أنت هنا

السوريون بين معارضة الداخل والخارج!!
25 ربيع الثاني 1434
موقع المسلم

شهدت سوريا في الأيام القليلة الماضية ثلاثة أحداث مهمة، ليس بينها رابط مباشر سوى توقيتها الرباني العجيب.

الحدث الأول هو الزيارة التي قام بها رئيس الائتلاف الوطني الشيخ معاذ الخطيب إلى مناطق محررة في شمال سوريا، والثاني: حوار بائس أجرته صحافية بريطانية مع طاغية الشام بشار الأسد، والحدث الخاتم بين هذه الأحداث تمكين الله عز وجل المقاتلين السوريين الأحرار من تحرير مدينة الرقة من أنياب العصابة القاتلة.

 

فزيارة الخطيب كانت دفعة معنوية مزدوجة التأثير، فقد لقيت ترحيباً واسعاً في أوساط السوريين الصامدين في وجه آلة التدمير الشامل، وصححت مسار العلاقة بين الجناحين السياسي والعسكري للثورة السورية. التقى الشيخ معاذ الجمهور بلا حراسة ولا إجراءات أمنية من أي نوع، بالرغم من أن العصابة الأسدية لا تتورع عن ارتكاب أي جريمة بدليل إطلاقها صاروخاً من طراز سكود على منبج نفسها بعد ساعة من مغاردة الخطيب. والمفارقة أن رئيس الائتلاف يتجول في منطقة يستهدفها القصف بالصواريخ والطائرات، بينما لا يجرؤ نيرون دمشق على الخروج مسافة 100 متر من جحره، ولو رافقه ألوف من حراسه المدججين بالسلاح.

 

أما الإنجاز الإستراتيجي للزيارة إيجابياً على الثورة وسلبياً على عصابات الأسد، فهو إسقاط الحواجز الوهمية المصطنعة بين معارضة الداخل ومعارضة الخارج.

 

فلقد استطاعت عصابات الأسد المتوحشة أن تتلاعب بالجانب السياسي من المعارضة السورية فترة طويلة، من خلال تضخيم المسافة الفاصلة بين معارضة الداخل ومعارضة الخارج، وآزرها على " النجاح" في لعبتها القذرة انشغال كثير من القوى المقيمة في الخارج باختلافاتها العابرة التي أصبحت لدى بعضها فوق مصير الثورة ومستقبل سوريا، الأمر الذي وضع الجميع في موضع الارتياب في أوساط الشعب السوري، المثخن بجراحه النازفة.

 

كان نظام القتلة في دمشق يصور هيئة التنسيق والتيارات الكردية المشتراة على أنها " المعارضة الوطنية" لأنها تعمل تحت سقف مخابراته، وتتبنى مسرحياته الكاذبة مثل الحوار الوطني-أي الاستسلام للعصابة والقبول بإملاءاتها والفتات الذي تقدمه موقتاً لجهات محددة ريثما يستعيد النظام قدراته على الهيمنة الاستخبارية المرعبة-.

 

والحقيقة أن المسافة المؤذية التي نعنيها والتي أساءت إلى مسيرة الثورة السورية، هي بين المعارضة السياسية المنفية نفياً إضطرارياً وبين جمهور الثورة على الأرض من مقاتلين أحرار وناشطين رائعين.فالفئة المتشبثة بأرضها بالرغم من الثمن الباهظ الذي تدفعه يومياً هي التي تصنع التغيير على الأرض، وهي التي أجبرت العالم على التعامل بشيء من الجدية مع المعارضة السياسية، بعد طول امتهان وقلة اكتراث. وإلا فإن كثيراً من القادة المؤثرين في  قيادة المعارضة السياسية لم يخرجوا من سوريا إلا في فترة الثورة، وبعد أن باتت حياتهم مهددة بفعل دموية النظام الذي يقتل المئات كل يوم، بمن فيهم المخطوفين الذين يصفيهم تحت تعذيب أجهزته الأمنية.

 

وأما الهراء الذي تدفق من فم زعيم العصابة إلى صحافية غربية، فجاءت نتائجه عكسية ، ولله الحمد والمنة.فبشار أراد منه تلميع نفسه بتواطؤ مع الصحيفة في ما يبدو من ثنايا الحوار التافه، لكنه أصبح نقمة عليه، إذ استفز الحكومة البريطانية التي تطاول عليها بافتراءاته حيث صورها كأنها تقدم للثوار دعماً فعلياً، مع علمه بأن ذلك كذب محض.واضطر وزير خارجية بريطانيا إلى الرد عليه بعنف ووصف كلامه بأنه أكثر أحاديث الساسة هذياناً في العصر الحديث!!

 

ثم كانت الصفعة الثالثة لبشار ولسادته في قم وشركائه في بغداد والضاحية الجنوبية لبيروت،  بتحرير مدينة الرقة تحريراً ناجزاً في وقت قياسي، وانتهى الأمر باعتقال أكبر رأسين من رؤوس العصابة في المدينة:المُحافِظ وأمين فرع الحزب!!وجرى على الفور إسقاط صنم المقبور حافظ الأسد في الرقة، على أيدي أبنائها المكبوتين وليس كتمثال صدام الذي لم يقترب منه الرافضة الجبناء إلا بعد دخول الغزاة الصليبيين إليها حيث قامت دبابة أمريكية بالمهمة، ليضع جندي المارينز الراية الأمريكية على وجه التمثال!!

 

ومن يعرف سوريا جيداً، يعلم أن الرقة كانت آخر المدن التحاقاً بمسيرة الثورة، وكان النظام الأسدي يراهن على تحييدها، فإذا بها أول مدينة سورية تتحرر تماماً من دنسه!