ليس من باب الترف القكري ولا المماحكة اللفظية، نطرح هذا السؤال الذي أخذ يلح على الساحة بزواياها السياسية والاجتماعية وإن تأخر حضوره إعلامياً لأسباب متداخلة، يتصدرها التخفي الأمريكي الطويل وراء حماقات الدب الروسي الذي يتطوع بدور الشرير الوقح ليجني ثماراً سخيفة ونتائج عابرة.
قبل الخوض في عمق ملامح الإجابة، يجدر التصدي لإشكال معقول هو أن الساسة الأمريكيين يمقتون المسلمين كافة فلماذا تخصون السوريين بذلك؟ وهو احتراز وجيه لأن الغرب كله ينظر إلينا نحن المسلمين جميعاً بمنظار حقود، تعوذ جذوره إلى الصليبية الشرسة في العصور الوسيطة، وقد تعززت مع نشأة الاستشراق المغرض في كنف الاستعلاء الذي يزدري سائر الشعوب التي لا تنتمي إلى العرق الأبيض.
لكن للسوريين اليوم نصيباً مضاعفاً من البغضاء الغربية الدفينة، فقد كان رهان البيت الأبيض منذ الأيام الأولى لاندلاع الاحتجاجات الشعبية السلمية في سوريا، أن كبح هذا الحراك مؤكد بحكم المخزون الهائل من الوحشية الذي تحتكره عائلة الأسد فلا توجهه إلا ضد العرب والمسلمين بعامة والشعب السوري بخاصة.وخابت ظنون القوم إذ لم يتراجع المتظاهرون خوفاً من الرصاص الحي الذي سددته عصابات الأسد إلى أعناقهم في كل تظاهرة.وجرى تمديد الفُرَص مرة بعد مرة:تارة بقذف القضية في ثلاجة جامعة الأنظمة العربية وبينها عدد غير قليل من نمط طاغية الشام فالفروق بينه وبينهم في الدرجة وليس في النوع.وتارة بتكليف موسكو أداء دور الواجهة القاسية التي لا تبالي بالدماء المتدفقة.وخلال ذلك منحوا صبيهم المدلل في دمشق "حق" القتل بالدبابات حيث أخفقت البنادق وسكاكين الصفويين المستوردين من ضغائن إيران وأذيالها في العراق ولبنان.وتكررت النتيجة ذاتها:شعب صلب يتمتع بشجاعة استثنائية فلا يبالي أَوَقَع َعلى الموت أم وقع الموتُ عليه.ثم قرر أوباما منح عميله بشار الضوء الأخضر أمام جميع أصناف الفتك الفردي والجماعي بما في ذلك الطيران الحربي بعد المروحي، ورسم له خطّاً أحمر وحيداً: السلاح الكيميائي والجرثومي، حرصاً على سلامة الحبيبة اليهودية، التي فرضت على العالم كله التمتع بمجازر السوريين لأن الحماية التي تكفل بها آل الأسد للصهاينة في الجولان ليس لها شبيه، ولا سيما أن العائلة تعشق الكيان الصهيوني من قبل قيامه-على ما اضطر إليه وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس قبل أيام في مجلس الأمن لإخراس بوق الأسد:بشار الجعفري-!!
لكن هول التضحيات التي يقدمها السوريون عشية كل يوم لم تَثْنِ هذا الشعب العنيد: 35 ألف قتيل و200 ألف معتقل ومفقود وأربعة ملايين مُهَجّر في ربوع وطنه المحترق وفي دول الجوار، التي تفننت في إذلاله وتجويعه بالتواطؤ مع " المجتمع الدولي" عقاباً له على كبر رأسه!!
كل تلك المسيرة الغريبة أكرهت الإدارة الأمريكية مؤخراً على تقديم تبرير لمنعها حق التسلح عن الشعب السوري ليدفع عن نفسه حرب الإبادة، يتلخص في أن تنظيم القاعدة هو الذي يقود المواجهة مع عصابات بشار!!وهنا تضاعف الحقد الأمريكي على الشعب السوري الأعزل شديد العناد إذ لم يسبقه شعب آخر في التصدي لجيش مدجج بالسلاح الثقيل ينحر من فلذات أكباده مئات كل مغيب شمس.
فالتبرير الأمريكي يعني أن واشنطن كذبت على الشعب السوري طيلة ثمانية عشر شهراً، فتظاهرت بتأييدها له وكررت دعواتها المسرحية لبشار أن يتنحى عن السلطة.ويعني أن بشار الذي فاق مسيلمة في الكذب المفضوح كان "صادقاً" لأنه منذ البداية أنكر وجود ثورة شعبية تريد التحرر من طغيانه، وأصر على أنه يواجه عصابات مسلحة وهابية تكفيرية!!
وهذا التبرير الحقير يعني أن سفير واشنطن كذاب فاجر لأنه زار حشود المتظاهرين في حماة في الشهور الأولى من الثورة وسجل ما رآه بنفسه على صفحته الشخصية في الفي سبوك!!
أفلا يكفي كل هذا الإذلال الذي تسبب به السوريون للأمريكيين كي يحقدوا عليهم حقداً ضخماً يضاف إلى حصتهم من الحقد الغربي على كل من يشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟!