خطايا العسكر وثورة التحرير الثانية
27 ذو الحجه 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

يشهد ميدان التحرير بوسط العاصمة المصرية القاهرة انتفاضة عارمة تشبه إلى حد كبير الثورة التي شهدها في 25 يناير وأسفرت عن خلع مبارك من الحكم..

 

الاحداث بدأت بشكل بدا بسيطا ولا ينم على تطور الاحداث ولكن تراكم الاخطاء بل الخطايا أدى إلى انفجار الوضع إلى ما يشبه ثورة ثانية..

 

لقد اعتصم عدد صغير لا يزيد عن المائتين من عائلات ضحايا ثورة يناير  في ميدان التحرير بعد انتهاء مليونية الجمعة الماضية الرافضة لوثيقة المبادئ الدستورية, لكن قوات الامن واجهتهم بقسوة شديدة وأصرت على صرفهم من الميدان رغم أن وجودهم كان محدودا ولا يمكن أن يؤثر على سير الحياة في الميدان وعندما سمع  ناشطون بما جرى انطلقوا لنجدة المعتصمين فما كان من قوات الامن إلا أن زادت من عنفها تجاه المتظاهرين مما  أسفر عن وقوع أكثر من 30 قتيلا ومئات الإصابات, ولم يتحرك المجلس العسكري لوقف المهزلة بل ظل يشاهد وقائعها أربعة أيام متتالية والميدان يغلي والمتظاهرون يتزايدون وتحول اعتصام صغير لا يريد سوى بعض المطالب المحدودة لتعويض أسر الضحايا إلى مجزرة أخرج فيها ضباط وجنود الامن المركزي فيها غلهم ضد المتظاهرين الذين كسروا هيبتهم خلال ثورة يناير ووجدوا في سكوت المجلس العسكري فرصة للانتقام وهي فرصة كانوا يتحينون لها منذ فترة طويلة ورأينا في مقاطع الفيديو كيف جرت وقائع الانتقام وهو أمر حذرنا منه كثيرا واكدنا على ضرورة تطهير وزارة الداخلية من العناصر الفاسدة وأوضحنا أن وزير الداخلية الحالي لا يصلح لهذه المهمة بعد أن سقط في عدة اختبارات سابقة بل وأكدنا أن المجلس العسكري لا يسعى للتطهير الحقيقي لأركان الدولة من رجال النظام السابق ولكن يسعى للتسكين والتهدئة وهو ما يتعارض مع مبادئ أي ثورة..لقد تصاعدت المطالب في التحرير حتى وصلت إلى المطالبة برحيل المجلس العسكري فورا وتشكيل حكومة انقاذ وطني تدير البلاد حتى إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية ورغم خطاب المشير طنطاوي إلا أن المتظاهرين أكدوا رفضهم له وأصروا على مطالبهم..

 

المتابع للمشهد السياسي المتأزم الذي تمر به البلاد لا يجد صعوبة في الوصول لعدة أسباب رئيسية أدت إليه ومن أهمها محاولات المجلس العسكري المتواصلة لتفريغ الثورة من محتواها ووضعها في إطار الحركة التصحيحية التي كان يرى أنها خلصته من سيناريو التوريث الذي لم يكن راضيا عنه ولكن في نفس الوقت لم يكن متحمسا لإجراء تطهير حقيقي في مؤسسات الدولة وترك الكثير من رجال مبارك خصوصا في الداخلية يمارسون عملهم ضد الثورة, كذلك لم تكن هناك نية صادقة من أجل نقل السلطة ولم يتم وضع خريطة واضحة لذلك مما أدى إلى استغلال الداخلية لموضوع الاعتصام المحدود الاخير لكي تعطل الانتخابات التي تعرف جيدا أنها ستؤدي إلى وصول قوى سياسية حازمة ستقوم بتطهير الجهاز من فلول مبارك والعادلي القابعين في معظم أركانه حتى الآن ومن المرجح أنها ستستمر في لعب نفس الدور إذا تم إجراء الانتخابات في ظل الحكومة الحالية حيث سيتم استخدام البلطجية لإفساد الانتخابات, في نفس الوقت هناك قوى سياسية أرادت إفساد الانتخابات حتى لا يصل الإسلاميون للحكم وهي من تعمد تحريض المتظاهرين على الاستمرار في المواجهة رغم محاولات التدخل من بعض القوى السياسية للتهدئة والانسحاب من الميدان من أجل تفويت الفرصة على مجرمي الداخلية والذين لن يتم حسابهم إلا من خلال سلطة شرعية منتخبة..

 

في ظل هذه الاوضاع الملتبسة وبعد أن تصاعدت الاحداث إلى هذه الدرجة لن يكون من المجدي أن يتم تنحي المجلس العسكري ولكن الحسم في مسألة انتقال السلطة من خلال برنامج زمني محدد وفي إطار حكومة انقاذ وطني من شخصيات ثورية حقيقية توافقية أما أن يتخلى المجلس عن السلطة الآن لمجلس رئاسي أو لرئيس المحكمة الدستورية فسيطيل أمد الفترة الانتقالية.