إلى فرنسا: تذكرت إبادة الأرمن ونسيتها بالجزائر!
9 صفر 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

"انظروا إلى تاريخكم القذر والدموي في الجزائر ثم تكلموا عن تركيا".. كلمات عبر بها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عن غضب بلاده إزاء تبجح فرنسا التي أقر برلمانها قانوناً يجرّم "إنكار إبادة" الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى وهي التي ارتكبت أبشع الجرائم التي ترقى للإبادة في الجزائر (بلد المليون شهيد) أثناء حقبة الاستعمار الفرنسي لها، لكن باريس الآن تستخدمها من أجل مصالحها خاصة مع قرب انتخابات الرئاسة.

 

وعقب إقرار البرلمان الفرنسي هذا القانون، صعدت تركيا من مواقفها إزاء باريس  من خلال إعلان عقوبات سياسية واقتصادية تشمل تجميد التعاون العسكري والصفقات التجارية وتعليق الحوار حول أي تعاون ثنائي، فضلا عن استدعاء السفير التركي من باريس. كما اتهم أردوغان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بأنه يسعى لمكاسب انتخابية من هذه الخطوة مستخدماً مشاعر كراهية المسلم والتركي في فرنسا.

 

وذكّر رئيس حزب العدالة والتنمية بالاستعمار الفرنسي للجزائر، مؤكدا أن الفرنسيين قتلوا 15 في المئة من سكان الجزائر، منذ 1945 (خلال حرب التحرير) واصفا إياها بالإبادة الجماعية. وقال "إذا كان الرئيس الفرنسي لا يعرف بحدوث إبادة جماعية، يمكنه أن يسأل والده، بال ساركوزي الذي خدم في الجزائر في أربعينات القرن العشرين. أنا على يقين بأن لديه (بال ساركوزي) مسائل كثيرة ليقولها لابنه، بشأن المجازر التي ارتكبها الفرنسيون في الجزائر، وكيف أحرقوا الجزائريين في أفران غاز". 

 

وفي المقابل، أكد ساركوزي - المعروف بمعارضته للمسعى التركي للانضمام للاتحاد الاوروبي -في رد فعل بارد التزام بلاده بحقوق الإنسان واحترام الذاكرة التاريخية!، بينما صدرت تصريحات من مسئولين فرنسيين تتحدث عن أن حديث أردوغان مبالغ فيه ، داعية تركيا لضبط النفس.

 

وينص القانون الفرنسي على السجن عاماً واحداً وغرامة 45 الف يورو في حال انكار تعرض الأرمن لابادة جماعية، ويعد مكملاً للقانون الذي أصدرته فرنسا في يناير 2001 بالاعتراف بالإبادة الأرمنية.

 

وتعترف تركيا بسقوط حوالى 500 الف قتيل خلال السنوات الاخيرة من السلطنة العثمانية، إلا أنها تقول إنهم سقطوا ضحية تجاوزات حصلت في الحرب العالمية الاولى نافية اي نية تركية لارتكاب ابادة جماعية للارمن.
ويأتي اختيار فرنسا هذا التوقيت بعينه لطرح مثل هذا القانون لخدمة غايات انتخابية تصب في مصلحة ساركوزي، خصوصاً أن استحقاق 2012 الرئاسي صار على الأبواب.

 

ويشير محللون إلى أنه بعد إقرار فرنسا لهذا القانون، فإن الدول الأوروبية خاصة الاستعمارية تجد نفسها في مأزق أخلاقي علني أمام العالم، حيث إنها مجبرة على تطبيق هذا القانون عليها جراء ما ارتكبته من قتل خلال حقبتها الاستعمارية. ففرنسا وبريطانيا وإيطاليا أبادت مئات الآلاف من العرب خلال استعمارها لـ12 بلدا عربيا، أذاقت فيها شعوب المغرب العربي ومصر والسودان وبلاد الشام وجنوب الجزيرة العربية شتى أنواع الإرهاب والقتل ونهب الثروات.

 

ففي الجزائر، جاء الفرنسيون إلى البلاد زاعمين أنهم أصدقاء للشعب الجزائري متعهدين لهم بحمايتهم لكنهم ضربوا بكل العهود والوعود التي قطعوها عرض الحائط ، وارتكبوا المجازر والمذابح الجماعية في حق شعب أعزل كل ذنبه أنه رفض وجود الأجنبي على أرضه فكان ذلك منذ السنة الأولى للاحتلال أي 1830. 

 

فقد كان الضباط الفرنسيون يعملون ما في وسعهم للقضاء على شعب بأكمله ومحو شخصيته الوطنية ووجوده وهذا بإراقة دم السكان الأبرياء وتنظيم حملات إبادة جماعية تقشعر الأبدان لفظاعتها من خلال القتل والذبح والحرق التي لم يرحموا فيها حتى الرضع. كما تفنن جلادو الاستعمار الفرنسية بالتنكيل بالجزائريين، حتى النازيين لم يرتكبوا مثله في الحرب العالمية الثانية، مستخدمين أشكال تعذيب بشعة يندي لها الجبين.

 

ولم ترع سياسة الاستعمار الفرنسي في الجزائر أي قانون من قوانين الحرب الدولية ولا حتى القوانين الإنسانية، وسيحفظ التاريخ فظاعة الجرائم التي ارتكبتها فرنسا في حق الجزائر أرضا وشعبا وها هي الآن تتحدث عن إبادة الأرمن وأن مجرد إنكارها جريمة ، إذن فما الذي يمكن أن نطلقه على ما فعلته في الجزائر؟؟

 

ويتساءل المراقبون هل سيحين الوقت بعد اتهامات أردوغان لكي يقوم العرب والمسلمون بمطالبة أوروبا بتطبيق هذه القوانين التي تجرم المستعمر الأجنبي على جرائمه؟ وهل سيكون العرب على قدر من الجرأة التي تمكنهم من إصدار قوانين تجرم من ينكر الاستعمار والاحتلال وإبادة "إسرائيل" للشعب الفلسطين؟