السجناء السعوديون في العراق والحقد الصفوي البغيض
15 محرم 1434
تقرير إخباري ـ محمد لافي

لا يزال السجناء السعوديين في العراق يتعرضون لأقسى أشكال الحقد الطائفي من قبل سلطات حكومة المالكي الصفوية, كما أن العديد منهم يواجهون شبح الإعدام لدوافع طائفية ودون حصولهم على محاكمات تضمن لهم أحكاماً عادلة.

 

ويبلغ عدد السجناء السعوديين المتواجدين في السجون العراقية قرابة 62 سجينا, لكن المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل العراقية حيدر السعدي قد قال بأن عدد السجناء السعوديين في السجون العراقية يبلغ حالياً نحو 38 سجيناً، وذلك بعد إطلاق سراح سجناء وإعدام آخرين.

 

إلا أن متحدثة باسم منظمة العفو الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان قد قالت في وقت سابق بأن الأرقام التي أدلت بها السلطات العراقية تقل عن الأرقام الفعلية، بالنظر إلى التكتم الذي يحيط بعمليات الإعدام والافتقار إلى المعلومات.

 

وفي الوقت الذي تحاول فيه السلطات العراقية إلصاق تهمة "الإرهاب" بالسجناء العرب وخاصة السجناء السعوديين, تشير مصادر عراقية إلى أنها تملك أدلة على وجود خطة لتصفية السجناء العرب في سجون النظام العراقي.

 

فقد قال محام عراقي تم تكليفه بالمرافعة والدفاع عن السجناء السعوديين في العراق بأن هناك تشديدات غير طبيعية على السجناء المحكومين بالإعدام تحديدا السعوديين منهم, من أجل محاولة سرعة التنفيذ فيهم وعدم وجود أي تدخلات وتأثيرات لإيقاف أحكام الإعدام التي وصفها بأنها لم تكن منصفة ولا تمتلك صفة الشرعية ولا النظامية.

 

ومما يؤكد ذلك, تصريحات وزير العدل العراقي حسن الشمري والذي سبق وأن قال بأن بغداد لن تتردد في تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق سجناء سعوديين مدانين بجرائم إرهابية.

 

ونقلت بعض الصحف عن الشمري قوله بأن السجناء السعوديين في العراق لن يستفيدوا من قانون العفو العام الذي يعدّه العراق حاليا؛ وذلك لأن أوضاعهم ستكون محكومة بالاتفاقية التي وقّعتها الحكومة مع المملكة والتي لا يزال البرلمان العراقي يتلكأ في المصادقة عليها إلى الآن.

 

وكان رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية، مفلح القحطاني، قد عبر عن خوفه من رفع السلطات العراقية عقوبات بعض المعتقلين لديها من أحكام بالسجن إلى الحكم بالإعدام، للتهرب من تسليمهم وفق الاتفاقية, مما يكشف السر وراء تباطؤ البرلمان العراقي في المصادقة على الاتفاقية.

 

وتنص الاتفاقية على أن تقوم دولة الإدانة بتسليم المحكوم عليه بعد الموافقة على نقله إلى دولة التنفيذ في المكان والتاريخ اللذين يتفق عليهما الطرفان المتعاقدان، على أن تشمل كل السجناء في البلدين بعقوبات سالبة للحرية.

 

وتتضمن الاتفاقية كذلك تنفيذ العقوبة المنصوص عليها في الحكم دون تعديل مدتها أو طبيعتها، ولا يمكن بأي حال تشديدها أو استبدالها بغرامات مالية ويتم تنفيذها طبقا للأنظمة المعمول بها لدى دولة التنفيذ .

 

وحمّل المراقبون الجانب العراقي مسؤولية تأخير إنجاز الملف الذي لم يصادق عليه حتى الآن بحجة الخلافات بين الكتل السياسية في البرلمان العراقي كما أبدى البعض مخاوفه من إعاقة طهران له نتيجة علاقاتها العميقة مع معظم الكتل السياسية الحاكمة في العراق.

