فلسفة القتل والاغتيال في الفكر الشيعي
29 ربيع الثاني 1433
رمضان الغنام

تحتل مسألة القتل والاغتيال مساحة كبيرة من العقلية الشيعية والتركيبة الرافضية الرافضة لكل ما هو سني، ولذلك لم تختف هذه الفكرة (فكرة القتل والاغتيال) في أي عصر من عصور الوجود الشيعي، حيث باتت لازمة وملازمة لبقاء الحياة في هذا التكوين العنصري ، الذي تعود الدماء وأصبح لا يقوى على العيش بغير إراقتها.

 

 ومسألة الاغتيالات هي فرع خارج من سِمة كبرى اشتهرت بها الشيعة، وهي الخيانة- ذلك الأصل الكبير الحاوي لمجموعة من الأفكار العدوانية- والتي لم يُشتهر بها سوى صنفين من البشر هما اليهود والرافضة، ولهذا درج العلماء على الجمع بينهما في كثير من المواقف والأحكام، وكثيرة هي الكتب التي صنفت في المقارنة والمقاربة بينهما عقيدة وأخلاقا وفكرا.

 

وقد تنبه علماؤنا إلى هذا الأمر وحذروا منه، وكان من أشد الناس عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية، ومما قاله في بيان أمرهم:«وكذلك إذا صار لليهود دولة بالعراق وغيره، تكون الرافضة من أعظم أعوانهم، فهم دائما يوالون الكفار من المشركين واليهود والنصارى، ويعاونونهم على قتال المسلمين ومعاداتهم»(1).

 

وكتب الشيعة تزخر بالروايات والفتاوى المبيحة لقتل أهل السنة واستباحة دمائهم وأعراضهم , ولهذا فقد عمل الشيعة على وضع الكثير من الروايات التي تسوغ لهم هذا، ووسعوا من مفهوم "الناصب" ليجعلوه مساويا لكل من خالفهم، فقد روي عن الصادق عليه السلام-بطرقهم المهلهلة- أنه قال:«ليس الناصب من نصب لنا-أهل البيت- لأنك لا تجد أحدا يقول إني أبغض محمدا وآل محمد- صلى الله عليه وسلم- ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا، وأنكم من شيعتنا»(2).

 

وعلق يوسف البحراني على هذه الرواية وما شابهها بقوله:«فهذا تفسير الناصب في أخبارهم، الذي تعلقت به الأحكام من النجاسة، وعدم جواز المناكحة، وحل المال والدم ونحوه، وهو عبارة عن المخالف مطلقا عدا المستضعف»(3).

 

والناصب عندهم أو السني حلال الدم، فقد روى شيخهم محمد بن علي بن بابويه القمي والملقب عندهم بالصدوق وبرئيس المحدثين في كتابه "علل الشرائع" « عن داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما تقول في قتل الناصب- أي السني- ؟ قال: "حلال الدم، ولكني أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطا أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد به عليك فافعل، قلت فما ترى في ماله؟ قال: توه ما قدرت عليه»(4).

 

وأُولى الاغتيالات في التاريخ الإسلامي كانت شيعية الدافع، وكان ذلك على يد اليهودي الخبيث عبد الله بن سبأ- لا رحمه الله- فمنه خرجت هذه الفرقة الخبيثة، وبترتيبه دبرت أُولى الاغتيالات في الدولة الإسلامية، فهو بحسب عدد من الروايات التاريخية المُشعل الأول للاضطرابات والفتنه الأولى التي أودت بحياة الخليفة الثالث عثمان بن عفان- رضي الله عنه-، فكانت بذلك أولى الاغتيالات في التاريخ الإسلامي شيعية رافضية. روى الطبري أن عبد الله ابن سبأ قد أخذ في تأليب الناس على عثمان ودعوتهم للخروج عليه، فلما وجد منهم قبولا قال لهم:« إن عثمان أخذ الأمر بغير حق، وهذا وصي الرسول صلى الله عليه وسلم، فانهضوا في هذا الأمر فحركوه، وابدؤوا بالطعن في أمرائكم وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تستميلوا الناس، وادعوهم إلى هذا الأمر»(5).

