أنت هنا

الرئيس مرسي ورسائله للإيرانيين وللعالم
14 شوال 1433
موقع المسلم

البداية بحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أمر لافت في مؤتمر دولي، لكن إذا ما تم الترضي على "ساداتنا" كما قال الرئيس مرسي في مؤتمر حركة عدم الانحياز بطهران، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي في قلب العاصمة المعادية لهم؛ هو أمر يدعو إلى الاهتمام البالغ.

 

لم تكن عبارة موجزة طارئة استهل بها الرئيس المصري خطابه، وإنما جسدت العديد من المعاني؛ فهي رسالة رسمية مصرية واضحة للإيرانيين بأن مصر لن تسمح أبداً بالاختراق الشيعي لأراضيها تحت أي ظرف، وأن مسألة موالاة الصحابة والترضي عنهم وحبهم ليست مسألة قابلة للقسمة على اثنين في السياسة المصرية الجديدة، وأن الخليج العربي عليه أن يطمئن إلى أن مصر لن تغادر معسكرها السني أو تتساهل فيه تحت أي ظرف من الظروف، وأن على حلفاء الرئيس وحزبه في مصر من السلفيين وغيرهم عليهم ألا يقلقوا من أي مصافحة رسمية أو بروتوكولية للمسؤولين المصريين مع نظرائهم الإيرانيين، وأن خصومه السياسيين في مصر من التيارات الأخرى ألا يصيدوا في ماء عكر، حين يخوضون معركة ليست لهم لمجرد المعارضة، وأن على العالم أن يعلم بأن زعامة مصر الجديدة لديها من الشجاعة ما يمكنها من مواجهة خصومها في عقر دارهم وإسماعهم ما يكرهون من ثوابت مصر..

 

الرئيس مرسي أرسل أكثر من رسالة، أحدها تتعلق بالوضع السوري، وهو أجبر الوفد السوري على الانسحاب تحت قصف النقد ونزع الشرعية والتأكيد على قمعهم لشعبهم، وهو كذلك ذكّر بالأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني، وتحدث كمدافع عن إفريقيا وعن حقوق ما يُسمى بدول العالم الثالث في العضوية الدائمة لمجلس الأمن..

 

لكن مع هذا كله؛ فإن طهران التي وصلتها تلك الرسائل السلبية، ترى في وسعها تحمل هذا الهجوم المباغت من القاهرة، إذا رأت ضوءًا في نهاية النفق، أي أنها ما زالت طامعة في أن تكون هذه فاتورة إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع مصر، وقد يتفهم بعض سياسييها المخضرمين أن حرج موقف الرئيس المصري في الداخل المصري وفي الدول العربية المجاورة تجعله يقدم قدماً ويعود عشرة خطوات للخلف، وهي قد ترضى بهذا المكسب المؤقت إلى أجل، رغبة في رفع مستوى العلاقات في المستقبل القريب، بل قد تقبل بالتعهد بعدم نشر التشيع في مصر أملاً في احتواء مصر..

 

هذا خطير على المستقبل المصري، ويجب الانتباه له جيداً، لاسيما أن أصواتاً في مصر تريد من الرئيس المصري أكثر من ذلك بدعوى موازنة الموقف الأمريكي في مصر، وهناك بعض القوى السياسية ترغب في ترطيب الأجواء بين القاهرة وطهران على حساب عمق مصر الإسلامي والعربي، غير أن الأمل يبقى في الوعي الذي يبدو أن بعض أركان الحكم المصري الجديد يتمتع به، لاسيما أن طهران نفسها لن تقبل بمنافس قوي، وهي وإن احتوت نظام بشار وساقته، إلا أن ذلك محال مع نظام صاعد ويتمتع برديف جماهيري كبير، كإدارة الرئيس مرسي وحكومته، وأبرز مثال على ذلك، أن طهران قد ترى في حديث مرسي عن توسيع العضوية الدائمة لمجلس الأمن لتشمل دولاً أو دولة إسلامية على أنه رافد جديد لطموحاتها في شغل مقعد الدول الإسلامية في تشكيلة مجلس الأمن القادمة، ولكنها الآن تنتبه إلى أن القاهرة ذاتها لا تثير تلك القضية من أجل طهران بل لهدف يتعلق برغبة مصر ذاتها في شغل هذا المنصب..