أنت هنا

مجزرة القبير والحل السياسي على الطريق اليمنية
18 رجب 1433
موقع المسلم

"مجزرة القبير غير مقبولة"..

"على الأسد أن ينقل سلطته ويغادر سوريا"..

 

هذا هو ملخص السياسة الغربية التي أجملتها وزير الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في هاتين العبارتين، وهما تدلان على ما يلي:

 

أولاً: أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تنضج، ولن تنضج حلاً للقضية السورية.

 

ثانياً: أن الغرب غير مستعد لتغيير هذا النظام الصهيوني الذي ينفذ السياسة "الإسرائيلية" حرفياً فيما يخص حماية أمن "إسرائيل"، ولذا؛ فإن أقصى طموح الشعب السوري لابد أن يقف عند حد نقل السلطة.

 

ثالثاً: أن الغرب يضع خطاً أحمر لحدود تطلعات الشعوب العربية، وأن النموذج السوري، في نظره، لا ينبغي أن يجاوز ما وصلت إليه شعوب مصر واليمن على أقصى تقدير فيما يخص الإبقاء عن الأنظمة الحاكمة وخلع حاكمها الأول، والإبقاء على كل مفاصل التأثير الغربي في السياسات الداخلية والخارجية للبلدان الثائرة.

 

رابعاً: أن الأطباق اللاقطة لإشارات المجازر التي تحدث في بلدان المسلمين، تختلف عن أطباقنا اللاقطة، لا، بل تختلف حتى عن الأطباق الإنسانية عموماً؛ فمبلغ الغضب يقف عند حد "عدم القبول"، وربما كلمات أكثر وقعاً وعديمة الجدوى، كالتي يرددها بان كي مون بوصفه المذبحة بأنها " الوحشية التي لا توصف "، أو كوفي عنان الذي قال أنه "مشمئز من المجزرة"، أو ترتفع قليلاً في الصحافة والتليفزيون الأوروبي والأمريكي.

 

المراد إذن، أن تظل القضية السورية تراوح مكانها حتى ييأس الثوار والمجاهدين المدافعين عن الدين والأرض والعرض في سوريا، والشعب السوري البطل، فيحرم الثورة والمقاومة من رافدها الأساسي، طول النفس الشعبي الثوري، وأن يستمر الضغط بهذا الصمت والتواطؤ حتى يرضى الشعب السوري بعودة النظام مع أدوات تجميلية كالتي حصلت في بلدان "الربيع العربي".

 

لا جديد فيما تقوله رأس الدبلوماسية الوحشية الأمريكية؛ فالجميع مدرك أن حظوظ بقاء بشار في الحكم منعدمة، وأن طبيعة السياسة العالمية تقضي بضرورة الخلاص منه، ليس لكونه مجرماً دموياً، لكن لأن طريقته في الحكم تفضحهم لدرجة غير مقبولة، لاسيما عندما يبالغ في ذبح الأطفال والنساء على نحو لم يقبله العالم من قادة الصرب برغم خلوصهم في النهاية إلى وضع المسلمين في البلقان كمواطنين من الدرجة الثالثة أوروبياً، ونجاحهم في منع قيام دولة مسلمة في البلقان؛ إذ ليس من المهم من يمثل الواجهة المحلية في الحكم الاحتلالي الغربي لبلداننا المسلمة، وإنما الأكفأ والأقدر على الإبقاء على الغضب دون حدود الثورة وعدم الاستقرار المفضي إلى تهديد "مصالح" الغرب في البلاد العربية والإسلامية.

 

بشار جاوز القنطرة، ولن يعود، ولكن بقاءه مرهون فقط بدوره في جعل الثورة السورية ترضى فقط بمجرد إزاحته، أي أن بقاءه هو لكي يذهل الفرح برحيله يوماً ما الشعب السوري فيطلق الألعاب النارية في الهواء يوم رحيله مثلما فعل المصريون يوم 11 فبراير من العام الماضي ظناً منهم أنهم قد أسقطوا النظام!

 

وإذا كنا نستوعب ذلك، فعلى الثوار في الجيش السوري وغيره أن يفطنوا إلى أن انتصارهم رهين بوجودهم هم في سدة الحكم ما بعد بشار، وأن أي صيغة توافقية تجعل معظم السلطات المفصلة كالقضاء والإعلام والداخلية والدفاع في يد غيرهم مرفوضة تماماً..
يمكنهم يوماً ما أن يقبلوا "فلول" نظام بشار في وزارات التموين والصحة والمياه، مثلما يراد دوماً للأحرار أن يتسلموا حقائبها فقط في الديكور الائتلافي!