 

ومن جرائم الشيعة ما ذكره مؤلف كتاب عودة الصفويين أن الشاه إسماعيل الصفوي أمر قائده "حسين لاله" بتهديم مدينة بغداد وقتل أهل السُنة والصلحاء بها، فتوجه حسين إلى مقابر أهل السُنة ونبش قبور الموتى وأحرق عظامهم. وبدأ يعذب أهل السُنة سوء العذاب ثم يقتلهم محاولا أن يغيرهم للتشيع، كما قتل كل من ينتسب لذرية خالد بن الوليد رضي الله عنه في بغداد لمجرد أنهم من نسبه، حتى قال مؤرخهم ابن شدقم "الشيعي" في كتابه "تحفة الأزهار وزلال الأنهار": "فتح بغداد وفعل بأهلها النواصب ذوي العناد ما لم يسمع بمثله قط في سائر الدهور بأشد أنواع العذاب حتى نبش موتاهم من القبور"(6)

 

ومسألة استحلال الدم عند الروافض مترتبة على مسألة التكفير لأهل السنة، فما استحل الدم إلا بعد التكفير، يقول إمامهم الخوئي في كتابه منهاج الصالحين: «لا فرق بين المرتد والكافر الأصلي الحربي والذمي والخارجي والغالي والناصب»(7)، والناصب هو السني أو الوهابي أو التكفيري أو الإرهابي، فكل هذه أوصاف يطلقها الشيعة على أهل السنة بهدف التشويه لحقيقتهم والتبرير لما يسقطونه عليهم من أحكام وفتاوى وأفعال. يقول يوسف البحراني: « إن إطلاق المسلم على الناصب، وأنه لا يجوز أخذ ماله من حيث الإسلام خلاف ما عليه الطائفة المحقة سلفا وخلفا من الحكم بكفر الناصب ونجاسته وجواز أخذ ماله، بل قتله»(8).

 

وفي كلمة صوتية موجودة على الإنترنت يقول شيخهم صادق الحسيني الشيرازي، أعلى المرجعيات الدينية في كربلاء، في تفسير قوله تعالى: (إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)(9)، قال الدعي: «الوهابي..الإرهابي..الكافر..الناصب..المتوحش، إذا لم يكن مصداق هذه الآية، فمن يكون إذن مصداق الآية الكريمة؟ والذين يؤيدون الوهابيين الإرهابيين الكفرة النواصب الوحوش من رجال الدين، ومن غير رجال الدين، بنحو أو بآخر، إن لم يكونوا مصاديق الآية الكريمة، فمن يكون؟ إذا كنا نكفُر بالقرآن الكريم، فلنكن شجعانا نصرح بما نعتقد، أما إذا كنا نؤمن بالقرآن الكريم، فالوهابي الإرهابي الكافر الناصب الوحشي يجب قتله، وكل من يؤيده بنحو أو بآخر، من رجل دين أو غير رجل دين يجب قتله، ومن لم يقل بوجوب قتل هؤلاء، ووجوب قتل مؤيديهم، فهو علانية يكفر بالقرآن الكريم»(10).

 

والأمر نفسه صرح به مقتدى الصدر مؤسس جيش المهدي (العنصري)، حيث أفتى بقتل ما أسماهم  بـ(البعثيين والوهابيين والتكفيريين) في إشارة منه لأهل السنة، وقال تابعه حازم الأعرجي: «الوهابي كافر نجس، بل هو أنجس من الكلب، فخذ سلاحك وأقتل كل وهابي نجس»(11).

 

«وقد أبانت أحداث العراق الأخيرة، حقيقة المذهب الشيعي السبئي التكفيري، بشكل لا يلتبس على أحد ؛ فمراجع الشيعة وآياتهم وحججهم وملاليهم وأئمتهم المعاصرون، يتسابقون اليوم في إبراز ما كان مخفيا، بعد أن غرهم استقواؤهم بالأمريكيين، لا بل إنهم قد بدؤوا بالفعل ينزعون عن رؤوسهم طاقية «التقية» التي يفتخرون بأنها دينهم ودين آبائهم، فراحوا يجاهرون بما كانوا يسرون من العداء، ويظهرون ما كانوا يخفون من البغضاء»(12). وقد أميط اللثام عن عدد من الوثائق لقوائم سرية سوداء صنعها الشيعة، إبان حرب العراق الأخيرة، تضم أسماء لبعض قادة أهل السنة، بهدف تصفيتهم، وهو ما تم فعليا في السنوات الماضية، ويتم الآن في كل بلد تسيطر عليه الشيعة.

