المالكي في مواجهة الطوفان
21 ربيع الأول 1434
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

تستعد عدة مدن في العراق اليوم لمظاهرات حاشدة أطلقوا عليها "جمعة ارحل" لمواجهة الممارسات الطائفية لرئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي ضد المواطنين السنة وذلك في ظل احتجاجات واعتصامات مستمرة منذ فترة من أجل المطالبة بحقوق السنة في العراق والتي تم هضمها بشدة من خلال قوانين سيئة السمعة صيغت بطريقة ملتوية لإدانة السنة ووضعهم في قفص الاتهام بأدنى شبهة...

 

المالكي لم يتعظ رغم تصاعد الانتفاضة ضده واستخدم العنف ضد أبناء الفلوجة وأمر الجيش بتوجيه نيرانه لصدور المحتجين السلميين الذين خرجوا للتعبير عن مطالبهم المشروعة, كما لم يأبه بعد انسحاب وزراء القائمة العراقية وأصدر أمرا بتعيين وزراء بالوكالة بدلا منهم دون أن ينتبه لخطورة الانفراد بالحكم في بلد تشهد احتقانا طائفيا متزايدا..

 

المالكي ما زال يركن على الدعم الإيراني له ولحكومته وهي لاعب أساسي هناك بعد تمدد نفوذها عقب الاحتلال الأمريكي ولكن بعض الفاعليات الشيعية بدأت تشعر بأن ورقة المالكي أوشكت على الاحتراق وأنه بدأ يفقد شرعيته وأن المعركة مع السنة تحتاج إلى قيادة أكثر كياسة حتى لا تستفز قطاعات واسعة من أبناء السنة لحمل السلاح في وجه النظام خصوصا مع وجود مليشيات شيعية تنتشر في البلاد تحت حماية الحكومة..مع زيادة الضغط على المالكي وحكومته خرجت أصوات من الائتلاف الذي يتزعمه تدعو لتقسيم البلاد على أساس طائفي ودعت الشيعة للهجرة تمهيدا لهذا التقسيم وتحاول أن توهم الخارج أن هذا يتم بسبب مخططات خارجية تسعى للتفرقة بين طوائف الشعب بينما الحقيقة أن الشيعة لا يريدون منح السنة حقوقهم في المشاركة في حكم البلاد وإن أدى ذلك إلى تفتيت الدولة على ان يحصلوا هم طبعا على النصيب الأكبر..

 

الذعر من ثورة الشعب العراقي وتوقع سيناريوهات شبيهة بما حدث في دول الربيع العربي جعل المالكي وحكومته يتوجسون خيفة من أي تحرك يؤيد الاحتجاجات السلمية ووصل الأمر إلى التهديد باعتقال الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إذا ما زار العراق بعد أن وجهت له حكومة كردستان دعوة بهذا الشأن بدعوى أنه سيتدخل في أمور البلاد الداخلية وهو موقف مثير للقلق والدهشة وتأكيد للطابع الطائفي للحكومة؛ فالمراجع الشيعية في إيران تزور العراق بحرية كاملة وتدلي بدلوها في كل الشؤون دون رادع أو لوم من الحكومة هذا غير التدخل الحكومي الإيراني السافر في دقائق أمور العراق السياسية فلماذا يمنع الشيخ القرضاوي من ذلك؟! هل لأنه من دعاة السنة ومعروف بإدانته للاضطهاد الشيعي لهم؟!...

 

عمق الأزمة بين المالكي والمعارضين لحكمه تتزايد نتيجة لعدم الثقة ومحاولات المالكي المستمرة للالتفاف حول مطالب المتظاهرين, وقد عبر سياسيون عراقيون ومعتصمون عن ذلك وأكدوا أن دعوات واجتماعات عديدة عقدت سابقا لم يتمخض عنها شيء سوى الوعود، واتهموه بالمماطلة والتسويف, وأشاروا إلى أن لا حل سوى تنفيذ جميع مطالبهم، مهددين المالكي بالبقاء معتصمين ومواجهته "بصدور عارية", واوضحوا إن قرارات المالكي ودعواته أصبحت غير مرحب بها، وأفاد النائب عن كتلة الأحرار كاظم محمود موسى بعدم وجود جدوى من دعوة المالكي، وقال "كلما يمر العراق بأزمة تكون هناك دعوة لاجتماع الكتل السياسية، لكن لا جدوى من ذلك ولا نفع من هذه الدعوات"، مستبعدا أن تحل جميع المشاكل حتى لو عقدت جلسة حوار بين المالكي وجميع القوى السياسية, كما ذكر عدد من السياسيين أن أعداد المتظاهرين ستزداد يوما بعد يوم، وسترتفع سقف مطالبهم بسبب مماطلة الحكومة.