روائح انقلاب عسكرى
10 جمادى الثانية 1433
فراج اسماعيل

المجلس العسكرى لا يستجيب إلا بالضغط، هذا هو الدرس الأول الذى تعلمه المعتصمون والمحتجون، أما الدرس الثانى، فإن هذا المجلس يعود إلى سيرته الأولى إذا خفت الضغوط ورحل المتظاهرون إلى بيوتهم.

علق مجلس الشعب جلساته فى وقت أنذر المعتصمون أمام وزارة الدفاع بتصعيد وقفتهم إلى ما لا قبل لأحد به إذا لم يستجب العسكر لمطالبهم، وأهمها الرحيل فورًا، وإقالة حكومة الجنزورى وتشكيل حكومة ائتلافية وتفعيل قانون حرمان الفلول من الحقوق السياسية، وإلغاء المادة 28 التى تحصن قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، وإجراء الانتخابات فى موعدها، وعدم إعطاء وضع خاص للجيش فى الدستور الجديد.

 

مصادر حزب الحرية والعدالة ذكرت أن المجلس العسكرى خضع أخيرًا وقرر إجراء تعديل وزارى خلال 48 ساعة، لكن هذا التسريب جرى نفيه أو على الأقل التأكيد بأن "الجنزورى" سيظل على رأس الحكومة مع تغييرات طفيفة – على طريقة مبارك – لتخفيف الاحتقان.

ماذا يخسر المجلس العسكرى لو استجاب لآليات الديمقراطية التى تعنى أن حجب الثقة عن الحكومة معناه "مع السلامة"، ورفض بيانها معناه أنها فى حكم "المعطلة"؟!.. لكنه ركوب الرأس والعناد واتخاذ قرارات توحى للناس بأنهم يمثلون الصف الثانى من نظام مبارك، وأنهم متمسكون بالبقاء رغم وعودهم الصريحة بتسليم السلطة لرئيس مدنى منتخب فى 30 يونيه القادم.

 

تكلفة البطء عالية، أخطر ما فيها سفك الدماء، فقد لقى 6 مصرعهم فى اشتباكات العباسية يوم السبت الماضى.

يسأل البعض: هل تستحق ثلاثة أسابيع متبقية على الانتخابات الرئاسية هذا الصراع بين البرلمان وحكومة الجنزورى؟.. الكتاتنى يقول إن الأخير هدده بأن قرار حل مجلس الشعب موجود فى أدراج المحكمة الدستورية العليا.

 

الحكومة تستصغر البرلمان وتقلل من شأنه وتمنع وزراء مهمين من حضور جلساته كوزير الداخلية، ولا تؤمن بأنه هيئة منتخبة وتعامله على أنه مجلس كلام للتسلية والديكور.

إذا استمر الجنزورى، فالصراع مستمر والأزمات ستتوالى.. وإذا رحل فالحكومة الجديدة قد لا تتشكل قبل الانتخابات، وبالتالى فإن فراغًا سياسيًا وأمنيًا سيسود البلاد.

إنها روائح انقلاب عسكرى كمبرر للخروج من أزمة كارثية مصحوبة بتدهور اقتصادى مستمر، يتعاظم خطره بنجاح تيار مدفوع من جهات لها مصلحة فى إفساد علاقات مصر بالسعودية، وهى علاقات ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية كبيرة، تدخل تأثيراتها معظم البيوت المصرية.

 

حصار المتظاهرين لقيادة الجيش قد يدفع إلى الاستفزاز والانقلاب وإلى ما هو أخطر وأفظع كاستعمال العنف لإبعادهم.. والعنف لا يعنى غازات مسيلة للدموع أو الخرطوش.. إنها المواجهة التى تسبق الانقلابات.

سيظل السؤال المقلق يفرض نفسه حتى فى ربع الساعة الأخير.. هل يأتى رئيس مصر من صناديق الانتخابات أم يهبط بمسدسه وكلاشينكوفه من ثكنات الجيش؟!

[email protected]

 

 

المصدر/ المصريون