 

إلا أن البعد الطائفي لم يعد خفياً من خلال طريقة تعامل الحكومة العراقية مع هذا الملف, والذي يقول مراقبون إنه هو المتحكم في قوة وسرعة إعدام الحكومة العراقية للسجناء العرب الذين تتهمهم بدعم تنظيم القاعدة في حربه ضد الشيعة على حد قول الحكومة العراقية.

 

ويرى هؤلاء المراقبون أن هذه الخلفية الطائفية هي التي تدفع الحكومة العراقية إلى إغلاق الباب أمام طلبات حكومات عربية لمحاكمة المتهمين من مواطنيها في دولهم الأصلية.

 

جهود متواضعة    
وانتقد مسؤول ملف السجناء ثامر الخالدي الذي كان سجيناً سابقاً في العراق مدة سبع سنوات وأفرج عنه في 2009 عدم تفعيل ملف السجناء السعوديين في العراق من جانب حكومة بلاده.

 

وقال الخالدي بأن إن الجهود السعودية في هذا الملف تكاد تكون معدومة، وأضاف أن السجناء السعوديين يتهمون سفارة بلادهم في بغداد بالتنصل من القيام بدورها في الدفاع عنهم ومتابعة أحوالهم، ولا ترد على اتصالاتهم، مشيرا إلا أن بعثة دبلوماسية عربية - فضل عدم ذكرها- هي من تتابع ميدانياً هذا الملف، بدلاً من الجهات الرسمية السعودية.

 

واستدل الخالدي على اهتمام الدول العربية الأخرى برعاياها المسجونين في العراق بصدور مرسوم جمهوري عراقي بالعفو الخاص عن جميع المعتقلين اليمنيين في سجن سوسة بالسليمانية.

دعوة إلى التحرك :
وكان الأمين العام لرابطة علماء المسلمين الشيخ ناصر العمر, قد دعا الحكومات الإسلامية وشعوبها إلى التحرك لإنقاذ أبنائهم الأسرى القابعين في السجون الصفوية مؤكداً أن هذه القضية يجب أن تكون من كبرى القضايا على مستوى الدولة والمجتمع والدعاة والعلماء والمحامين.

 

وبين الشيخ العمر بأن ما فعله الرافضة في العراق من إعادة محاكمة أبناء السنة وصدور غالبية الأحكام بالإعدام, ثم المسارعة في تنفيذ هذه الأحكام على وجه غير معهود في مثل هذه الإجراءات لهو دليل على العداوة الكامنة في نفوس هؤلاء المجوس, وحقدهم على أهل السنة والرغبة في الانتقام منهم بالقتل.

 

وأكد الشيخ العمر على دور الإعلام بكافة أشكاله على إثارة هذه القضية وبيان معاناة هؤلاء الأسرى والكشف عن مخططات الصفويين وفضحهم. كما دعا المحامين وخاصة من لهم باع في المحاماة الدولية لتولي هذه القضية, و دعا أيضاً التجار لدعم هؤلاء المحامين و نفقات هذه القضايا.

 

و أطلق ناشطون سعوديون على موقع تويتر وسماً (هاشتاق) لوقف إعدام السعوديين في العراق صاحبه حملات مشابهة للتذكير بهذا الملف, وقد وضعت إحداها رقم الخارجية السعودية وطلبت من المشاركين الاتصال بها استنكارا لما وصفوه بعدم وقوفها الجدي مع ملف الأسرى السعوديين.

 

سوء معاملة:
ويبرز الوجه القبيح للحقد الطائفي الصفوي في حق أبناء السنة من خلال ممارسة شتى صنوف الإيذاء الجسدي والنفسي في حق هؤلاء المعتقلين حتى أولائك اللذين أنهوا محكوميتهم وينتظرون الإفراج عنهم وحتى المحكومين بالإعدام وينتظرون تنفيذ تلك الأحكام.

 

فقد أكدت مصدر في الجمعية الوطنية السعودية لحقوق الإنسان أن المعتقلين السعوديين لدى العراق يلقون معاملة سيئة تختلف كلياً عن غيرهم من المعتقلين دون سبب إلا لكونهم سعوديون

 

و أكد المحامي عبدالرحمن الجريس، المختص بقضايا السجناء السعوديين بالعراق، على تزايد وتيرة الاعتداء بالضرب والتعذيب التي يتعرض لها المعتقلون السعوديون على أساس الجنسية، خاصة في سجون "تاجي والرصافة الثانية ومطار بغداد" على الرغم من انتهاء محكومية بعضهم.

