بعد "نكسة" الإسلاميين بالانتخابات.. الجزائر تبتعد عن الربيع العربي
21 جمادى الثانية 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

يبدو أن أوان الربيع العربي في الجزائر لم يصل بعد، عقب إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية التي أظهرت فوزا كبيرا للحزب الحاكم مقابل انتكاسة للأحزاب الإسلامية وذلك خلافا لماشهدته دول الربيع العربي من فوز كاسح للإسلاميين في الانتخابات التي جرت بعد الثورات وتوليهم السلطة، وهو ما يشكك في إمكانية حدوث إصلاحات جوهرية في الجزائر.

 

وفي رابع انتخابات برلمانية تعددية تشهدها البلاد، حصل حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "جبهة التحرير الوطني" الحاكم على 220 مقعدا من أصل 462 في المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) بالانتخابات التي جرت يوم الخميس، يليه التجمع الوطني الديمقراطي، المتحالف معه ، بحصوله على 68 مقعدا، وهو ما يعطيهما أغلبية مريحة في البرلمان تتيح تمرير كل القوانين، وأولها تعديل الدستور الذي وعد به بوتفليقة في خطاب 15 إبريل عندما أعلن إصلاحاته السياسية.

 

هذا في حين لم تحصل الأحزاب الإسلامية مجتمعة سوى على 66 مقعدا، منها 48 مقعداً لتكتل "الجزائر الخضراء" الذي يضم ثلاثة أحزاب هي حركة مجتمع السلم (حمس) المحسوبة على الإخوان المسلمين والإصلاح الوطني والنهضة، فيما توزعت بقية المقاعد على أحزاب كثيرة.

وبعد إعلان النتائج صدرت دعوات من ناشطين ومعارضين جزائريين إلى إلغاء الانتخابات في بعض الدوائر التي ثبت فيها عمليات "تزوير"، واصفين إياها بأنها غير بريئة، ومن بينهم أبو جرة سلطاني، رئيس حركة مجتمع السلم الذي شكك أيضا في نسبة المشاركة، التي أعلنتها وزارة الداخلية وهي 43%.

 

واعتبرت أحزاب التحالف الإسلامي في الجزائر أن نتائج الانتخابات تعرضت ل"تلاعب كبير"، محذرين من "مخاطر" هذا الأمر على البلاد.، وقال "تكتل الجزائر الخضراء" في بيان له "تأكد لدينا بأن هناك تلاعبا كبيرا في النتائج الحقيقية المعلنة على مستوى الولايات وتزايدا غير منطقي للنتائج لصالح أحزاب السلطة".

وفي المقابل عبرت السلطات الجزائرية عن فرحتها بنسبة المشاركة المشكوك فيها معتبرة إياها "ردا على الذين راهنوا على نسبة مشاركة ضعيفة" شبيهة بانتخابات 2007، بينما قال معارضون إن "النسبة الحقيقية للمشاركة في الاقتراع كانت في حدود "نصف النتائج الرسمية".

نتائج الأحزاب الإسلامية في انتخابات الجزائر لم تكن متوقعة، خصوصا بعد النجاح الذي حققته في دول مجاورة مثل المغرب، وتونس، ومصر، حيث جاء الفرق شاسعا بين المقاعد التي حصل عليها الحزب الحاكم والمتحالفين معه، وبين تكتل الإسلاميين.

ويتوقع مراقبون بعد هذه النتائج عدم إجراء تغييرات أو إصلاحات جوهرية في الجزائر خاصة إذا بقيت أحجام الأحزاب والتيارات على حالها، في ظل تمكن الحزبين الحاكمين حالياً، جبهة التحرير والتجمع الوطني الديموقراطي، من المحافظة على غالبيتهما البرلمانية وبالتالي تشكيل الحكومة المقبلة.

 

كما أنه ليس واضحاً كيف ستتعامل الأحزاب الإسلامية مع ما وصفه المراقبون بالنكسة الانتخابية، خاصة أنها كانت تؤكد أن فوزها مضمون وأن لا شيء سوى التزوير يمكن أن يحول بينها وبين النصر.

 

وكانت الجزائر قد شهدت بعض الاحتجاجات في بداية موجة ما بات يعرف بـ"الربيع العربي،" ولكن الحكومة تمكنت من السيطرة عليها، وزادت من وتيرة الإنفاق الاجتماعي مستفيدة من موارد البلاد النفطية الهائلة.

 

وفي نهاية العام الماضي، أقر البرلمان الجزائري بالأغلبية قانون الأحزاب الجديد، الذي واجه انتقادات واسعة، بعدما تضمن مادة تحظر على الأعضاء السابقين في الجبهة الإسلامية للإنقاذ من العودة إلى العمل السياسي.

 

وبالعودة إلى التطورات الجديدة بالجزائر وهزيمة الإسلاميين، فإن الخبراء يتخوفون من توابع هذه النتائج التي تؤكد الأحزاب الإسلامية أنه تم التلاعب بها أو تزويرها، وهو ما يهدد بالبلاد بالدخول في صراع غير محمود العواقب مع السلطة أو قد تقوم ثورة تعيد الجزائر إلى مسار الربيع العربي الذي ابتعدت عنه.