الارتباط الأمني يعطل المصالحة
16 محرم 1433
حمزة إسماعيل أبو شنب

منذ لقاء خالد مشعل وعباس في القاهرة بدأ التفاؤل الحذر يخيم على وجه الشعب الفلسطيني في محاولة منه للاحتفال بإنهاء الانقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية ، وينبع الحذر في التفاؤل بعد العديد من اللقاءات بين الجانبين التي كانت تنتهي دون أن تحرز تقدماً يذكر على الساحة الفلسطينية ، لذلك كان الإحباط دائماً يخيم على أبناء الشارع الفلسطيني .

 

 

هذا التفاؤل الحذر كان يمكن أن ينعكس إلى فرح حقيقي في حال تم إنجاز وإنهاء ملف المعتقلين السياسيين الذي يؤرق ويعطل كافة جهود المصالحة وهو المقياس الحقيقي لبناء الثقة بين الجانبيين ، وهو المدخل إلى حل كافة الإشكالات العالقة بين حركة فتح وحماس ، وهو مقياس نجاح ونزاهة العملية الانتخابية القادمة ، ولكن للأسف فإن مؤشرات إنهاء هذا الملف مازالت باللون الأحمر ؛ فحين يطغى اللون الأخضر على عدد المعتقلين الذين يتم بشكل يومي في الضفة الغربية ناهيك عن حجم الاستدعاء الكبير والمرتفع منذ عقد اللقاء .

 

 

الإشارات السلبية لصعوبة حل هذا الملف بدأت من التصريحات المتتالية لقيادات السلطة في رام الله بوضع معايير تتوافق ورؤيتهم للعمل الوطني الفلسطيني ، في الوقت الذي يختلف معهم أصحاب الأغلبية البرلمانية في قضية المقاومة المسلحة وسلاح المقاومة ومكافحة تبييض الأموال على حد وصفهم أصحاب مشروع التسوية ، فإذا لم نتفق على أسلوب المقاومة فكيف يمكن أن نحاسب عليها الآخرين ؟

 

 

لم تتوقف الإشارات السلبية عند حد وصف المعتقل السياسي بل وصل الأمر في بعضهم إلى الحديث عن عفو يصدره محمود عباس عن هؤلاء المجرمين كما قالوا ، مع بعض الاستثناءات التي لا يمكن أن يشملهم العفو تحت حجج واهية فتارة بأنهم مجرمين خطرين وتارة أخرى بأن حياتهم في خطر لو خرجوا من السجون ، والسبب بكل بساطة أن الاحتلال سيغتالهم لأن اعترافاتهم رحلت لغرفة العمليات المشتركة بين الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة رام الله والاحتلال .

 

 

ولكن نرد عليهم جميعاً لنقول لهم هؤلاء الأبطال المقاومين لا ينتظرون عفواً ولا منة من أحد لأنهم لا يخرجوا إلا كالأبطال لأنهم هم كذلك ونحن لا نفرق بينهم وبين المعتقلين لدى الاحتلال لأن الهدف من اعتقالهم واحد وهو مكافحة المقاومة الفلسطينية .
مازال ملف المصالحة يراوح مكانه ولن يتحرك لأن المعيقات أمامه كبيرة و تجاوز هذه العقبة يحتاج من سلطة رام الله إلى قرار جرئ إن كانوا صادقين وجادين في المصالحة الفلسطينية والعودة إلى الاحتكام إلى الشعب .

 

 

القرار المطلوب أن يتخذه أصحاب القرار في سلطة رام الله هو خطوة فك الارتباط الأمني مع الكيان الصهيوني والعودة إلى حضن الشعب بدلاً من العمل على جلد مقاوميه وأبطاله المجاهدين من كافة التنظيمات الفلسطينية ، هذا الارتباط هو السبب الحقيقي في تعطيل المصالحة الفلسطينية وهو الذي يهود القدس لملاحقة من كان يمكن أن يدخل الرعب في قلب الأعداء .

 

 

فك الارتباط هو السبيل الأول لتحقيق المصالحة وعودة اللحمة ففي الوقت الذي تتخذ فيه سلطة رام الله هذا القرار نستطيع أن نصدق بأن هناك مساعي جادة لإنهاء الانقسام ، أما غير ذلك فلا أعتقد أنه يمكن أن نحرز تقدماً حتى لو تم تشكيل حكومة وحدة أو أي من الخطوات القادمة التي يمكن أن تنجز، فجميع الملفات ستواجه عقبة الارتباط الأمني مع الاحتلال وتظل المصالحة معطلة .