 

والتاريخ القديم يشهد بخيانات هذه الطائفة وتلذذها بقتل أهل السنة، ولن نتوسع في ذكر أمثلة في ذلك لاتساع هذه الفترة، وسنشير سريعا إلى بعض الأمثلة الحديثة، حيث شهد هذا العصر أكبر نسبة من حالات القتل والاغتيالات من قبل الشيعة تجاه أهل السنة وعلمائها وحكامها، وتنوعت أهدافهم بحيث شملت الجميع فلم يُستثن من هذا الاستهداف أحد ولا جماعة ولا دولة، ومن أمثلة ذلك: (13):

 

* أمثلة من قتل المُهتَدين- كان الإمام آية الله أبو الفضل البرقعي شيعيا، تلقى علومه في الحوزة العلمية، في قم بإيران، ثم نال درجة الاجتهاد في المذهب الجعفري الإثنا عشري، له مئات التصانيف والمؤلفات، والبحوث والرسائل، هداه الله تعالى، إلى الرجوع إلى الكتاب والسنة، وألف عدة كتب يرد فيها، على الشيعة الإمامية ومنها كتابه القيم النفيس "كسر الصنم"، وقد توفي رحمه الله بعد محاولة اغتيال أعقبها سجن وتعذيب وكان ذلك في عام 1992م، ولا يستبعد أن يكون قد تم اغتياله في داخل السجن.

 

* أمثلة من قتل علماء أهل السنة في إيران- منهم العلامة السيد بهمن شكوري الذي كان معلما في زمن الشاه، ثم سجن خلال عهد الشاه كثيرا، ومنع من التدريس قرابة عشر سنوات، وقد كان رحمه الله تعالى يتنقل بين السجن وخارجه، حتى قتل بعد الثورة الخمينية بسنتين تقريبا، وهو صائم في سجن إوين، والذي يعد من أشرس السجون السياسية، في بلاد الشيعة، حيث كانت تهمته وجريمته رحمه الله، أنه كان يحذر، من تعظيم وتقديس، المزارات والمشاهد لأئمة الشيعة.

 

* أمثلة من قتل علماء أهل السنة خارج إيران- كان العلامة إحسان إلهي ظهير، يحاضر في جمعية أهل الحديث بلاهور عام 1407ه‍ـ، في باكستان فانفجرت عبوة ناسفة، كانت قريبة من مكان الندوة المنعقدة، مما أدى إلى مقتل ثمانية عشر شخصا في الحال، وإصابة أكثر من مائة شخص، إضافة إلى سقوط بعض العمارات، والبيوت القريبة من مكان الحادث. وقد أصيب العلامة إحسان إلهي ظهير، إصابات بالغة نقل على إثرها إلى السعودية لتلقي العلاج، ولكن وافته المنية قبل أن يكمل علاجه.

 

* أمثلة من قتل الحكام والساسة- اغتيلالملك عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمه الله على يد الشيعة في سنة 1218ه‍، في مسجد الطريف المعروف في الدرعية، وهو ساجد أثناء صلاة العصر، حيث وثب عليه قاتله وطعنه عدة طعنات، قال العلامة المؤرخ ابن بشر في كتابه عنوان المجد في تاريخ نجد ما نصه: (وقيل إن هذا الدرويش الذي قتل عبد العزيز من أهل بلد الحسين رافضي خبيث)، وقال الأمير سعود بن هذلول، في كتابه تاريخ ملوك آل سعود، عن القاتل ما نصه: (قتله رجل رافضي، اسمه عثمان من أهل النجف في العراق، جاء إلى الدرعية متنكرا، وغدر بهذا الإمام).

 

* أمثلة من القتل على الهوية- تم ذلك في العراق بشكل ممنهج، فكانوا يقتلون كل من يستطيعون من أهل السنة، وكانوا يخطفون الشباب من أهل السنة من أحيائهم ويقتلونهم بعد تعذيبهم، ومن فرط الطائفية والعمى المذهبي أنهم كانوا يستهدفون كل من تسمى بأبي بكر أو عمر، وقد نشرت شبكة (مفكرة الإسلام) قبل ست سنوات خبرا جاء فيه :« ارتفع عدد العراقيين السنة الذين قتلوا على أيدي المليشيات الشيعية ممن يحملون اسم عمر إلى 122 شخصا بعد مقتل طالب في كلية الصيدلة اسمه 'عمر عبد العزيز' على أيدي مليشيات شيعية، بعد اختطافه من أمام باب كلية الصيدلة والواقعة في حي اليرموك، حيث وجد قتيلا بعد تعذيبه في إحدى مكبات النفايات» وجاء في الخبر أن عمليات القتل كان بعضها بصورة جماعية والبعض الآخر بصورة انفرادية وذلك بعد اختطافهم من مدارسهم أو كلياتهم أو أماكن عملهم والتلذذ بتعذيبهم قبل قتلهم ورميهم في مناطق تجميع النفايات أو الساحات العامة أو حتى في الشوارع.

