كيف تناول الإعلام الغربي تأثر الشيخ العمر بتغريدات كاشغري؟
17 ربيع الثاني 1433
إدريس أبو الحسن

بينما لا تزال قضية كاشغري في أروقة المحاكم الشرعية، هناك وراء البحار ينتظر الليبرالييون الحقيقيون (الغربيون) بترقب بالغ ما سيصدر في حق هذا الرجل من أحكام، فقد غطى الإعلام الغربي قضية كاشغري منذ بدايتها بلهجة استهجنت مواقف العلماء والدعاة وطالبت بعدم محاكمة كاشغري باعتبار ما تفوه به من تطاول على الله ورسوله داخل في نطاق حرية التعبير وكتبت في ذلك مئات المقالات والتقارير في الصحف الغربية و المدونات الشهيرة حتى استنفرت لها المنظمات الحقوقية الغربية وتحرك لها ساسة الغرب سرا وعلانية. وكان الليبراليون السعوديون مع الإعلام الغربي صفا واحدا.

 

وبما أن الشيخ الدكتور ناصر بن سليمان العمر كان من أوائل – إن لم يكن أول-  من طالب بمحاكمة الساب ومحاسبته  وكان لمطالبته تأثير بالغ شعبيا ورسميا، فقد تناول الإعلام الغربي الحدث مشتملا على شخصيته كطرف رئيس في الموضوع فقد وقفت على عشرات المقال في أمهات الصحف الغربية تتحدث عن الموضوع بصيغ شتى: تقارير إخبارية ومقالات مكتوبة  ونشرات أخبار مرئية ومواقع إخبارية على الإنترنت، في كندا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا وإسبانيا قل منها من نشر الخبر بحياد وأغلبها نشره في سياق النقد والتشنيع على العلماء والدعاة والمسؤولين في المملكة. ولا يمكن في هذه المساحة أن نستعرض كل ما قالته تلك الصحف –خشية الإطالة- ولكن سنكتفي بالقدر الذي تظهر في صورة معالجة الإعلام الغربي للقضية وصيرورتها .

 

فقد كان للصحف الفرنسية نصيب الأسد في تناول الخبر فقد نشرت صحيفة   (la croix) (لاكغوا) أي (الصليب) مقالا متعاطفا مع كاشغري تحت عنوان : المدون السعودي كاشغري يحاكم بسبب الكفر: (Le blogueur saoudien Hamza Kasghari jugé pour blaspheme )  كتبته سونيفا روز (Sunniva Rose)  فبعد أن ساقت تغريدات كاشغري ذكرت بالنص " الشيخ الأصولي ناصر العمر طالب بمحاكمة كاشغري بتهمة الردة " كما أشارت إلى تشدد المملكة العربية السعودية في الأحكام ونعتتها بالمملكة الوهابية ( royaume wahhabite)  وذكرت تدخل البرلمان الأوروبي ممثلا في رئيسه مارتن شولز  ومنظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية لدى المملكة حتى لا يتعرض كاشغري للإعدام. كما كتب الكاتب الفرنسي   Jérôme Hourdeaux – مقالا في جريدة (لونوفيل أوبسيرفتور) (le nouvel observateur ) بعنوان ( سعودي يمكن أن يحكم عليه بالموت بسبب تغريدات )- (Un Saoudien risque la peine de mort pour des tweets )  ذكر فيه مطالبة العلماء والدعاة بمحاكمة كاشغري ومنهم مفتي المملكة عبد العزيز آل الشيخ  وتحدث عن الشيخ ناصر العمر في فقرة خاصة واصفا إياه بشخصية ذات نفوذ تعتبر رائدة في السعوديين المحافظين (personnage influent, considéré comme un des leaders conservateurs saoudiens) وأنه طالب بمحاكمة كاشغري بلغة واضحة وصريحة بالبكاء!!  كما ذكرت القناة الفرنسية (فرانس 24 ) (France 24 ) استنكار الشيخ ناصر العمر لتصريحات كاشغري ومطالبته- باكيا- بمحاكمته واصفة إياه بالزعيم الديني المؤثر. ومن أجمل الشهادات التي قرأتها ما نشرته صحيفة (باريز ماتش -  parismatch) الفرنسية في مقال تحت عنوان "الموت بسبب تغريدة" حيث جاء في ثنايا المقال بأن (الشيخ ناصر العمر بكى بشدة في شريط فيديو نشر على موقع تويتر وكأنه هو من تعرض للإهانة بهذه التصريحات المسيئة للنبي محمد كما دعا إلى محاكمة كشغري ...) كما نشرت صحيفة (لوفيغارو le figaro  الفرنسية( مقالا كتبته الإعلامية ( دولفين منوي Delphine Minoui ) ذكرت فيه أن الشيخ ناصر وجه خطابا مرئيا للأمة باكيا معتبرا ما قام به كاشغري إساءة وإهانة شنيعة للأمة . كما اعتبرت الصحافية كاشغري سجين رأي  . بالإضافة إلى العديد من الصحف الفرنسية الأخرى والمواقع والمدونات .

 

أما الصحف الأمريكية فقد نشرت صحيفة (دي دايلي بيست ) the daily beast ) ) تقريرا عن الموضوع غلب عليه الطابع الإخباري في عمومه وصفت فيه الشيخ العمر برجل الدين البارز الذي دعا إلى محاكمة كاشغري وبعده دعا العلماء والدعاة إلى محاكمته.

