خياراتنا العسكريّة في سوريا
1 جمادى الثانية 1433
مايكل أوهانلون

ترجمة/ حسن شعيب
 
كلّما اشتدت موجة العنف في سوريا تقلصت خياراتنا للرد عليها, وبينما تظل فصائل المعارضة السورية المتعددة والجماعات الطائفية بعيدة عن الامتزاج والتوحد مثل المعارضة الليبيّة, لا يزال الأسد وجيشه أقوياء للغاية، لكن- وفقًا لما رأته بعثة حفظ السلام- إذا ما قامت الولايات المتحدة بالتدخل العسكري, فإن شبح غزو العراق يلوح في الأفق؛ نظرًا لحجم سوريا والجهات الفاعلة والمنقسمة هناك.
 

 

برغم هذا فإنه من الضروري أن نفكر في الخيارات العسكريّة المتاحة:
 
* عملية عسكرية بحرية أو جوية عقابية لتشجيع الانقلاب ضد الأسد: من شأن هذه التدابير أن تعزز العقوبات الاقتصاديّة القائمة, وهذان التكتيكان هما الأكثر قابليّة للتطبيق, فالعملية البحريّة ستضرم حصارًا بحريًا لتمنع سوريا من تصدير النفط أو استيراد أي من البضائع أما العملية الجوية المحدودة فستحرم النظام السوري من الأصول التي تقدرها (مثل القصور) كما نأمل أن يمكننا إقناع المقربين من الأسد للإطاحة به والتوصل لاتفاق لتقاسم السلطة مع المعارضة كشرط مسبق لإنهاء العقوبات المفروضة والحملة العسكريّة العقابيّة.
 

* حملة خارجية تشبه تلك التي شهدها "البلقان" للمساعدة في الإطاحة بالأسد: وفي هذا الخيار تستهدف الضربات الجويّة أيضًا الأسلحة الثقيلة التي يستخدمها الجيش السوري لقصف المدن ويمكن الجمع بين هذا وتكوين منطقة حظر جوي للطائرات العسكرية السورية وغيرها من الطائرات على معظم أو حتى البلاد كلها, الأمر الذي قد يتطلب ما يصل لمائتي طائرة  تعمل في مختلق المجالات الجوية والبرية والحرية, وقد يتضمن هذا النهج تسليح المعارضة السورية بالرغم أن هذا قد يزيد العنف خلال فترة قصيرة.
 

* إنشاء منطقة آمنة للمدنيين السوريين: ويعتبر إنشاء هذه المناطق أسهل من فرضها, وسوف يبذل الجيش السوري أي مجهود لإنشاء منطقة أو أكثر, ولكن هذه المناطق لن يتم إنجازها إلا باستخدام القوة الجويّة وعدد غير قليل من القوات البرية الخارجيّة, وقد تشبه جزئيًا تلك التي وضعت للأكراد في التسعينات إبان الحرب على العراق, وللأسف قد تكون هذه المهمة أصعب فلا توجد, جغرافيًا أو ديموغرافيًا, منطقة يمكن أن تكون آمنة في سوريا, فالسكان منتشرون في كل مكان والقتل في جميع المدن المركزية تقريبا, إلا أن إنشاء منطقة آمنة في شمال شرق البلاد بالقرب من الحدود التركيّة أكثر واقعية ولكنه لن يكون مفيدًا للسكان في الغرب، ولهذا النوع من المهام قدرة محدودة على حماية الأبرياء وبتحقيق هذا الخيار إلى الخيارات المذكورة أعلاه يمكن أن يخلق نواة مقاومة أقوى يمكنها أن تتحدّى الأسد  باستخدام منطقة آمنة كقاعدة انطلاق والملاذ.
 

 

مما لا شك فيه أن جميع هذه الأساليب تعد محدودة من حيث النطاق والأهداف وجميع نتائجها متواضعة, كما أن أيًا من هذه الخيارات ليست حاسمة وجميعها محفوف بالمخاطر وبذلك يكون من الضروري استخدامها إذا ما ساءت الأمور.
 
بيد أن البدائل ليست على ما يرام أو أفضل, وللأسف لعل النتيجة الأكثر ترجيحًا أن يقوم الأسد بإعادة سيطرته على البلاد بوحشية مما يعني ربما وضع أوزار الحرب أو على الأقل عدم وصولها لمرحلة المواجهة الشاملة, ولكنها كذلك يمكن أن تصل إلى استمرار تدهور الأمور لتصبح أكثر فوضويّة في ميدان المعركة وفي هذه الأثناء ربما تفكر بعض الدول العربيّة في تسليح المعارضة ومن المرجح ألا يكون هذا كافيا للإطاحة بالأسد ولكنه قد يكون كافيًا لتأجيج مزيد من الصراعات الإضافية الداخليّة.
 

ومع دنو أعداد القتلى سريعا, خلال عام من الصراع, من 10 آلاف قتيل, فمن المؤكّد أنه ليس من السابق لأوانه أن نستخدم هذه الإمكانيات العسكريّة بشكل عام, إن لم يكن لسبب آخر غير التلويح للنظام السوري الوحشي بما لدينا من خيارات قويّة فضلا عن تمنياتنا وآمالنا للإطاحة به فحسب، ومن جهة أخرى سيكون إقناع المقربين من الأسد بذهابه إلى المنفى وربما يمكن إقناعهم حتى مشاركة المعارضة في السلطة, قد لا يكون هذا حلا مثاليًا ولكنه المتاح في ظل الظروف الحالية بل إنه قد يكون الأفضل الذي نتمنى حدوثه  حتى لو تتطلب هذا حديث غير مريح عن التدخل العسكري.

المصدر/ الاسلام اليوم