أنت هنا

قمة الحقد
11 جمادى الأول 1433
موقع المسلم

سبق أن دعونا القادة العرب إلى مقاطعة القمة العربية في بغداد المحتلة لأنها سوف تكون قمة صفوية، بالنظر إلى الحقائق الملموسة للعيان من تبعية نظام الحكم العراقي الحالي لعلي خامنئي،  حتى إن قاسم سليماني  قائد ما يُسَمّى  فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني،  تكلم صراحة عن هيمنة نظام ملالي قم على العراق وسوريا ولبنان، ولم ينبس مسؤول عراقي ببنت شفة، في حين تجد اصواتهم زاعقة في وجه كل عربي يسدي إليهم نصيحة إذ يشتمونه وينسبون إليه الاتهام بأنه يتدخل في شؤونهم الداخلية.

 

لكن الثمن الذي اضطر العرب إلى دفعه يتلخص في منح المالكي "عباءة"عروبية لا يستحقها البتة لا بماضيه الأسود ولا بحاضره الأشد قتامة، فهو شعوبي صفوي،  لكن العرب وجدوا أنفسهم بين نارين: نسف القمة تماماً أو القبول بانعقادها في بغداد الأسيرة.
ولأن كلفة الخيار الأول أكبر لدى النظم العربية التي تهتم-نمطياً- بالشكليات لا بالمحتوى آثر العرب الخيار الثاني لكنهم خفضوا من قيمته عن طريق تخفيض مستوى تمثيلهم في القمة، فبعض الدول أرسلت سفراء على رأس وفدها إلى القمة.

 

والنتيجة التي لم يكن هنالك مفر من حصولها، هي تسليم الذئب مهمة الراعي : سنة كاملة بلا عمل عربي جاد، فالعمل العربي المشترك سوف يبقى في يد حكومة لا تخفي عداءها للإسلام ولا للعرب لأن أجدادهم هم الذين حملوا مشاعل أنواره وأطفا الله على أيديهم نار المجوسية!!

 

صحيح أن جامعة الدول العربية عليلةٌ في الأصل، وتاريخها ليس مُشْرِقاً، لكن الربيع العربي  منذ عام مضى، حمل معه نسائم واعدة بإمكان استنقاذ الجامعة من بين أنياب الطغاة لمصلحة الشعوب ومستقبلها.
لكن الخطورة الأكيدة لإعطاء الزمام لشخصية حاقدة كالمالكي تعني انتكاس الآمال،  والخشية من  استغلاله هذا الموقع الرمزي لتمرير طعنات صفوية هنا وهناك، وأقلها عرقلة أي مسعى جاد لنجدة الشعب السوري الغارق في دمائه نتيجة دموية عصابات بشار المدعومة علانية من طهران وسائر عملائها في الإقليم.
وها هو المالكي يزودنا بدليل مبكر على صحة تشخيصنا، فقد كان في فترة التحضير للقمة يلح على ضرورة حضور مندوب عن نظام بشار إلى القمة، ولولا شدة الرفض العربي لهذه المناورة، لما خنس المالكي مكرهاً.

 

وكذلك سعى عميل قم في بغداد إلى مناقشة ما يسميه الإعلام الصفوي كله"قضية البحرين" ثم تراجع مضطراً،   لكنه في المقابل رفض مناقشة أي شان عراقي داخلي مع أنه لا مجال لأدنى مقارنة بين أوضاع البحرين والعراق فنظام المالكي يخوض حرباً معلنة لإكمال حربه السابقة ضد أهل السنة لاستئصال من تبقى منهم في المشهد السياسي بالرغم من أن هؤلاء لم يكونوا سوى شهود زور وديكور تجميلي لا أكثر،  فلا صوت لهم ولا قرار كما أن المالكي استفز الكرد بمساعيه الفجة للاستبداد بكل شيء في العراق، فاضطر مسعود بارازاني أن يسال في سخرية واضحة من المالكي من دون أن يسميه: كيف ينفرد شخص واحد بمناصب القائد العام للجيش ورئاسة الوزراء ووزارتي الدفاع والداخلية ورئاسة المخابرات العامة!!

لكل ما سلف جاءت قرارات قمة بغداد باهتة وتائهة بل ومتناقضة، ففي حين تم توصيف جرائم النظام السوري بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في حي بابا عمرو الحمصي العريق، تراجعت القمة عن قرار عربي سابق يتمثل في المبادرة التي أطلقتها الجامعة لإنهاء الأزمة السورية بتسوية على الطريقة اليمنية، حيث يتنازل بشار عن صلاحياته لنائبه فاروق الشرع.

 

والمضحك المبكي أن التقهقر في الموقف العربي من دموية النظام السوري المستمرة بلا مبالاة صريحة ومتغطرسة، قابله نظام بشار بالرفض المسبق  لأي قرارات تتخذها قمة بغداد بخصوص محنة الشعب السوري.