أنت هنا

لن نكون مع اليهود ضد السوريين!!
23 ذو القعدة 1432
موقع المسلم

مؤسفٌ كل الأسف ذلك القرار الهزيل الذي اتخذته جامعة الدول العربية إزاء محنة الشعب السوري المستمرة منذ سبعة شهور دامية، بصرف النظر عن الظروف التي هبطت برغبة دول مجلس التعاون من تخوم تجميد عضوية النظام في الجامعة، باعتباره أضعف الإيمان ناهيكم عن تأخره المحزن، حتى جاء ابتزاز نظم القمع العسكريتارية لتكون النتيجة بهذا المستوى الذي أدى إلى رفض السوريين له على الفور، في موازاة صلف النظام ومندوبه الوقح علانية!!

 

إن أقل واجب على الشرفاء في الأمة الآن، هو عدم الانخراط بأي شكل وأي درجة، في مشروع وأد الحراك السوري، وهو مشروع يهودي محض، لا يشّرف أحداً.بل إن من علامة الشرف هنا السعي لإحباطه لأنه مؤامرة ضد الدين والعروبة ووجود هذه الأمة!!
فلقد صدق المعارضون السوريون عندما قالوا:إن مجلس الأمن الدولي لم يكن بهذا العجز إلا إذا تعلق الأمر بـ"إسرائيل"ونحن نضيف:الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، لأنها تتمتع بحق جائر عو حق النقض(الفيتو)!!

 

هؤلاء الساسة السوريون أطلقوا مقولتهم الساخرة/الجادة،  بعدما صعقتهم مسرحية "المجتمع الدولي"إزاء مذابح النظام السوري التي يستمر في ارتكابها على مرأى البشرية ومسمعها، في حق شعبه الأعزل، في حرب إبادة جماعية مفزعة.

 

فالقتل بشهادة الجميع-بمن فيهم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة- ممارسة يومية بمتوسط قدره(25) إنساناً كل يوم، والاعتقال كذلك ولكن بوتيرة أعلى، والتصفية في أقبية التعذيب لا تتوقف، واستهداف الأعراض أصبح السمة الأبرز في الفترة الأخيرة، عندما فشلت وحشية النظام الرهيبة في إخماد الثورة الشعبية الباسلة.!!بل إن السفيه ازداد خِسّةً ووحشية مع توالي الفرص الخارجية، فاستعمل سلاح البحرية وسلاح الطيران وهناك أنباء عن استخدامه أسلحة كيميائية محظورة دولياً فوق مدينة الرستن القريبة من حمص!!

 

ومع ذلك كله، تمطى مجلس الأمن الدولي فأخرج لنا مهزلة تافهة، من سراديب مساوماته ومتاجرته بدماء السوريين، مشروع قرار بلا لون ولا طعم ولا رائحة باستثناء راحة نتن التواطؤ مع القاتل ضد الضحية.القرار يدين العنف بالكلام ولا يعاقب مصاصي دماء السوريين ولو بمنع بشار وكبار أعوانه من السفر!!إنه تمديد وراء تمديد لرخصة القتل الممنوحة لنظام الأسد بلا أي ردع من أي نوع.

 

ويتم هذا بعد انقضاء قرابة سبعة شهور دامية وفظيعة يتجرع السوريون العزل آلامها المريرة، في حين لم تتطلب "نخوة"الغرب لنجدة الليبيين سوى ثلاثة أسابيع، حتى جرى تفويض الناتو بمنع طيران القذافي من التحليق وهو أمرٌ توسع بمفهوم حماية المدنيين إلى مساعدة الثوار الليبيين في الإطاحة بفرعون ليبيا.

 

وهذه الملاحظة التي أبداها معارضون سوريون أذكياء ملاحظة دقيقة إلى أبعد حدود الدقة، ففي تاريخ الأمم المتحدة منذ نشأتها لا تقف المنظمة صماء بكماء عمياء إلا أمام مصالح الخمسة الكبار وأمام الصلف اليهودي وما يتصل به.وهنا يجب التأمل للبحث في معرفة السر وراء استثناء النظام السوري وإلحاقه بالكيان الصهيوني في التدليل والاسترضاء والتعامي عن جرائمه ومجازره غير المسبوقة.

