18 رجب 1434

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أنا فتاة أبلغ من العمر 20 سنة، وقد تقدم لخطبتي رجل متزوج يبلغ من العمر 25 سنة، ولديه ابن واحد، علما بأن زوجته الاولى تسكن في اليمن، وليس لديها علم برغبته بالزواج مني، لأنه يعمل في منطقة من مناطق المملكة، وهو مصر على الزواج مني، أفيدوني في أمري وجزاكم الله خيرا.

أجاب عنها:
صفية الودغيري

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: أختي السائلة الكريمة، بداية أشكرك على رسالتك، وعلى ثقتك بموقع المسلم وطرحك لاستشارتك، وهي لا تعرض مشكلة تحتاج لحلول، بقدر ما هي استشارة تحمل في ثناياها طلب النصيحة والمشورة..
ومن خلال قراءتي لرسالتك شعرت بما يخالجك من اضطراب وقلق وخوف وتردد
بين قبول الزواج من رجل متزوج وأب لطفل، أو رفض هذا الزواج.. والزواج الثاني شيء أحله الله سبحانه ولا شك، لكننا هنا نتحدث عن حالك الشخصي الواقع تحت هذا الحل، فلا بأس من إتمام الزواج لكن يجب أن تتأكدي أنه لن يترتب عليه ما يضيرك أو ما يضيره هو أيضا من مشكلات قادمة فعادة مثل تلك الارتباطات التي تصفينها أن يترتب عليها ما يثير الجدل الواسع، ولذلك فأنصحك باستشارة المقربين من أهلك الخبراء بشئون الحياة والعارفين بحقوقك فهم أهل الدراية بالواقع أكثر منك كما أسوق لك شيئا من نصح...
ومن النصائح والإرشادات التي أقدمها لك أختي الكريمة ما يلي:
أولا: احرصي على طاعة الله عز وجل واستخارة الله أولا في هذا الأمر قبل القبول أو الرفض..
ثانيا: اسألي عن هذا الرجل في منطقته، وحيث كان مولده ونشأته، ومن خلال المقربين منه، أو حيث كان يعمل، أو من خلال جيرانه، أو أقربائه، ومن خلال أصدقائه والمحيطين به والمخالطين له حيث هو حاليا.. من غير الإضرار به، أو الإساءة إليه، أو وضعه في موقف محرج أمام أهله ومعارفه، حتى تتأكَّدي من أخلاقه، وصَلاحِه، وتَدَيُّنِه، واستِقامَتِه، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)، فدين هذا الزوج هو الذي سيمنعه من ظلمك وظلم زوجته الأولى، ودينه هو الذي سيمنعه كذلك من التقصير في حقوقكما، وحسن خُلُقِه وتديُّنِه هو الضَّمان لحياة مستقرة وسعيدة، ولحسن العشرة بينكما.

ثالثا: ما دمت تبتغين العِفَّة وتحصينِ نفسك بالزواج، فهذا حَقُّك الشرعي الذي أباحه الله لك، حتى وإن كان الخاطب رجلا متزوجا وأبا لابن، ولا يُشترط في الموافقة على هذا الزواج استشارة الزوجة الأولى ولا موافقتها، ولا يعد هذا ظلمًا لها ولا اعتداءً على حقوقها، لأن الحق سبحانه قد أباح للرجل أن يتزوج أكثر من واحدة، فقال تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}، ولكن يشترط في ممارسة هذا الحق الشرعي الالتزام بالعدل بين الزوجتين..
رابعا: من باب الإحسان للزوجة الأولى ورحمة بها ومراعاة لمشاعرها، يستحب ويستحسن إخبارها من باب أولى قبل الزواج، وإن لم يكن شرطا ولا واجبا شرعا موافقتها ولا استئذانها لإتمام زواجك به، أو يمكن إرجاء إخبارها لما بعد إتمام الزواج حفظا لحقوقك وحقوقها، وحقوق أبنائكم في المستقبل، نظرا لما ترتب عن الإسرار بالزواج الثاني من أضرار في حالات كثيرة، وحفظا للأنساب من الاختلاط ففي حالات كهذه تزوج الأخ من أخته وهو لا يعلم بذلك بسبب عدم الإشهار بالزواج الثاني.
خامسا: احْرِصي على النية الصالحة في الإحسان إلى زوجة هذا الرجل بعد زواجك منه، وأن تكفِّي أذاكِ عنها، وتعاملينها كما أمر الله عز وجل، وتحَرَّي تجَنُّب الظلم ما استطعت لذلك سبيلا، ولا تكوني سببا في ظلم زوجك لها لأنه ظلمات يوم القيامة، واتَّقِي الله تعالى في معاملتها، ولا تكوني سببا في طلاقها، أو هجر زوجك لها، أو تركها كالمعلقة لميله الزائد إليك، بل الواجب يحتّم عليك أن تذكِّرينه وتَعِظِينه ليلتزم العدل والإنصاف بينكما، امتثالا لأمر الله عز وجل: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا)، وكوني له عونا وسندا على طاعة الرحمن، وأنت والحمد لله ستكونين حريصة على تطبيق هذا المعنى، وهو يظهر واضحا جليًا من خلال فحوى رسالتك.
أسأل الله العلي القدير أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يسدِّد خطواتك، ويختار لك ما فيه الخير في دينك ومعاشك وعاقبة أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يجعلك أمة من إماء الله القانتات الصالحات العابدات، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يقر عينك.