اليسار والنفاق المفضوح لنظام الأسد
15 شوال 1433
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

في وقت تشهد فيه الأوضاع السورية تدهورا مأساويا بعد تصاعد القتال بين قوات المعارضة وعصابات النظام وفرار عشرات الآلاف من المدنيين إلى الدول المجاورة التي أصبحت تشكو من عدم استطاعتها استيعابهم, وتنامي أعداد القتلى في مذابح مروعة يرتكبها نظام الأسد بدم بارد وتنقل وقائعها بالصوت والصورة على مواقع الإنترنت, في ظل هذا الزخم يقف قطاع عريض من اليسار العربي في موقف مؤيد لنظام الاسد بدعوى أنه "نظام للمقاومة والممانعة ضد النفوذ الصهيو ـ أمريكي في المنطقة", وهي دعوى عبثية لا تبرر حتى لو صحت هذه المجازر المستمرة منذ أكثر من عام ونصف, فكيف وهي دعوى باطلة من أساسها؛ فالنظام السوري لم يتحرك طوال أكثر من 40 عاما لكي يحرر أراضيه المحتلة من ايدي الصهاينة وسمعنا عن مقاومة للاحتلال في فلسطين ولكننا لم نسمع عن مقاومة للاحتلال في الجولان الذي سلمها والد بشار للصهاينة دون قتال وعندما اجتاحت "إسرائيل" لبنان في الثمانينيات وكان الجيش السوري منتشر هناك لم يطلق رصاصة واحدة وهرب من المواجهة, وكذلك فعل عندما هاجم الاحتلال غزة وقتل المئات في حرب شعواء استخدم فيها ترسانته المتخمة بالاسلحة الغربية الحديثة...

 

اليسار العربي يعيش أزمة ساحقة بعد انهيار أغلب الحكومات التي كانت تدعمه في ليبيا وفي العراق ثم الآن في سوريا وهو يشعر باليتم لأنه يعلم جيدا أنه لا شعبية له على الأرض رغم شعاراته البراقة التي يدغدغ بها مشاعر الفقراء الذين يشكلون أغلبية كبيرة في العالم العرب ولكنه في نفس الوقت يخسر الكثير عندما يحتقر ثقافة وهوية هذه الشعوب حيث يشكل العداء للدين ومحاولة تحجيمه والنظرة الدونية له والانطلاق من العبارة الشيوعية الشهيرة "الدين أفيون الشعوب" والتي تشكل حجر الزاوية في ثقافة اليسار في التعامل مع الدين حيث يستخدمون عبارات من نوعية "الرجعية" و"الردة" على أي شكل من أشكال التدين بينما يصبح الخروج على الدين نوع من أنواع "التحضر" و"التقدم"..

 

هذا اليسار الذي شهد بروزا قويا على الساحة في أواسط القرن الميلادي الماضي في عالمنا العربي بعد وصول عدد من أتباعه للحكم لسنوات طويلة أذاقوا شعوبهم فيها أبشع أنواع الظلم والاستبداد والدكتاتورية وألغوا جميع أنواع الحريات وصادروا على حق شعوهم في التعبير, هذا اليسار الآن يهاجم الإسلاميين ويتهمهم بأنهم "فاشيين مثل هتلر", ويحذر الشعوب من أنهم إذا وصلوا للحكم لن يتركوه طوعا رغم أن عبد الناصر والقذافي وصدام وهم من رموز هذا التيار الكبرى في عالمنا لم يتركوا الحكم طوعا وهاهو آخرهم يريد أن يشعلها حربا أهلية في سوريا قبل أن يذهب بعد حكم دكتاتوري استمر فيه وهو ووالده أربعين عاما ورغم ذلك يجد من يدافع عنه بل ويسفه الرئيس المصري الذي طالبه بالرحيل من قلب طهران التي تعد من أكبر حلفائه وبدلا من أن يشيد ه كما أشاد به العالم كله, يزعم أن ما قاله الدكتور مرسي "هو تردي للدور المصري وتنازل عن الريادة في المنطقة"...

 

هذا هو اليسار الذي يهاجم وصول الإسلاميين للحكم بإرادة شعبية حرة في تونس ومصر ويحذر من سيطرتهم على مقاليد الامور يدافع عن رئيس وصل إلى السلطة بواسطة انقلاب عسكري قام به والده ولا يوجد أية حياة حزبية من أي نوع أو انتخابات نزيهة في بلده ويقوم بقتل شعبه في وضح النهار بالطائرات التي يستوردها من روسيا... فهل لهؤلاء مصداقية بعد الآن عندما يخرجون علينا منادين بـ "الديمقراطية" وداعين الإسلاميين للانفتاح على الآخر ومشاركته في الحكم ؟! لقد منح الإسلاميون في تونس اليساري المنصف المرزوقي الرئاسة واختار الرئيس المصري الإسلامي عددا من التيارات المختلفة في فريقه الرئاسي؛ فهل كان سيقبل عبد الناصر والقذافي وصدام مشاركة الإسلاميين في الحكم رغم شعبيتهم الجارفة أم أن السحل هي الطريقة الوحيدة التي كانوا يعرفونها للتعامل معهم؟ وكذلك يفعل أخوهم اليساري بشار الآن.