي، أو تلبية المطالب الكبرى للثوار العراقيين.

حرصت تنسيقيات الثورة العراقية الكبرى على إبقائها في حدود السلمية، وظلت شهوراً تكابد المصاعب الملقاة على عاتقها، وهي ترى العدوان الصارخ على الأسرى، وغيره، وذلك من أجل حقن دماء العراقيين، لكن النظام العراقي بدا أنه مصمم على ارتكاب الحماقة نفسها التي أقدم عليها بشار الأسد فأشعل سوريا؛ فطبيعة المصدر واحدة، وهي لا تعرف لغة التوافق وحلول الوسط، وتركيبتها النفسية تأبى عليها تقديم تنازلات لأهل السنة.. هكذا طهران وقم تحكمان!

الآن، ونتاج هذه السياسة الرعناء للإيرانيين، وحلفائهم؛ فإن الهلال الخصيب الممتدة من الأحواز حتى لبنان بات على حافة الانفجار؛ فـ"حزب الله" اللبناني لم يرد أن يكتفي بالدعم اللوجيستي والعسكري المبطنين للنظام السوري؛ فاخترق جدار التعتيم ليكشف عن وجهه صراحة بالتدخل السافر في القصير إلى حد لم يعد مجدياً معه إنكار ولا تكذيب، لاسيما مع سيل الجنازات المتوالية في مناطق شيعة لبنان، بما استفز سنته، لاسيما بعد مجزرة عنطوز المفجعة، فادحة الثمن، فنحو خمسمائة شهيد أعزل في البلدة السورية قتلوا حرقاً وذبحاً وتعذيباً كانت كافية لإعلان النفير في لبنان، بين سنتها لمساندة إخوانهم في القصير السورية التي حاول "حزب الله" انتهابها وإخضاعها.. والآن تتوالى الدعوات بإعلان الجهاد في العراق أيضاً.. هذا حصاد تهور الإيرانيين في البلدين المهمين، وسياستهم الدموية التي لا تعرف سبيلاً للتقارب أو لغة أنصاف الحلول..

في الداخل، كما الخارج، الوضع تغير؛ فالمسؤولون والوجهاء السنة لم يجدوا أنفسهم خجلى في تأييد الثورة العراقية (السنية)، مثلما كان الحال إبان عمل المقاومة العراقية، برغم قوة الأخيرة، ولم يعد غريباً أن يندد رئيس البرلمان العراقي (النجيفي ـ سني) بما حصل في الحويجة، كما لم يجد ائتلاف العراقية حرجاً في نعت الجيش العراقي بـ"المعادي لشعبه"، وهو توصيف لم يحصل من قبل من أحزاب برلمانية أو قوى سياسية.

هي إذن الثورة بلونها الجديد، أو هي ضربة صدمية، غرض الإفاقة، وإشعار عصابات المالكي أنها متيقظة الآن أكثر من أي وقت لمطالبها، ولن تفرط فيها قيد أنملة..