أنت هنا

الغرب.. وازدراء الآخرين
1 ربيع الثاني 1433
موقع المسلم

لم يكن تطاول الغزاة الأمريكيين في أفغانستان قبل أيام على المصحف الشريف سفاهته البكر ولن يكون آخر فصل مشين من هذا النمط الصلف الذي يستعلي على الناس كافة،بمن فيهم أقرانه من الغربيين الذين يشاطرونه الانتماء إلى الديانة النصرانية المحرفة، والبشرة البيضاء والشعر الأشقر والعيون الزرق!! فالإنسان في عرف هؤلاء المستكبرين المتغطرسين هو الذي ينتمي إلى طبقة (الواسب) أي: التحدر من العرق الأبيض في نسخته الأنجلوسكسونية وديانته البروتستانتية!! فكيف بنا نحن المسلمين الذين ترعرع على كرههم واعتبارهم أعدى أعدائه،مع أنه هو الذي يعتدي عليهم ويغزو ديارهم ويفتك برجالهم ونسائهم وأطفالهم!! لكن المسألة كما قيل قديماً:يرضى القتيل وليس يرضى القاتل!!

 

فلقد ثبت عملياً أن هذه السلوكيات الهابطة ليست نزوات عابرة يقترفها الرعاع والدهماء،وإنما هي صفات راسخة ومستقرة،يقوم بها "صفوة" القوم، من رجال دين فجرة أو ساسة يتقربون بها إلى غلاة التلموديين من اليهود وحمقى الأصولية الإنجيلية،تعبيراً عن صفة متأصلة في جذور الثقافة الغربية بعامة، وهي ازدراء الآخر،بالرغم من حرص الغربيين على التشدق المستمر بشعارات التسامح وثقافة احترام التعدد وقبول الآخر!!

 

وليس أدل على هبوط القوم إلى هذا الدرك السافل من الاستفزاز الوضيع للآخرين بعامة،ولنا نحن المسلمين بخاصة،من التنبه إلى غياب أي شاهد على هذه الصفاقة عندنا على امتداد التاريخ،الذي يخلو من حالة واحدة قام فيها مسلم جاهل بإحراق الأناجيل أو تمزيقها،وهي التي لا نشك لحظة واحدة بأنها تحفل بالتزوير والتحريف!!

 

بل إن الصليب الذي نعلم علم اليقين أنه رمز مكذوب على المسيح عليه السلام،لا يتعمد المسلمون الدوس عليه أو تحطيمه..
وهذا الترفع الإسلامي الذي لا يعني الإقرار بصحة أباطيل النصارى واليهود التي افتراها أحبارهم رهبانهم على الله تعالى،ليس وليد العصر الحاضر، لئلا يسارع الموتورون إلى تفسيره بالضعف الطارئ على أمة التوحيد،وإنما هو سلوك راقٍ تميزنا به في عصور أمجادنا وفي فترات ذروة قوتنا العسكرية والسياسية والاقتصادية.

 

ولعل العقلاء القليلين في المجتمعات الغربية يتنبهون إلى أن المسلمين الذين يستمر الغرب في الاعتداء عليهم وفي الطعن بمقدساتهم،لم يقوموا بممارسة أي إهانة لمقدسات الآخرين ولو من باب رد الفعل المنبعث من فورة الغضب والمعاملة بالمثل ولا سيما أن البشرية جمعاء تقر بأن البادئ أَظْلَم!! فالقضية عندنا قضية دين حق نلتزمه في أوقات القوة وفي فترات الضعف على حد سواء،وموسى وعيسى في اعتقادنا نبيان كريمان من أولي العزم.

 

ولو كان لدى الغربيين ذرة من الصدق في دعاوى احترام الآخر،لتعامل مع مقدساتنا تعامله مع أعداد ضحايا المحرقة النازية المختلف فيها لديهم بأدلة تاريخية قوية!!
والمثير للسخرية أن القوم بعد كل اعتداءاتهم علينا عسكرياً واقتصادياً وفكرياً وإعلامياً، يرموننا بالداء المتجذر فيهم،فيتهمون ثقافتنا النقية بأنها تثير البغضاء وتحتقر المخالفين!!

 

وبعد كل سجلاتهم المخزية التي لم تتوقف منذ مئات السنين،يصرون على سؤالهم الغبي الذي يودون استغباءنا به،وهو: لماذا يكرهوننا؟
إن من أوجب الواجبات على أمتنا رسمياً وشعبياً الإصرار على تجريم التطاول على مقدساتنا ورموز ديننا،في نطاق القانون الدولي والقوانين المحلية لكل دولة ترتبط مصالحها بنا مجتمعين كنا أم فرادى.وهذا واجب حتى بمعايير احترام النفس،الذي لا يتخلى عنه عاقل في تعامله مع الآخرين ولو كانوا من ذوي قرباه!!

 

ومن هنا ينبغي لدعاة الحوار في أصقاع الغرب أن يقدموا ذلك كشرط لإثبات بعض من الصدق في حرصهم المزعوم على نبذ الكراهية والتضييق على العنصريين والمهووسين بالعداء لمن لا يشاركهم قناعاتهم أو لون عيونهم.وإلا فإن الأمر كله يصبح –كما تأكد حتى الآن-عبارة عن تجارة خاسرة،وعن مزيد من منعنا من التعبير عن حقيقة القوم اعتقاداً وممارسة،مع استمرارهم في الاستهانة بمقدساتنا كلها.