تحرير هجليج.. ضربة لجوبا ..والغرب!
1 جمادى الثانية 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

ضربة قاصمة تلك التي وجهتها الخرطوم إلى جوبا بعد تحرير مدينة "هجليج" النفطية التي احتلتها قوات جنوب السودان بتآمر غربي واضح لتخريب البنية النفطية لكنها تراجعت وانسحبت أمام الهجمات القوية التي شنها الجيش السوداني فيما تزعم جنوب السودان أنها تراجعت من تلقاء نفسها نتيجة لضغوط المجتمع الدولي.

وأثار الإعلان عن تحرير "هجليج"، فرحة آلاف السودانيين الذي تظاهروا احتفالا بهذا النصر الذي اعتبروه حدث وطني فريد، بينما أكد الرئيس السوداني عمر البشير أن جيشه وجه ضربات عنوة وقوية متوعدا جوبا بمزيد من الدروس القاسية إذا كررت هجماتها.

 

كما اعتبر على عثمان محمد طه، النائب الأول للرئيس السودانى أن تحرير هجليج ثورة ضد الإحباط والتشكيك فى الإرادة الوطنية فى الداخل والخارج، وضد المؤامرة الإقليمية والدولية، ووقفة فى وجه عدوان دولة الجنوب ضد السودان، مؤكدا أن دولة الجنوب لا تملك القرار بل هناك سند خارجى لها.

 

وفيما يتعلق بالخسائر التي تكبدتها الخرطوم جراء الاعتداء على "هجليج"، فقد طالبت وزارة الخارجية السودانية بتعويضات من دولة جنوب السودان، مشددة على أن دولة جنوب السودان لا تزال تردد تبعية "هجليج" لها في تحدي واضح للمجتمع الدولي.

 

وجاء هذا الزعم بأن هجليج جزءا لا يتجزأ من أراضي جنوب السودان على لسان رئيس جنوب السودان سلفاكير الذي ادعى أن قواته انسحبت بسبب الضغوط المتكررة التي مارسها المجتمع الدولي دون أن يشير إلى الهجوم المضاد للجيش السوداني على هذه المدينة الإستراتيجية التي تؤمن نصف الإنتاج النفطي للشمال.

 

وقد سخر وكيل وزارة الخارجية السفير رحمة الله محمد عثمان من تصريحات مسئولي جوبا عن أن قواتها بدأت تنسحب من هجليج، وتساءل ما الذي جعلها تتراجع بعد أن كانت تتمسك بشروطها والتي وضعها للانسحاب من هجليج وما الذي تحقق حتى تستجيب؟

وجاءت محاولات تخريب البنية الأساسية للبترول في هجليج بواسطة خبراء أجانب فى البترول بحسب الدكتور عوض أحمد الجاز وزير النفط السودانى، الذي وصف أوضح أن الدمار الذى أحدثه اعتداء "الجيش الشعبى لتحرير السودان" الجنوبي على المنطقة شمل محطة المعالجة المركزية وخطوط الأنابيب ومحطات الكهرباء ومحطات التجميع والمخازن الرئيسية، إضافة إلى حرق جميع المساكن ومحطات التشغيل والاتصالات، لكنه شدد على أن السودان قادر على تجاوز الخسائر، معلنا رفع حالة الاستعداد القصوى فى وزارته حتى تتم معالجة الدمار.

 

وواجهت السودان استيلاء جوبا على هجليج، بما يشبه الحرب وهو ما قد يجعل دولة الجنوب الآن تندم على فعلتها ، فعقب هذا الاستيلاء أعلن البرلمان السوداني "حكومة جنوب السودان عدواً"، وقرر العمل على إسقاطها، كما أعلنت الحكومة بدورها ألا تفاوض مع الجنوبيين قبل انسحابهم من هجليج، فضلا عن النفير الشعبي ، وتوجيه الجيش لاستعادة الأراضي المحتلة الذي شن الهجمات واتسعت المعارك وفتحت جبهات حدودية أخرى، ومنها ما فتحها الجنوبيون قرب أبيي المتنازع عليها.

 

ويشير المحللون إلى أن انفصال جنوب السودان عن السودان عام 2011 حرم السودان 75 بالمئة من نفطه ونصف الـ25 بالمئة المتبقي منه في هجليج، لذا فكان اتجاه جوبا نحو حرمانه منه أيضا وتوجيه ضربة قاسية لاقتصاده المتدهور وهو ما قد يعجل من إسقاط النظام السوداني وهو ما ترغب فيه بعض القوى الإقليميةٍ والدوليةٍ المعادية خاصة الغربية والصهيونية المعروف مطامعها ودعمها لجوبا، ومن هنا فإن الجنوبيين لم يقدموا على ما أقدموا عليه بدون مباركة غربية.

 

 

وبعد تحرير هجليج التي أثار الاستيلاء عليها احتمال نشوب حرب بين الدولتين فقد رأت بعض الصحف الغربية ومن بينها صحيفة "الاندبندنت " البريطانية أن احتمالات نشوب هذه الحرب تضاءلت لكن هذه الصحف أخذت تدافع عن جنوب السودان رغم أنه القوة المعتدية والهجوم على نظام البشير، زاعمة على سبيل المثال أن جوبا تقوم بعمليات "انسحاب منظم" استجابة لمناشدات الأمم المتحدة وأن هذه الخطوة تعكس رغبة حكومة الجنوب في توفير مناخ مناسب لاستئناف الحوار، فضلا عن تجاهلها لاستفزازات الخرطوم ومنها عمليات القصف لأراضيها!.

 

فيما تحدثت الصحيفة بشكل هجومي عن الرئيس السوداني عمر البشير وركزت على تصريحاته الخاصة بتحرير الجنوب ، دون أن تغفل بالطبع أن البشير لا يزال مطلوبا حتى الآن من قبل المحكمة الجنائية الدولية على خلفية اتهامه بارتكاب جرائم حرب.

 

لكن يرى خبراء آخرون أن الأوضاع حول السودان لن تهدأ قريبا حيث إن إدارة جنوب السودان تقف أمام تحدي بقاء دولتهم وتوفير الموارد الاقتصادية لها خاصة فيما يتعلق بأبيي النفطية، فضلا عن انصياعها لأوامر الغرب فيما يتعلق باتخاذ خطوات عدائية ضد الخرطوم التي يبدو أنها لن تقف بعد ذلك مكتوفة الأيدي أمام مثل هذه الخطوات، فهاهي قد انتصرت في الجولة الأولى بعد انفصال الجنوب.