ترشيح "الشاطر" قفزة لأعلى أم لأسفل؟
13 جمادى الأول 1433
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

جاء ترشيح جماعة الإخوان المسلمين في مصر لنائب مرشدها المهندس خيرت الشاطر للرئاسة ليحدث ضجة كبيرة ليس فقط داخل مصر ولكن خارجها أيضا؛ فلقد تعددت ردود الافعال على القرار وكان معظمها بين معترض ومتحفظ..ورغم أن القرار جاء في سياق خلاف بين الجماعة والمجلس العسكري الحاكم بسبب ظاهر وهو الخلاف حول إقالة حكومة الجنزوري إلا أنه أحدث ارتباكا شديدا في المشهد السياسي وفي التوقعات بشأن الفائز بمقعد الرئاسة في أول انتخابات رئاسية بعد الثورة..

 

كانت الجماعة قد تعهدت خلال وبعد الثورة بانها لن تقدم مرشحا للرئاسة وظل هذا التعهد يتجدد حتى وقت قريب وكانت الحجج واضحة ومقنعة إلى حد كبير حيث رأت الجماعة أن الوقت ليس مناسبا على المستوى المحلي والدولي لكي تنفرد بالسلطة كما أنها ترى أن الاعباء أكبر من أن تتحملها وحدها, وقد اتخذت الجماعة موقفا حاسما من أحد قادتها عندما قررت فصله من الجماعة بعد أن أصر على ترشيح نفسه وهو الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح مما أكد لدى الجميع أن الجماعة لن تتراجع عن هذا الموقف إلا أن الجماعة تراجعت قبل أيام قليلة من إغلاق باب الترشح وفي وقت كانت سكاكين العلمانيين مسنونة على رقابهم بعد ازمة اللجنة التأسيسية للدستور التي رأى العلمانيون أن الإسلاميين استأثروا بأغلب مقاعدها وكانت هناك وساطات للتوفيق بين الطرفين حتى تنتهي اللجنة من عملها قبل انتخابات الرئاسة, وجاء ترشيح الشاطر ليلقي بالمزيد من البنزين على النار ...

 

الاعذار التي ساقتها الجماعة لتبرير موقفها مقنعة وغير مقنعة بمعنى أنها مقنعة كمخاوف من ضياع مكاسب الثروة أو ذهابها إلى الفلول إذا ضاع منصب الرئيس من الثوار الحقيقيين خصوصا بعد التهديدات المبطنة للعسكري, ولكنها غير مقنعة لترشيح الجماعة لأحد عناصرها وخرق تعهداتها؛ فالجماعة كان من الممكن أن تقف بجانب أي مرشح إسلامي أو تتفاوض مع السلفيين على مرشح  توافقي وهو أمر أبدى السلفيون الاستعداد التام له, وبذلك تضمن عدم ضياع مكاسب الثورة وفي نفس الوقت لا تخرق تعهداتها ولا تمنح أعداءها سلاحا جديدا للنيل منها وهو أمر من فقة الدعوة والسياسة معا كما أن المخاوف التي ساقتها الجماعة في البداية لتبرير عدم تقديمها لمرشح رئاسي ما زالت ماثلة بل زادت مع الاكتساح الكبير لانتخابات مجلسي الشعب والشورى, القضية لسيت قضية حق أو عدم حق القضية أكبر من ذلك بكثير وهي تتعلق بمصالح ومفاسد كانت الجماعة تستنكر على غيرها عدم اعتبارها خصوصا في مجال العمل العام ..

 

الخطورة في القرار أنه تم دون تنسيق مع التيارات الإسلامية الأخرى ومتأخرا بحيث تمكن عدد من المرشحين الإسلاميين من كسب أرضية كبيرة في الفترة الماضية يصعب ان يتنازل عنها كما أن الجماعة نفسها تشهد انقساما واضحا بشأن هذا القرار فقبل اتخاذه بيومين أو ثلاثة خرج عدد من قادتها الكبار مثل المرشد السابق وأكد اعتراضه على تقديم مرشح للرئاسة, وليس خافيا أن عددا كبيرا من شباب الجماعة كان مؤيدا للدكتور عبد المنعم ابو الفتوح بقوة, كل هذا وغيره قد يعرض الجماعة لهزيمةـ حتى ولو جاءت على أيدي إسلاميين آخرين ـ تؤثر بقوة على تماسكها وقوتها في الشارع وهو ما لا يرضاه أي قطاع من التيار الإسلامي في هذه الظروف حيث أن قوة الإخوان هي قوة للتيار الإسلامي ككل في مواجهة الهجمة الشرسة للعلمانيين..

 

يبقى أن يكون ترشيح الشاطر ورقة ضغط على العسكري لإقالة الجنزوري وهو أمر سيزيد الطين بلة فإذا حدث وأقال العسكري الجنزوري وسحبت الجماعة ترشيحها ستفقد المزيد من مصداقيتها, كما ان الخلاف حول الجنزوري لا يستحق كل هذه الضجة في حد ذاته لأن أي حكومةأخرى لن تتمكن من إنجاز أي شيء على أرض الواقع في غضون شهرين.