20 رجب 1433

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته أولاً: عندي مشكله مع أبي وهي انه يقضي بالأسبوعين والثلاثة خارج المنزل في أعماله وعندما يعود لا نستطيع التحدث معه بعفوية إنما بجدية كأنه ضيف أتى المنزل، لا يتكلم معنا ولا يحل مشاكلنا إنما اعتماده على أخي الأكبر هو مسؤول المنزل وهو المربي والذي يراعي احتياجاتنا ومتطلباتنا في جميع الأمور وبذلك أنا أعتبره والدي.. ولكن ما هو الحل وكيف التعامل معه؟ أنا لا أريد أن أكون عاقة له! ولكن ما الحل يصدق كلام الآخرين ويضحك ويمزح معهم، ونحن لا حول ولا قوة!! الصمت الدائم لدرجة أني لم أطلب منه طلباً في حياتي قط.. أرجوكم أريد الحل معه مع العلم هو لا يكلمنا منذ أربعة أشهر بسبب كذبه!!

أجاب عنها:
أسماء عبدالرازق

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وحياك الله أختي الكريمة ومرحبا بك في موقع المسلم.
أسأل الله أن يثيبك على حرصك على البر بوالدك، ويجعلك وإخوتك قرة عين له.
أيتها الكريمة: إن كنت تكرمين والدك وتطيعين أمره فليس في الأمر عقوق إن شاء الله، لكن ثمة مشكلة، فوشيجة الأبوة والبنوة تقرب بين الأبناء والآباء، وتكسر حدود الرسميات. كما ذكرت سبب التباعد بينكم هو كثرة غياب الوالد حفظه الله، ولا شك أن كلا الطرفين متضرر من التباعد الشعوري هذا، لكن التقريب بينكم أمر ممكن إن شاء الله. وأول الخطوات هو شعوركم وإشعاركم والدكم كذلك أنكم تقدرون جهده في العمل لتوفير احتياجاتكم، والتخلص من إحساس أن وجوده وغيابه سواء لأن أخاكم يحل محله في توجيهكم وتلبية طلباتكم، فقيمة الأب ليست بسعيه في توفير ما تطلبونه وإن كان ذلك جزء من مسئولياته، وإلا فما الفرق بين من كان أبوه حياً، واليتيم الذي تكفله إحدى الجمعيات الخيرية؟

كذلك ينبغي ألا تنتظروا أن يبادركم والدكم بالحديث، أو السؤال عن احتياجاتكم، بل لابد من المبادرة بالتبسط معه في الكلام، وإظهار الحفاوة بوجوده، وترتيب البرامج الاجتماعية المناسبة، والطلعات وما شابه، ويمكن الاستعانة في ذلك بالوالدة والأعمام مثلاً. كذلك يمكن الاتفاق على أوقات تحادثونه فيها أيام سفره عن طريق سكايب أو غيره من برامج التواصل للتعويض عن غيابه.

كذلك يستحسن إدارة حوار مع أخيكم ووالدكم إن أمكن، لتحديد السبل المناسبة لتعويض بعده عنكم، وتخيف وطأة الغربة عليه.

أما موضوع مقاطعته لكم فلم تذكري التفاصيل لكن اعتذروا له واستسمحوه واسترضوه في أقرب وقت، وإن كنتم تظنونه قد أخطأ عليكم فللوالد حقه الذي يجب أن يعرف، ومن كثر إحسانه يتغاضى عن إساءته، فكيف إذا كان والداً؟ (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي)، فذلك سبيل من أناب، أسأل الله أن يجعلك من المنيبات وأن يؤلف بين قلوبكم، ويربط بينكم برباط التواد والتراحم.