
"انتصار كبير للديمقراطية في إفريقيا".. تعليق تكرر على لسان العديد من مسئولي الدول الغربية والإفريقية عقب إعلان فوز مرشح المعارضة ماكي سال في انتخابات الرئاسة بالسنغال على الرئيس المنتهية ولايته عبد الله واد، الذي أقر بهزيمته حتى قبل إعلان النتائج الرسمية في انتخابات وصفت بالمشرفة يندر أن يحدث مثلها في الدول العربية.
وعقب إعلان انتصار سال على "أستاذه" السابق عبدالله واد في الجولة الثانية من الانتخابات يوم الأحد الماضي رحب الاتحاد الأوروبي بفوزه معتبرا أنه "انتصارا كبيرا للديموقراطية في السنغال وافريقيا، حيث إن السنغال ذات الأغلبية المسلمة تشكل نموذجا جيدا لإفريقيا" من حيث هدوء العملية الانتخابية والروح الديمقراطية التي تحلى بها السنغاليون.
كما أعلن رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينغ في بيان له أن الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في السنغال ونقل السلطة السلمي الذي أعقبها "يشرفان ليس فقط السنغال بل أيضا القارة الإفريقية بكاملها"، معتبرا أن اعتراف واد بهزيمته أمام خصمه خير دليل على الديموقراطية في السنغال وحكمة الشخصيات السياسية السنغالية التي تشرف، ليس فقط السنغال، بل أيضًا كل القارة الإفريقية.
وجاء الترحيب أيضا من واشنطن، حيث هنأ الرئيس باراك أوباما والخارجية الأمريكية الرئيس المنتخب، وأشادوا بشعب السنغال نظرا لحسن إدارة الانتخابات الرئاسية، كما هنوا جميع السلطات السنغالية والمؤسسات المسئولة عن تنظيم العملية الانتخابية، مؤكدين توافق المراقبين الدوليين والمحليين على مصداقية الانتخابات التي وصفت بأنها شفافة.
الإشادة بديمقراطية السنغال رصدتها أيضا الصحف الأجنبية، حيث رأت على سبيل المثال صحيفة تليجراف البريطانية أن هزيمة الرئيس السنغالي عبد الله واد واعترافه بالهزيمة وفوز نائبه ورئيس وزرائه السابق "ماكي سال" دليل على ديمقراطية السنغال ومدى النضج السياسي الذي يتمتع به السنغاليون.
وبحسب الصحيفة فإن السنغال هي البلد الوحيدة في غرب إفريقيا التي لم تشهد انقلابا منذ استقلالها عام 1960 من الاحتلال الفرنسي.ويتحدث خبراء عن أسباب انتصار الديمقراطية في السنغال، ومن بينها ضعف الحضور السياسي للجيش من جهة وضعف الاستثمار العسكري الغربي فيها من جهة أخرى.
كما يعقد الخبراء مقارنة بين الرئيس السنغالي المنتهية ولايته وبين الرؤساء العرب الذين أطيح بعدد منهم في الربيع العربي، فعبدالله واد قبل بنتائج الانتخابات واحترم إرادة الناخبين وغادر قصر الرئاسة بينما ظل رؤساء الكثير من الدول العربية يعدلون في دساتير بلادهم من أجل مدة أطول بل زوروا وماطلوا كي يظلوا في الحكم لعشرات السنوات، حتى أطيح بهم وقتل من قتل وهرب من هرب وآخرون ينتظرون محاكمتهم أو مصير متوقع أن يكون الأسوأ بسبب ما فعلوه في شعوبهم.
ولعل عبد الله واد عانى من الاحتجاجات خلال العامين الماضيين تسببت في مقتل بضع مواطنين فقط وهو ما جعله يعرف أن هذا قد يكون سبب سقوطه لذا استسلم واعترف بالهزيمة، في حين ظل رؤساء الربيع العربي يقتلون بالمئات ويعاندون رافضين الرضوخ لمطلب شعوبهم بالحرية وتحقيق مطالبهم.
كما أن عبد الله واد لم يطعن في نتيجة الانتخابات ولم يقل أنها مؤامرة من الخارج للإطاحة به مثلما فعل نظراؤه في دول الربيع العربي، بل هنأ منافسه حتى قبل إعلان النتائج الرسمية بالفوز.
وبعد تولي ماكي سال (50 سنة) الذي حقق نجاحا باهرا في أول انتخابات رئاسية يخوضها هل تكتمل فرحة السنغاليون برئيس ديمقراطي يحقق لهم ما يطمحون إليه خاصة أن واد (رغم اختلافه مع الرؤساء المخلوعين) لم يستجب لتطلعات شعبه ومطالبهم الاجتماعية، فضلا عن محاولته أيضا إجهاض الديمقراطية السنغالية -بحسب مقربون منه – من خلال مشروع توريث وتمديد عمر نظامه السياسي في السلطة.