الروافض قادمون!
4 ربيع الثاني 1433
هشام يوسف

بعد إحجام دول الخليج، فى ظل مماطلة الدول المانحة عن مساعدة اقتصاد مصر بعد الثورة، اتخذت حكومة الجنزورى عددًا من التدابير، والإجراءات لتشجيع الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية وجذبها، من بينها إصدار التراخيص وتسهيل الخُطوات الإجرائية التى يقوم بها المستثمر لإقامة مشروعات جديدة أو التوسع فى المشروعات القائمة، هذه الإجراءات، والتيسيرات بالطبع لم تفوّتها دولة بحجم إيران، الظهير الأقوى حتى الآن للرئيس السورى المجرم، الذى تجاوزت جرائمه بمساعدة إيران، كل حدود ويأباها أى دين على وجه البسيطة.

إيران التى أيّدت الهَبّة الشعبية فى الدول العربية، أو ما سُمِّى بالربيع العربى، هى نفسها التى وقفت بصلف ضد خيار الشعب السورى الحر فى انتفاضته ضد القتلة والمجرمين.. أبناء عمومة مَلالى إيران، وقررت لأول مرة بعد أكثر من ثلاثة عقود من قطع العلاقات الدبلوماسية بيننا وبينهم أن (تفك الكيس)، ووجّه "آياتها" بضرورة انتهاز الفرصة الآن، بضخ ما يقدّر بخمسة مليارات دولار فى صورة مشروعات صناعية وتجارية، وإرسال وفد من المستثمرين الإيرانيين للتباحث حول سبل دعم التعاون فى مجال القطاع الخاص.

يأتى هذا الكرم الحاتمى فى الوقت الذى يواجه النظام الإيرانى ضغوطًا اقتصادية متصاعدة؛ نتيجة للعقوبات الاقتصادية المتلاحقة، والتى تُفرض تباعًا عليه وباتت تؤتى تأثيرًا واضحًا فى قدرة النظام على تجاوزها، كما كان يجرى من قبل؛ ما قد يدفع الإيرانيين إلى الدخول فى مواجهة جديدة مع نظام الملالى، أو تدخّل الحرس الثورى الذى سيتأثر بهذه العقوبات باعتباره المحتكر الرئيس لبعض القطاعات الاقتصادية فى إيران!

قطعًا، لست ضد تواصل مصر مع شعوب العالم بأسرها، مادامت فى إطارها الصحيح دونما توظيف هذه العلاقات فى فِخاخ مذهبية وطائفية، وتدخلات فى شؤوننا الداخلية، وكل الشواهد تعزّز فرضية التخطيط الإيرانى لتشيُّع مصر؛ تمهيدًا لتحقيق أحلامهم المسلوبة، وأوهام استعادة الدولة العُبيدية فى مصر والشام مرة أخرى.. وهنا يتساءل المواطن المصرى البسيط، المحبّ لآل البيت، أكثر من هؤلاء المزايدين، والمرجفين أحفاد المجوس: بأى وجه تساعدوننا، وأنتم مَنْ تكرهوننا، بل تعتبروننا كفارًا؟!، وبأى حيلة تنطلى علينا مواقفكم الداعمة، وأنتم تسبّون أم المؤمنين عائشة، رضى الله عنها، صباحًا ومساءً؟!، ومتى رقّت أحوالكم لأهل السُّنّة فى مصر، وأنتم مَنْ تسومون إخواننا السنة والعرب فى الأحواز سوء العذاب؟!، ومتى احترمتمونا وأنتم تشيّدون هذا النُصب التذكارى للقاتل المجوسى أبى لؤلؤة، فخرًا وزهوًا بقتل أمير المؤمنين الفاروق عمر، رضى الله عنه؟!

من الثابت أن نظام الملالى فى إيران، نَهَّاز فرص، وجاءته على طبق من ذهب، فى ظل تصاعد تيار إسلامى عريض، يتواجد بقوة فى الشارع أكثر من ثمانين عامًا، ينفى مرشده العام أى اختلافات مذهبية بين الشيعة والسنة!، فضلاً عن شطارة الإيرانيين واستغلالهم حالة الفوضى التى يثيرها بين الفينة والأخرى المتآمرون على الوطن، ودعاة الفتنة الممولون داخليًا وخارجيًا، وكذا ترهُّل الدولة فى ظل حالات الانفلات الأمنى والإعلامى، والثورى.

ومن العجيب والمريب، أن تقف المنظومة الخليجية مكتوفة الأيدى أمام تداعى الاقتصاد المصري، وفى الوقت الذى يحجمون فيه عن مد يد العون إلى مصر، تسعى إيران بكل ما أوتيت من قوة لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع مصر، وهم جاهزون لفتح سفارتهم فورًا، واستئناف العلاقات بشكل طبيعى لمصلحة الشعبين!

مصر أمام امتحان عسير، ولكن شعبها الأبىّ قادر على تجاوز المحن الصعبة، وسيتعافى اقتصادها عمّا قريب، فالبلاد تختزن العديد من الحكماء والعقلاء والرجال القادرين على ترشيد الثورة، ومعالجة الإشكالات وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح.

[email protected]

 

المصدر/ المصريون