 

أفليس من العجب أن يحظى نظام بهذا التفضيل الخاص باليهود، بالرغم من أن واشنطن تتهمه برعاية الإرهاب، وبعضوية محور الشر مع إيران وكوريا الشمالية!!ومن أين له القوة مع أن الدول كلها تتبارى اليوم في التبرؤ منه بمن فيهم حلفاؤه وسادته في طهران التي أخذت تمارس التقية وتقول كلاماً مزدوج الدلالة، تحسباً منها لاحتمالات سقوطه نهائياً!!فلا هو دولة نووية من صنف كوريا الشمالية لكي يضطر الآخرون إلى معاملته بحذر، ولا هو نظام متماسك تمكن من قهر مواطنيه الثائرين كالنظام الإيراني، حتى يجبر العالم على الإقرار بالأمر الواقع!!!

 

وكيف أصبح نظام الأسد يملك من الجرأة ما يجعله يعتدي على السفير الأمريكي في دمشق، وهو النظام الذي يخاف من خياله(ضربته إسرائيل عدة مرات وظل في كل مرة يتبجح بأنه يحتفظ بحق الرد حتى باتت هذه الجملة مادة للهزء منه شعبياً وعندما حشد الأتراك جيشهم على حدوده في عام1998م سلمهم زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان!!علماً أن ذلك وقع في عهد الأب القوي وليس الابن الهش!!)!!ولا يحتاج المرء إلى خبرة عريضة لكي يستذكر كيف يتصرف الأمريكان بشراسة وفظاظة تجاه كل من يمس موظفاً أمريكياً، فإذا بهم يكتفون برد فعل دبلوماسي خانع يشبه تصرف جمهوريات الموز المستكينة!!

 

الحقيقة أنه لا يوجد تفسير لهذا "السر الباتع" لنظام بشار الأسد الذي زعزع السوريون المسالِمون أركانه كلها، سوى التفسير الصهيوني ذاته.فالروس الذين فشلوا في حماية المعتدين الصرب وهم أقرب الناس إلى موسكو دينياً وثقافياً وعرقياً، لا يستطيعون الثبات أمام ضغط أمريكي فعلي.

 

والنتيجة الأكيدة هي غياب الجدية في الموقف الأمريكي، وهو الأمر الذي يسعى التغريبيون إلى تبريره بضعف الضغط العربي والإسلامي، على العكس من الحالة الليبية حيث كانت جامعة الدول العربية صاحبة المبادرة في فتح باب التدخل الأممي وتسهيل اتخاذ قرارات صارمة من مجلس الأمن الدولي.وهذا ليس أكثر من خداع مفضوح يريد قلب الحقائق وتبديل المواقع بين الأسباب والنتائج!!

 

صحيح أن أردوجان يتلاعب بالألفاظ ولم يقرر عقوبات جادة ضد بشار غير الكلمات الرنانة كلما استفحل شلال الدماء، وصحيح أن العرب تخاذلوا في جامعتهم العربية فلم يجترئوا على تكرار "جرأتهم" الأمريكية في الملف الليبي، وصحيح –للمرة الثالثة-أن روسيا تبدو شمشون القادر على ازدراء العالم كله!!لكن الحقيقة الساطعة هي أن الغرب يكذب ويتستر وراء روسيا التي يريدنا أوباما أن نلغي عقولنا فنصدق أنها بهذه القوة التي يصورونها بها.

 

إنها الحماية اليهودية فحسب، للنظام الذي وهب الجولان للعدو الصهيوني ثم تكفل بحراستها من السوريين بلباس مقاومة كاذبة!!وإذا كان المنطق يفضي إلى هذا الاستنتاج بكل يقين، فإن الحديث عنه بات علنياً،  وفقاً لما ورد في مقال موثق للكاتب البريطاني المرموق  روبرت فيسك المعروف بسمعته وموضوعيته، فقد أكد نقلاً عن معلومات استخبارية صهيونية وأمريكية أن نتنياهو يقود شخصياً  خارجية لحماية نظام عائلة الأسد من السقوط!!!

 

وحتى الرئيس الفرنسي نيقولاي ساركوزي-الذي لا يستطيع أحدٌ المزايدة على هيامه باليهود!!-يجأر بالشكوى من فزعة نتنياهو لحماية نظام "الممانعة والمقاومة" الأسدي من سقوط محقق!!
وإلا فليفسر لنا أي منصف السبب وراء بقاء سفراء النظام في عواصم العالم يتجسسون حتى الآن على السوريين ويهددونهم بإيذاء عائلاتهم في سوريا، وذلك بشهادة منظمة العفو الدولية.