 

* أمثلة من استهداف القرى والمدن السنية وقتل أهل السنة بها- حدث ذلك في مذبحة صبرا وشاتيلا، حيث شارك فيها الميليشيا الأم لحزب الله (حركة أمل الشيعية)، وتعاونت مع الجيش الإسرائيلي في تقتيل وذبح الشعب الفلسطيني إلى جانب عدد كبير من أهل السنة في لبنان، وكان ذلك في 16 سبتمبر 1982م واستمرت المذبحة مدة ثلاثة أيام، وتراوح عدد القتلى فيها بين 3500 و5000 قتيل من الرجالوالأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح.

 

وحدث أيضا على يد النصيرى حافظ الأسد حيث قام بعدة مجازر في حق أهل السنة العُزّل الأبرياء, ومن هذه المجازر مجزرة مدينة طرابلس لبنان على يد الشيعة النصيرية عام 1985م، ومجزرة مخيم تل الزعتر في عام 1976م، ومجزرة هنانو في مدينة حلب على يد الشيعة النصيرية عام1980م، وفي العام نفسه قام النظام النصيري بقذف بلدة جسر الشغور بالمدافع والصواريخ، فأحدث فيها خرابا كبيرا، وكان من أبشع هذه الجرائم ما أحدثة الجيش النصيرى بمدينة حماة السورية عام 1982م، بعد قدف المدينة على أهلها مما أسفر عن خراب كبير ومقتل ما يربو على 40000 ( أربعون ألف) مسلم من أهل السنة والجماعة, واعتقال 15000 شخص آخرين يعتبرون إلى الآن في عداد المفقودين, بينما تشرد حوالي 150 ألف مسلم في المدن السورية وبعض البلدان العربية. واليوم يقوم بشار بنفس الدور الذي قام به أبوه منذ أكثر من ثلاثين عاما، وكأنَّ الأيام تعيد نفسها، فشبيحته تنتشر بربوع سوريا تستحل الأعراض والأموال والدماء، وإيران لا تكف عن دعمها له عسكريا ولوجستيا وسياسيا، ومليشيات حزب الله تتدفق على سوريا منذ اليوم الأول للثورة.

 

وإضافة إلى عمليات التهجير الممنهج الذي تمارسة السلطات الإيرانية بإقليم الأحواز العربي، وعمليات الاعتقال الدائم والمستمر لشباب وعلماء ووجهاء الإقليم، فإن عمليات القتل والاغتيال لا تتوقف في حق أهنا في الأحواز العربي المحتل. وهذا الأمر في كل بلد يتواجد به الشيعة، فلا تجد منهم سوى المؤامرات والعداء الشديد لأهل السنة.

 

ــــــــ
(1) منهاج السنة النبوية لابن تيمية: (3/378).
(2) بحار الأنوار للمجلسي: (8/369).
(3) الحدائق الناضرة ليوسف البحراني: (18/158).
(4) علل الشرائع للشيخ الصدوق: (2/601).
(5) تاريخ الطبري: (2/647).
(6) عودة الصفويين لعبد العزيز المحمود: (ص:10).
(7) منهاج الصالحين للخوئي:(1/116).
(8) الحدائق الناضرة ليوسف البحراني: (12/323-324).
(9) سورةالمائدة، الآية: (33).
(10) أنظر لنص المحاضرة مفرغا بموقع البينة تحت عنوان: الشيرازي: اقتلوا أهل السنة واهدموا مساجدهم.
(11) نص الكلام موجود موقع اليوتيوب.
(12) مقال: وماذا عن التكفيريين الشيعة؟[2] د.عبد العزيز مصطفى كامل.
(13) موسوعة فرق الشيعة- ممدوح الحربي: (ص:42).

 

المصدر/ مركز التأصيل للدراسات والبحوث