حتى المراقبين قمعهم بشار
5 صفر 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

لم يعبأ بشار الأسد ببعثة المراقبين العرب التي جاءت للتأكد من أنه أوفى بعهده وأوقف  قتل وقمع السوريين والذي استمر طيلة 10 شهور وأصر على مواصلة القمع الدموي للمدنيين من جهة والحول بكل الطرق دون وصول الضحايا للمراقبين للإفادة بشهاداتهم حول انتهاكات ومجازر النظام السوري خلال الفترة السابقة التي سقط فيها أكثر من 6 آلاف قتيل سوري من جهة أخرى.

فقد استمرت قوات الأمن مع أول يوم لبعثة المراقبين في إطلاق النار على المحتجين السلميين وحصد عشرات القتلى والجرحى قتل بينما يتفقد المراقبون العرب لعدة مدن سورية للتأكد مما إذا كانت القوات الحكومية ملتزمة بما يسمى ب"خطة السلام".

ويزور وفد جامعة الدول العربية مدن درعا وحماة وإدلب التي تقع في مناطق تشتعل بها الاحتجاجات بامتداد 450 كيلومترا من جنوب سوريا إلى شمالها. وحمص هي في قلب الاحتجاجات وكانت بداية مهمة المراقبين العرب فيها مثيرة للجدل عندما قال رئيس البعثة الفريق أول الركن محمد أحمد مصطفى الدابي الذي توجه إليها بصحبة مسئولين من جيش بشار إنه "لم ير شيئا مخيفا" في أولى جولاته في حمص.

وحمص التي لم ير فيها الدابي "ما يخيف" يطلق عليها المحتجون لقب "عاصمة الثورة السورية" ولا زالت تتصدر قائمة الضحايا منذ اندلاع الثورة بعدد زاد عن 2216 قتيلا حتى نهاية الشهر الجاري من جراء نيران الاسلحة الآلية أو القناصة أو قصف الدبابات أو التعذيب، تليها مدينة إدلب التي شهدت أعمالاً عسكرية موسعة للجيش السوري راح ضحيتها 958 قتيلاً، ثم مدينة درعا مهد الشرارة الأولى للاحتجاجات ب895 قتيلاً خلال الأشهر التسعة الماضية.

وقبل وصول البعثة -التي تعد أول مشاركة دولية على الأراضي السورية منذ بدء الانتفاضة -بيوم واحد قتلت قوات بشار التي اجتاحت حمص بالدبابات أكثر من 30 شخصا.

ومن المقرر أن ينتشر نحو 200 مراقب لسماع شهادات ومقابلة ضحايا الاحتجاجات الذين سقطوا في أنحاء البلاد. وسيستمع المراقبون في المدن السورية مثل حمص ودرعا وحماة وإدلب شهادات من السوريين.

لكن يبدو أن السوريين يجدون صعوبة في الوصول لفريق المراقبين بسبب العقبات التي يضعها رجال بشار فها هو أحد المعارضين في حماة يقول إن الناس بالمدينة ليس لديه مقدرة كبيرة على الوصول إلى الفريق فهم ينطلقون إلى الشوارع في انتظار الوفد، لكن هناك وجود أمني مكثف كما شوهد قناصة فوق أسطح المباني.

كما يحول وجود مسؤولين عسكريين سوريين مع المراقبين دون التأكد أو تقصي الحقائق من جانبهم، ففي حمص، دخل المراقبون إحدى المستشفيات دون أن يعاينوا  الجرحى او يكشفوا على الجثث، هذا بالإضافة إلى ما تقوم به سلطة الأسد من إخلاء المدن التي يزورها المراقبون من دباباتها أو تخبئهم في المنشآت الحكومية لتعيدهم بمجرد رحليها، كما قام النظام بنقل عدد كبيرً من المعتقلين إلى أماكن محظورة على المراقبين وفق منظمات دولية لحقوق الانسان، وشهود عيان.

كما يشير المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقرها لندن إلى اشتراطات تقييد تحركات الطواقم منها مرافقة قوات أمنية للمراقبين، ومنح القوات السورية ساعتين مسبقاً قبيل زيارة أي موقع.

ويشكك العديد من الخبراء في إمكانية نجاح المراقبين في مهمتم في تقييم مدى تطبيق النظام لخطة العمل العربية التي وقعت عليها دمشق، فمنذ البداية يحاول النظام أن يرصد المراقبون ما يرغبه في مهمة تستمر شهرا قابلة للتمديد وذلك لكسب مزيد من الوقت.

كما أن مهمة بعثة المراقبين كما قال رئيسها مراقبة وإرسال تقارير لا تفتيش أو تقصي حقائق مؤكدا أنه على الناس ألا تتوقع أن "نقول بين يوم وليلة أن سوريا آمنة أو غير آمنة".

وإذا لم تتمكن البعثة من دخول كل المناطق بحرية لإثبات مصداقيتها وإذا لم تتمكن من سماع شهادات الضحايا فلن تتمكن من إقناع كل الاطراف بأنها قادرة على القيام بتقييم الأزمة بموضوعية ومعالجتها بشكل واضح، ومن ثم ستفتح الأبواب أمام التدخل الدولي الذي تأخر كثيرا بخلاف ليبيا.

وظلت سوريا تقاوم التدخل الخارجي لشهور لكنها أذعنت للضغوط من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية الشهر الماضي ووافقت على السماح للمراقبين العرب بالدخول لمشاهدة الانسحاب المزعوم للقوات، حيث  تنص  المبادرة العربية على وقف العنف وعودة الجيش إلى ثكناته والإفراج عن السجناء السياسيين وحرية عمل الإعلام العربي والأجنبي.

وبحسب موقع "قاعدة بيانات شهداء الثورة السورية" فقد بلغ عدد الذين قضوا نحبهم على أيدي الجيش وقوات الأمن والشبيحة حوالي 6 آلاف سوري بينهم أكثر من 400 طفل معظمهم قضى جراء إطلاق النار من قبل قوات الأمن.

وسقط القتلى في سوريا بطرق عديدة منها قتل بطلق ناري، وحالات قتل فيها عسكريون جراء رفضهم إطلاق النار على المدنيين، ومنهم من توفي تحت التعذيب، كما قضى آخرون بطرق مختلفة منها الحرق والدهس بالدبابة والقصف المدفعي والطعن بالسكين.
كما تشير إحصاءات المصدر إلى تصاعد وتيرة القتل مع بلوغ الثورة شهرها العاشر، لا سيما خلال الشهرين الأخيرين، وبلوغ عدد القتلى خلال الشهر الجاري أكثر من 1000 قتيل.
بينما قضى العشرات من السوريين في مجازر جماعية قارب عددها نحو 100 مجزرة، أعنفها خلال شهر يوليو الماضي في مدينة جسر الشغور بإدلب ، إضافة لوجود ثلاثة آلاف حالة اختفاء قسري.

فإلى متى تستمر هذه الجولة التفقدية غير التفتيشية وهل ستكشف بالفعل حقيقة الفظائع التي ارتكبها رجال بشار أم أم أنها ستكون أداة في يد النظام لاستخدامها على هواه وتكون بلافائدة أو طائل؟