 

وقال الجريس وصلتنا في الفترة الأخيرة رسائل استغاثة من المعتقلين السعوديين في العراق، حول قيام عدد من أفراد حراسة السجون بممارسة أساليب متعددة من التعذيب والضرب المبرح للسجناء السعوديين تحديداً.

 

ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك الحقد الدفين ما أفادت به منظمات حقوقية دولية حول مقتل السجين علي العوفي على يد رئيس دائرة التحقيق في سجن الحماية القصوى بعد أن مارس على مدى 11 شهراً أساليب متعددة في التعذيب، انتهت بحقن إبرة معبأة بحمض الأسيد في جسده، وقذفه من الطابق الثاني للسجن.

 

وأفاد زملاء السجين زيد بن ذياب الشمري المعتقل في سجن مطار بغداد (كروبر) بأن حراس السجن قاموا بسحبه أمام مرأى الجميع، سمعوا صوت صياحه من جراء الضرب، واتضح أن سحبه على أساس الجنسية، مع غض النظر عن حالته الصحية والنفسية.

 

كما تعرض المعتقل مساعد بن محيا المطيري للمصير نفسه, وسمع شهود عيان الإهانات العنصرية على أساس الهوية، مع الضرب الذي تعرض له بعد سحبه من زنزانته في سجن آخر.

 

وكشكل من أشكال التعذيب النفسي للمعتقلين السعوديين,  أفادت أنباء إن ثلاثة سعوديين على الأقل، يتم اقتيادهم يوميًا لغرف الإعدام، التي تبعد 150 مترًا عن ساحة التنفيذ، وينتظرون تنفيذ الحكم بداخلها، حتى ساعة متأخرة من الليل، قبل إعادتهم إلى الزنزانة مرة أخرى.

 

وقد دفعت سوء المعاملة العديد من السجناء السعوديين إلى الإضراب عن الطعام ومن ذلك كافة السجناء السعوديين المعتقلين في سجن الناصرية جنوبي العراق وعددهم سبعة افراد والذين يتعرضون لأشد أنواع التعذيب على يد السجانين.

تهديد المحامين:
كما لم يسلم محامو المعتقلين السعوديين في العراق من الضغوط والمضايفات والتي تصل إلى التهديد بالقتل بل ومحاولة ذلك أحيانا بزرع عبوات ناسفة في سياراتهم.

 

وكشف محام عراقي تم تكليفه بالمرافعة والدفاع عن السجناء السعوديين تلقيهم الكثير من الكلام غير اللائق والتهديدات, وقال أنه يوجد بعض المحامين تم قتلهم، وبعض المحاميين تم وضع عبوة ناسفة تحت مقاعد سيارتهم التي انفجرت بهم، مما أدى إلى بتر سيقانهم.

 

لجنة للعناية بالمساجين:
كشف عبدالرحمن الجريس محامي المعتقلين السعوديين في العراق، عن اتجاه لتشكيل لجنة تعنى بالسجناء السعوديين في الخارج بناء على رغبة أسر السجناء في عودة أبنائهم إلى أرض الوطن وقضاء محكوميتهم بالقرب من ذويهم، على أن تختص اللجنة بتوفير التواصل بين السجناء وأسرهم، وتعتمد على مبدأ "التسامح والاحتواء".

 

وقال الجريس خلال لقاء مفتوح أقيم مؤخرا في منزله، أن اللجنة سوف تعمل على تقديم المساعدة للمحتاجين والضعفاء وتوفير التواصل بين السجناء وأسرهم، وأنها تعتمد استراتيجية مهمة تتمثل في "التسامح والاحتواء".

 

وفي ظل الحقد الطائفي الدفين الذي يرسم العلاقة بين المعتقلين السنة في العراق مع سجانهم الصفوي الرافضي, يجد هؤلاء المعتقلون أنفسهم في مواجهة مصير مجهول قد يكون القتل أهون أشكاله وذلك إن لم تبادر كافة الجهات ذات العلاقة إلى التحرك لإنهاء هذا الملف وتخليصهم قبل أن يواجهوا هذا المصير.