كلمة لابد منها: استقلال القضاء والأزهر
27 شعبان 1433
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

مؤسستان في مصر لا يمكن الغفلة عن دورهما وتأثيرهما على الاحداث الجارية ليس فقط في الداخل ولكن في الخارج أيضا هما الازهر والقضاء..

 

ولا يخفى على أحد أنه وخلال عشرات السنين كان النظام السياسي لا يلتفت إلى هاتين المؤسستين إلا إذا أراد استخدامهما لتنفيذ أهدافه, صحيح حدث بعض الصدام في البدايات ولكن مع مرور الوقت اتضح أن هناك رضا متبادل بين الطرفين على كيفية تسيير الامور يصب في مصلحة النظام السياسي, وليس أدل على ذلك من مذبحة القضاة التي نفذها عبد الناصر ضد عدد كبير من القضاة الذين وقفوا في وجه تدخلاته وسياسته القمعية ومن بعدها لم نسمع إلا عن مناوشات طفيفة علت قبيل انتهاء عصر مبارك عندما تشكلت حركة القضاة المستقلين الذين فضحوا تدخل النظام في القضاء, ولكنها ما لبثت أن اختفت بالقهر والتضييق والإبعاد وهي الوسيلة التي كان يستخدمها النظام دائما مع القضاة لكي يتمكن من تنفيذ أغراضه...

 

بعد ثورة يناير كثر الحديث عن إصلاح مؤسسات الدولة وتم الحديث بصفة خاصة عن القضاء وكانت هناك حساسيات كبيرة من البعض تجاه هذا الامر رغم أن هناك مشاكل كبيرة وأخطاء ينبغي تصحيحها ولا يمكن انكارها من أهمها مثلا أن الدخول يتم إلى سلك القضاء ليس بالكفاءة والنبوغ ولكن بالواسطة والجاه والمال حيث يتم تفضيل أبناء القضاة حتى ولو كانوا من اصحاب التقديرات الجامعية الضعيفة على غيرهم من أصحاب التقديرات المرتفعة والنوابغ, كما يفضل أصحاب الأموال و أبناء العائلات الكبيرة بدعوى أنهم أبعد عن شبهة "الرشوة" على أبناء الفقراء مهما كانت كفاءتهم, وفي النهاية يتم اختيار قضاة من خريجي كلية الحقوق التي تقبل أضعف طلاب الثانوية العامة ثم يتم اختيار أضعف خريجي كلية الحقوق لأنهم من أبناء القضاة أو من أصحاب الوجاهة..

 

كذلك تدخلت الدولة ممثلة في النظام السياسي في انتداب البعض وترقية البعض أو ابعاد البعض الآخر عن الاماكن أو المحاكم أو القضايا الحساسة وأصبح هناك قضاة موالون للنظام ووضح ذلك من خلال الاحكام التي كانت تصدر في القضايا السياسية, المهم أن هذا الامر لم يكن خافيا على أحد خصوصا وأن امور القضاة وضعت في يد وزير العدل الذي يعينه رئيس الدولة, وكانت ثورة يناير فرصة كبيرة للقضاء لنفض يد الدولة عنهم والاستقلال الحقيقي وعدم الانحياز لأحد الاطراف السياسية إلا أن الحاصل أن القضاء ظل يوالي أصحاب السلطة والذي أصبح بعد الثورة المجلس العسكري وجاء الحكم بحل البرلمان قبل يومين فقط من انتخاب الرئيس الجديد ليثير الكثير من علامات الاستفهام خصوصا أنها المرة الاولى في تاريخ المحكمة الدستورية التي تقضي في هذه القضية بهذه السرعة حيث كانت من قبل تستغرق 3 سنوات أما هذه المرة فحسمتها خلال أربعة أشهر فقط والاغرب أنها رفضت قرار الرئيس المنتخب بإعادة البرلمان لفترة محدودة ولم تأخذ في الاعتبار أنها في عهد مبارك قالت عن قرار له بعرض الحكم بحل البرلمان على الشعب بأنه "قرار سيادي لا تتدخل فيه" فلماذا تدخلت الآن؟!

 

وليست القضية مجرد موالاة للعسكر فقط ولكن تستطيع وانت مطمئن أن تضيف إليها توجه علماني عند بعض رجال القضاء خصوصا في المحكمة الدستورية ضد التيار الإسلامي وعلى رأس هؤلاء القاضية تهاني الجبالي التي أعلنت صراحة أنها كانت تشير على المجلس العسكري بحل البرلمان "بشكل قانوني" ولا تخفي ميولها العلمانية المعادية للتيار الاسلامي في جميع أحاديثها وهو أمر جد خطير يزعزع الثقة في حيدة القضاء....الكلمة الأخرى التي أردت توجيهها هي للأزهر الشريف الذي ظل سنوات طويلة منارة للعلم ونشر الإسلام في ربوع الوطن وخارجه وتأثر دوره بشدة أيضا بحسب النظام السياسي وتوجهاته ولا يخفى على أحد أن تعيين شيخ الازهر والمفتي من قبل رئيس الدولة يؤثر في دورهما بشدة على الساحة خصوصا عندما تدخل الدولة ممثلة في نظامها السياسي حربا ضد التيار الإسلامي طوال سنوات طويلة ويكون مطلوبا من المسؤولين في الازهر إدانة هذا التيار بحق وبباطل واتخاذ مواقف متشددة معه, أضف إلى ذلك تدخل الدولة في تعديل المناهج وتولية أشخاص بأعينهم لهذا الدور..

 

الازهر أيضا يحتاج إلى استقلال واضح وعلى علمائه أن يختاروا شيخهم بشكل محايد وعلمي وكذلك يختاروا المفتي حتى لا يفتي كما يريد أصحاب السلطة وإلا يعزل كما حدث مع المفتي الاسبق الدكتور فريد واصل..الازهر مليء بعلماء أجلاء تم تهميشهم لأنهم رفضوا أن يسيروا في قطيع النظام السابق وينبغي أن يأخذوا فرصتهم الآن لإعادة الدور التاريخي للأزهر وأعتقد أن على شيخ الازهر والمفتي الاستقالة فورا والاحتكام للانتخاب في التعيين من قبل هيئة علمية مستقلة.