مطامع غربية مستمرة بالسودان ومخاوف من انفصال جديد
13 ربيع الثاني 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

يبدو أن المخطط الصهيو الأمريكي لتقسيم السودان وتحقيق مطامع واشنطن والكيان الصهيوني لم ينته عند انفصال الجنوب عن الشمال، بل من الواضح أنه مستمر في ظل ما شهدته الأيام الماضية من بوادر تدخل في شئون البلاد بحجة مشبوهة طالما استخدمها الغرب وهي الإغاثة، فضلا عما تسوقه الولايات المتحدة من ادعاءات واهية بأن السودان يسعى للتدخل وإثارة التوتر في جنوب السودان!.
وقبل نحو يومين هددت الحكومة السودانية بطرد الأمريكيين من السودان حال استمرار المنظمات الأجنبية التابعة لواشنطن في الترويج لوجود فجوة غذائية في أبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق وتقديم دعم سياسي للمتمردين مؤكدة على لسان وزيرة التعاون الدولي أن واشنطن تحاول عبر المنظمات الإنسانية لي ذراع السودان بممارسة ضغوط على البلاد لتنفيذ أجندتها السياسية التي تسعى لإحداث انفصال جديد في السودان عبر فصل ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان وتبعية أبيي إلى جنوب السودان.
 
ولم تغفل الوزيرة حادثة أخرى مثيرة للشك وهي دخول أمريكيين أحدهما عضو بالكونجرس والآخر صحفي إلى جنوب كردفان قادمين من دولة جنوب السودان بدون تأشيرة دخول أو إذن مسبق، حيث أكدت أن هذا السلوك يعد انتهاكاً سافراً للقانون الدولي وتجاوزاً لقوانين السودان، خاصة وأنهما يسعيان لدعم مجموعة متمردة، في إشارة إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال.

وقدمت السفارة السودانية بواشنطن، احتجاجاً شديد اللهجة لوزارة الخارجية الأمريكية، معتبرة هذا التصرف انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقوانين السودان.
الرئيس السوداني عمر البشير بدوره شن هجوماً عنيفا على الولايات المتحدة واتهمها بدعم ومساندة التمرد بجنوب كردفان، وسخر من ادعاءات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بأن السودان يسعى لتقويض الاستقرار فى جنوب السودان، وأشار إلى أن سياسة الجزرة والعصا التى تتبعها أمريكا فى تعاملها مع السودان مرفوضة، قائلا "نرفض جزرتكم لأنها مسمومة ولا نخشى عصاكم"، كما حذر أيضا دولة جنوب السودان من التدخل في شئون بلاده.

واعتبر المتحدث الرسمي باسم الخارجية العبيد مروح في تصريحات صحفية حديث كلينتون بأنه يعد في اطار الصراع ما بين الادارة الامريكية ومجموعات الضغط التي تبتز الادارة الامريكية لاتخاذ مواقف تجاه السودان، خاصة مع قرب انتخابات الرئاسة الأمريكية.

وتوالت التحذيرات على لسان المسئولين بالخرطوم من التدخل الأمريكي بمساعدة جنوب السودان في البلاد فمن جانبه أكد والى الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر أن ستة وسبعين ألف مجاهد من قوات الدفاع الشعبى جاهزون للدفاع عن الوطن، وعبر عن رفضه الشديد لمحاولات حكومة جنوب السودان المتكررة لإيذاء السودان عبر المشاركة المباشرة فى العمليات ودعم الحركات المتمردة.

واتهمت سناء حمد وزيرة الدولة بوزارة الإعلام السودانية دوائر إقليمية ودولية، بأنها وراء تعنت دولة الجنوب ومساعيها للتدخل في الشئون الداخلية للسودان من خلال دعمها لمليشيات متمردة.
وبحسب خبراء فإنه من الواضح أن واشنطن وعدت الحركات المتمردة والمعارضة بالتدخل السريع عسكرياً حال نجاحهم في التوحد ودخول عاصمة جنوب كردفان كادوقلي وتحويلها إلى نقطة زحف نحو الخرطوم.

وأرجع حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم في السودان تهديدات الإدارة الأمريكية وضغوطها على السودان إلى فشلها في تبني الإصلاح السياسي بجنوب السودان بعد الانفصال ، موضحا أن أمريكا حققت رغبتها بإقناع مواطنى جنوب السودان بالإدلاء للانفصال إلا أنها اصطدمت بالصراع القبلي والعرقي بين قيادات الحركة الشعبية والمواطنين بولايات الجنوب، وهو ما جعلها تمارس الضغوط مرة أخرى على السودان تتهمها بخرق اتفاقية السلام الشامل.

 

يذكر أن الولايات المتحدة و"إسرائيل" مارستا ضغوطًا هائلةً على الرئيس السوداني من أجل توقيع اتفاقية السلام في يناير 2005، بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية لتحرير السودان، والتي نتَج عنها إجراء استفتاء في الجنوب عام  2011؛ لتحديدِ مصير الجنوب والذي بموجبه انقسمت السودان.

 

ولم يكتف التحالف الصهيوأمريكي بالاتفاق على تقسيم السودان إلى دولتين بل شن هجمات إعلامية وسياسية ضد البشير، أبرزها مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور.

 

وتحاول الولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تسليح ميليشيات الحركة الشعبية لتحرير السودان، حتى تتحول إلى جيش نظامي؛ من أجل إنشاء مقار للجيش الجنوبي، ودعمه بكافة الوسائل اللوجستية والعسكرية. كما تشهد منطقة الجنوب نشاطًا كثيفًا لعناصر الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد"، والتي تقوم بتدريب عناصر الحركة الشعبية.

وترجع الأطماع الصهيونية في السودان إلى ستينيات القرن الماضي، حيث يحاول الكيان الصهيوني منذ ذلك الوقت إلى إيجاد قدم له في تلك البقعة الإستراتيجية، حيث الثروات الطبيعية، والموقع الجغرافي المتميز، كمنطقة تتيح لها محاصرة الدول العربية المجاورة لها.

 

وهاهي هذه الأطماع والمخططات الأمريكية الصهيونية مستمرة ولن تنتهي على ما يبدو حتى يتم تفتيت السودان أو إشعال حرب فيها ثم تنتقل هذه المخططات لدولة عربية أخرى دون أي يكون هناك موقف عربي واحد يواجه هذه المخاطر التي تهدد المنطقة والعالم الإسلامي بأسره.