 

ونشرت الصحيفة الأمريكية الأسبوعية الشهيرة (دي كرستيان ساينس مونيتور christian science monitor  ) مقالا بعنوان :" لماذا المدون السعودي يواجه موتا محتملا بسبب ثلاث تغريدات " تناولت فيه المراسلة الأمريكية (إليزابيت ديكينسون Elizabeth Dickinson ) قضية كاشغري بلغة إخبارية أشارت فيها إلى تصريحات لبعض الآكاديميين العرب بما (أسماه القمع السعودي) وتناولت فيه دور الشيخ ناصر العمر في توضيح خطورة القضية واصفة إياه "بالشيخ الناشط الإسلامي المشهور الذي وظف درسه اليومي  الذي يبث على اليوتوب – ويشاهده الآلاف على الإنترنت – في الحكم على كاشغري بأنه كافر." وكانت كبريات الصحف الأمريكية نشرت مقالات حول هذا الموضوع منها صحيفة الواشنطون بوست الأمريكية washingtonpost -  نشرت مقالا للصحفي ديفيد كيز David Keyes -  بعنوان : الكاتب حمزة كاشغري يواجه حملة من التكفير بسبب تغريدات عن محمد. وصحيفة "دى وول ستريت جورنال   the wall street journl " وغيرها.

 

وفي كندا مجلة (نيوز مكزين news magazine ) الأسبوعية الكندية تناولت الموضوع في مقال استفزازي شديد الانتقاد  كتبته الصحافية (جابريلا بيردومو o  Gabriela Perdom)  ذكرت فيه دور الشيخ ناصر العمر في تعبئة الرأي العام بمطالبته بمحاكمة كاشغري ومناشدته لولاة الأمر وبكائه، ووصفته الكاتبة بالناشط الإسلامي .

 

وفي إسبانيا نشرت صحيفة( أ ب س ) -(ABC.es  )  الإسبانية وهي صحيفة وطنية يومية تصدر من مدريد تقريرا ذكرت فيه (  أن العاهل السعودي الملك عبد الله دعم مبادرة الإمام ناصر العمر وأمر بالقبض على كاشغري...).

 

لقد كان الإعلام الغربي حاضرا في الصراع ومؤيدا بطبيعة الحال لما تبناه كاشغري في تغريداته، وكانت الصحيفة الدانمركية (يولاندز بوستن Jyllands-Posten) التي نشرت الرسوم المسيئة قبل سنوات حاضرة أيضا في قضية كشغري بمقالات دافعت فيها عن حقه في التعبير عن رأيه وسفهت موقف العلماء وولاة الأمر واصفة قراراتهم (بالنفاق لمخالفتها للديمقراطية كما تزعم) بل وجددت دعمها لحق الرسام المسيء لوجود مسلمين عبروا عن آرائهم مثله!! وطالبت بحق السخرية والازدراء بالدين كأهم شيء يمكن أن تثمره الثورات العربية .

 

وكان الإعلام الغربي أيضا مؤيدا لما تبناه الليبراليون السعوديون وغيرهم من مواقف في هذه القضية وقد امتلأت الصحف الغربية بتصريحاتهم المنقولة. وليس يستغرب من الغرب ذلك لأنه ليس بعد الكفر ذنب، لكن لم يكن متوقعا ممن شرحوا بالليبرالية صدرا أن يشرحوا بها إلى حد المطالبة بالسماح بالتطاول على الله ورسوله بأساليب ملتوية بل ويجعلون المطالبة بمحاكمة من سب الله ورسوله منكرا من القول وزورا! لقد كانت قضية كاشغري المنعطف الذي تكشفت فيه حقيقة هؤلاء واتضحت بالفعل صورتهم كأجلى ما تكون ذلك لأن القضية هنا تتعلق بذات الله المقدسة وبحقوق نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فإن هان عليهم سبها وهان عليهم أن يقال عن رسول الله ما قيل فهم عند الأمة أهل للهوان والمقت .

 

وما من شك أن انتفاضة الشيخ على الساب كان لها أثر بالغ في توعية الأمة بخطورة الأمر كما شهد بذلك مدير البرقيات في المملكة وقد بينته في مقال سابق بعنوان" بين دمعتين".

 

وإنما زادت الضجة الإعلامية الغربية تعريفا بالشيخ عند أولئك الذي لم يعرفوا اسمه في بلدان غربية شتى من غير المسلمين وكانت أيضا في مجملها شهادات على الغيرة على الله ورسوله ودينه وهنا أتذكر تغريدتان من أجمل تغريدات الشيخ ناصر العمر من صفحته الشخصية على موقع تويتر – أختم بهما المقال- الأولى هدية لليبراليين الذين تواطأت رؤاهم مع الإعلام الغربي في هذه القضية يقول فيها الشيخ ناصر: عندما يفرض مدعوا (الحرية الغربية) أفكارهم ومشاريعهم على الناس (بقرار) فاعلم أنهم يقدمون (البرهان) على ارتكاسهم في ذل العبودية لأسيادهم!!

 

والثانية تسلية وذكرى يقول فيها: (اكتب كلمة الحق بصدق وتجرد، ثم أطلقها حرة تمشى على الأرض، وثق بأن من أكثر الناس دعما لانتشارها هم أعداؤك، فهم يتكفلون بإيصالها إلى من لا تتخيل!) أليس ذلك ما وقع بالفعل في قضية كاشغري؟؟!!