نصيحة ملك الأردن لبشار.. تردد وغموض
22 ذو الحجه 1432
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

"لو كنت مكان بشار الأسد لتنحيت".. دعوة ضمنية وجهها عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني إلى الطاغية السوري للتخلي عن السلطة بعد أن قتل منذ اندلاع الثورة السورية وحتى الآن 4 آلاف من أبناء شعبه ولازالت جرائمه مستمرة في ظل تباطؤ غربي ودولي في التعامل معه ، لكن يبدو أن هذه الدعوة جاءت متسرعة بعض الشيء -فلم تكن متوقعة من عاهل الأردن- فضلا عما أثارته من غضب من جانب السوريين لذا حاولت السلطات الأردنية التخفيف منها عبر وسائل الإعلام المختلفة. 

 

فبعد المقابلة التلفزيونية التي أجراها الملك عبدالله مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" البريطانية الأسبوع الجاري والتي قال فيها رداً على سؤال عن موقفه إذا كان يعيش واقع الأجواء السائدة حالياً في سوريا، "أعتقد أنني كنت سأعتزل"، و"لكن على بشار العمل لضمان انطلاق مرحلة سياسية جديدة في سوريا".. ثارت ثائرة السوريين في وسائل الإعلام الرسمية ، وهاجم سوريون مؤيدون لبشار السفارة الأردنية في دمشق محاولين اقتحامها لكن قوات الأمن تصدت لهم.

 

فما كان من وسائل الإعلام الأردنية الرسمية وعلى رأسها وكالة الأنباء الرسمية (بترا) أن نشرت مقابلة بي بي سي تحت عنوان "الملك: على الرئيس السوري أن يبدأ مرحلة سياسية جديدة"، وقامت في مضمونها بالتخفيف من تصريحات الملك، بل ذهبت إلى القول على لسان بعض المسئولين إن تصريحات عاهل الأردن قد تم انتزاعها من سياقها وذلك خوفا من الغضب السوري، كما نفى السفير الأردني قصة اقتحام السفارة (رغم أنه كان أول من أعلنها) ، وبعدها بقليل أعلنت وزارة الخارجية الأردنية أن الحكومة السورية قدمت، اعتذارا عن "اعتداء" تعرضت له سفارة الأردن.

 

ويرى محللون أن الأردن يحاول تهدئة غضب السوريين من تصريحات الملك نظرا للمصالح المشتركة على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والسكانية بين عمان ودمشق، فضلا عن تخوف النظام الأردني من استعداء النظام السوري الذي يستطيع العبث بالأمن الأردني خاصة على الحدود.

 

ويبدو غريبا أن يطلب الملك عبدالله من صديقه القديم بشار التنحي وهو أمر غير متوقع من النظام الأردني الذي لم يسبق أن دعا رئيس بلد عربي للتنحي حتى أكثر المتحالفين معه والمقربين منه منذ بدء ثورات الربيع العربي.
 
وقبل تصريح الملك عبدالله ، فإن المتابعين للشأن العربي رصدوا قلق المؤسسات الرسمية بالأردن في طريقة التعامل مع الأزمة السورية، خاصة بعد قرارات الجامعة العربية بتجميد عضوية دمشق وبعد فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على النظام السوري، لدرجة أن الحكومة نفسها فوجئت بتصريح الملك بحد قول أحد مسئوليها.
 

 

ولم يكن الشعب الأردني نفسه يتوقع هذا التصريح ولم يكن هناك ضغوط منه على الملك لمطالبة بشار بالتنحي، فقد كانت مطالبهم لا تتعدى إغلاق السفارة السورية وعودة السفير الأردني من دمشق.
 
إذن فقد يكون هناك ضغوط خارجية تلك التي جعلته يتفوه بهذه النصيحة بحسب ما يرى جانب آخر من المحللين الذين اعتبروا هذه الدعوة دليل على وجود توافق عربي أمريكي(علاقة الملك وثيقة بواشنطن) على أن جميع الجهود الدبلوماسية المبذولة حاليا لإنهاء الأزمة السورية ما هي إلا وسيلة لكسب الوقت قبل تنفيذ سيناريو التدخل العسكري لإطاحة نظام بشار على غرار تدخل الناتو في ليبيا من أجل التخلص من الرئيس الراحل معمر القذافي.

 

وفي المقابل يدرك النظام السوري أن التدخل العسكري الوشيك بات قاب قوسين أو أدنى  وهو ما بدا واضحا من خلال تزايد شراسة الآلة القمعية لبشار وزبانيته في الفترة الأخيرة فلا يكاد يمر يوما إلا وعشرات الضحايا يسقطون ووصل جبروت جنوده إلى حد ذبح المدنيين كالخراف.

 

وأخيرا هل يستمع الرئيس بشار إلى نصيحة صديقه القديم ويترك السلطة أم سيواصل قمعه الوحشي إلا أن يلقى مصير نظيره الليبي من خلال تدخل عسكري خارجي؟ وهل ستؤثر دعوة الأردن على علاقاته بالنظام السوري أم أنه قد فات الآوان أمام بشار أن يعادي وينتقم؟