
جاء استبعاد 10 من المرشحين لرئاسة جمهورية مصر بينهم 4 من أقوى المرشحين ليؤكد بحسب مراقبين وجود أيادي خفية تتحكم في سباق الرئاسة ومجريات الحياة السياسية التي من الواضح أن نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك مازال حاضرا بشكل قوي بها من خلال رجاله ومنهم من يتولى رئاسة المحكمة الدستورية العليا التي لها من الصلاحيات النافذة ما يجعلها قادرة على السيطرة على البلاد وبشكل قانوني!.
واستبعدت لجنة الانتخابات الرئاسية برئاسة المستشار فاروق سلطان رئيس اللجنة ورئيس المحكمة الدستورية العليا 10 من متقدمي الترشح بسبب عدم استيفاء أحد شروط الترشح للانتخابات المقررة 23 و 24 مايو المقبل، ومن أبرز المستبعدين نائب الرئيس المخلوع عمر سليمان والمهندس خيرت الشاطر مرشح جماعة الإخوان المسلمين (الذي جاء ترشحهما بشكل مفاجئ) والشيخ السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل والناشط السياسي أيمن نور.
وتشير مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إلى وجود قوى خفية تملك زمام الأمور في مصر وتدير شئونها الداخلية، وهو "فاروق سلطان"، معتبرة أن سلطاته كرئيس للمحكمة الدستورية هي فقط القوة الهائلة التي أطاحت بأقوى مرشحى الرئاسة، حيث إن "سلطان" هو المرجعية الاساسية والشخصية المحورية التي تلعب الدور الأكبر في رسم ملامح مستقبل مصر.
وعن سلطات "سلطان" ففي ظل الدستور المؤقت فإنه كرئيس للجنة الإشراف على الانتخابات الرئاسية القادمة له من الصلاحيات والقوة السياسية والتنفيذية المتحكمة في أقدار البلاد ولا يمكن التصدي له، لأنه محمي بالقانون والدستور، كما أن المادة التي تمنع الطعن على قرارات اللجنة الانتخابية في حالة إعلان رئيس البلاد تزيد من قوته وسلطته غير القابلة للمراجعة، بحسب المجلة.
وعن خلفية فاروق سلطان، فإن رئيس المحكمة الدستورية العليا قد عينه المخلوع في هذا المنصب عام 2009، وقد أثار هذا التعيين دهشة الكثيرين داخل مصر وخارجها خاصة في ظل تجاربه وخبراته السابقة بالمحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة سيئة السمعة والتي كانت تستجيب لضغوط مبارك في فترة ولايته، بالإضافة إلى انه لا يملك الخبرة الكافية في المحاكم الدستورية، لكنه في النهاية أحد موظفي الرئيس مبارك.
وكانت المحاكم الدستورية في وقت سابق إحدى الهيئات النادرة التي لا تتعرض لضغوط المخلوع، لذا جاء مبارك بأحد رجاله ليفرض سيطرته على المحكمة وإحكام قبضته عليها، وهاهو فاروق سلطان بعد تنحي المخلوع يريد أن يختار رئيس بنفسه خاصة قبل بلوغه سن التقاعد بالنسبة للقضاة، التي أوشكت على الاقتراب.
ولم يعد يخفى على أيا من المرشحين المستبعدين خاصة الإسلاميين منهم أن قرار استبعادهم هو قرار سياسي وليس قانوني كما تقول لجنة الانتخابات، فالشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل التي ادعت اللجنة أن جنسية والدته أمريكية وهو سبب استبعاده هاجم المستشار فاروق سلطان، واثنين من أعضائها، متهما إياهم بأن لهم تجارب سابقة في تزوير انتخابات النقابات ومجلس الشعب السابقة الأمر وهو ما اعتبره أن يتكرر مرة أخرى من خلال استبعاده.
وكشف الشيخ أبو إسماعيل عن وجود معلومات خطيرة لديه حول قضايا رشوة وفساد وتزوير لانتخابات سابقة وسيعلنها، مؤكدا أن لجنة الانتخابات الرئاسية قدمت له أوراقًا مزورة حيث لم يوجد اي مستند اطلع عليه به ختم رسمي سواء من الخارجية الأمريكية او الخارجية المصرية بالإضافة الى عدم وجود اى علامة مائية على المستندات التي تم تقديمها له بشأن ازدواج جنسية والدته.
وبالنسبة للمهندس خيرت الشاطر الذي لفقت ضده اتهامات تم بموجبها سجنه 12 عاما في عهد مبارك فقد اعتبر بدوره قرار استبعاده سياسي حيث أكد صحة موقفه من الناحية القانونية، وان نظام مبارك بكل فساده وتزويره يلاحقه حتى وهو داخل السجن، كما أوضح مدير حملته أن هذا القرار موجه من قبل المجلس العسكرى، بهدف إعادة إنتاج نظام مبارك.
ولا يستبعد بعض الخبراء أن تكون هناك بالفعل أبعاد سياسية لقرار الاستبعاد خاصة مع إعلان نائب الرئيس المخلوع عمر سليمان ترشحه والذي جاء عقب القرار المفاجئ لجماعة الإخوان بالدفع بالشاطر مرشحا لها، مشيرين إلى أنه قد تكون هناك جهة سيادية أقنعت سليمان (الذي استبعد لعدم استكمال عدد توكيلاته المطلوبة للترشح) بالعدول عن الترشح بأية حجة قانونية منعا للمصادمات وحتى لا يتفجر الوضع السياسى بالبلاد استجابة لمطالب مليونية "حماية الثورة" وأنه اشترط مع ذلك استبعاد أيضا المرشحين الإسلاميين.
كما أن هناك جهات داخل وخارج مصر لا تريد ترشح إسلاميين أو فوزهم بالرئاسة الأمر الذي سيعرقل مصالحهم خاصة مع وجود مرشحين من الأقوياء مثل الشيخ أبو إسماعيل والشاطر الذي يلتف حولهم السلفيون والإخوان والعديد من طوائف المجتمع المصري، لذا تم استبعادهما ولكن لتقليل الصدمة تم أيضا استبعاد عمر سليمان الذي أثار خوف وغضب المصريين من ترشحه واحتمال تزوير الانتخابات لصالحه.
لكن مع قرار اللجنة العليا للانتخابات باستبعاد هؤلاء المرشحين، فيوجد توقعات بأن تشهد مصر ردود فعل شعبية قوية، قد تدخل البلاد في مرحلة من عدم الاستقرار وهو ما قد يجعل المجلس العسكري يؤجل انتخابات الرئاسة ويطيل أمد حكمه في البلاد ومن ثم اندلاع ثورة ثانية.