السودان في مصيدة اللئام
8 صفر 1434
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

يعيش السودان مرحلة من أدق المراحل في تاريخه فبعد انفصال الجنوب الذي كان الغرب يزعم أنه سيؤدي إلى استقرار الاوضاع في البلاد, ازداد التوتر والخلاف بين الجانبين على المناطق الحدودية والنفط.. وبدأ الجنوب ـ كما حذر الكثيرون ـ يعمل كقاعدة للمتمردين في الشرق والغرب في محاولة لإضعاف الحكومة المركزية والضغط عليها للحصول على أكبر قدر من التنازلات في الملفات العالقة بينهما, في حين ترى قوى غربية قريبة من الجنوب أن المخطط المستهدف هو المزيد من تفتيت السودان إلى دويلات يسهل السيطرة عليها وملاعبتها وامتصاص خيراتها وتكون قاعدة مهمة لتطويق البلاد العربية والصحوة الإسلامية المتصاعدة فيها والتي استطاعت أن تصل للحكم في عدة بلدان مجاورة...

 

النظام السوداني وقع في عدة أخطاء استرتيجية أهمها طريقة تعامله مع أزمة الجنوب حيث ظن أن الغرب سيرفع الضعط عنه ويقوم بدعمه إذا وافق على انفصال الجنوب بينما الحقيقة أن الانفصال هو بداية الطريق لتحقيق بقية الاهداف التي فشل الغرب في تحقيقها طوال السنوات الماضية وهو ما اتضح من الدعم الكبير الذي يتلقاه الجنوب من الغرب ماديا ومعنويا والتواجد الصهيوني الكبير داخله من خلال عدد من المشاريع الاستراتيجية التي جعلت "إسرائيل" تتوغل أكثر في العمق السوداني ووجهت ضربة صاروخية لأحد أكبر مصانع الاسلحة في السودان بدعوى إمداده للفلسطينيين بالسلاح والحقيقة أن المستهدف هو كسر القوة العسكرية للخرطوم....

 

السودان ومع تزايد الضغوط عليه من عدة جهات والتجاهل العربي المتواصل له بدأ يلجأ لإيران والتي تطمع هي الأخرى في وضع قدم لها في السودان بعد أن فشلت حتى اللحظة من تحقيق الاختراق المطلوب في مصر..

 

السودان يبدو ضعيفا أمام الإعراءات الإيرانية حيث يتكالب عليه الغرب ويعيش أزمات داخلية عنيفة جراء التدهور الاقتصادي ونقص الموارد النفطية إثر انفصال الجنوب...

 

ولكن طهران لا تعطي بلا مقابل وهي تريد أن تجعل السودان جزءا من المساومات مع الغرب كما تفعل في  لبنان والعراق خصوصا مع تدهور الاوضاع في سوريا واحتمال زوال نظام بشار الأسد عن قريب وهذا الوضع سيؤدي إلى مزيد من المشاكل للسودان وليس العكس وسيضاف للأخطاء الاستراتيجية للنظام الذي بدأ يواجه معارضة داخلية متصاعدة احتجاجا على ارتفاع الأسعار وسوء الأوضاع المعيشية...

 

ورغم ان المعارضة الحزبية في السودان ضعيفة إلا أن تزايد السخط الشعبي المتأثر بالربيع العربي الذي اجتاح عدة دول مجاورة قد يؤدي إلى منح هذه المعارضة زخما شعبيا مع انضمام بعض الحركات الطلابية إليها وتردي الاوضاع المعيشية مع ركود الوضع السياسي واستمرار الرئيس البشير لفترة طويلة في الحكم كل هذا سيساعد على خلخلة الجبهة الداخلية وإعطاء المتربصين الفرصة للتدخل لضبط إيقاع المشهد الداخلي على وقع مصالحهم...النظام السوداني يحتاج إلى مراجعة شاملة لسياساته الداخلية والخارجية في ظل الحراك السياسي الذي يعم أكثر دول المنطقة وانفلات بعض البلدان من أيدي القوى "الاستعمارية" صاحبة المصالح القديمة والاصابع البهلوانية...

 

على الصعيد الداخلي جاء الوقت لتجدد القيادة السودانية شبابها وتمنح الفرصة لجيل أكثر شبابا للحكم, والانفتاح اكثر على المعارضة والحركات الاحتجاجية والقوى المحتلفة في المجتمع والدخول في حوار صريح معها لعرض الأزمات التي تواجهها البلاد وكيفية الخروج منها وكشف المؤامرات التي تتعرض لها..أما على الصعيد الخارجي فلا يمكن الخروج من ورطة "إسرائيل" وأمريكا بالوقوع في الفخ الإيراني, كما أن التعامل مع الجنوب والحركات المتمردة يحتاج لمزيد من الصرامة والحرص والوضع في الحسبان دروس الماضي قبل أن نستيقظ فنجد أن السودان أصبح أربعة دول.