1 صفر 1433

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسأل الله أن يبارك فيكم وينفع بكم الإسلام والمسلمين..
سؤالي هو هل هذه غيرة أم شك أم هذا من حقي؟ عندما تشاهد زوجتي قناة وهي قناة المجد - أسأل الله أن يبارك فيها - هناك قناة تسمى ماسة المجد يعرض فيها بعض المسلسلات طبعاً بدون نساء وأيضا بدون موسيقى وغيرها من البرامج في هذه القناة -أعني قناة ماسة المجد- لكن وهذا الشاهد من سؤالي أن زوجتي عندما تشاهد أي برنامج أشعر بالغيرة ولا أتحمل هذا وخصوصا عندما أشاهدها تضحك أو تتابع شخصية من الشخصيات باهتمام ولا أريدها أن تشاهد، وهي تقول أن ذلك جائز، صحيح أنه جائز لكن أنا لا أحب ذلك. أطلب منكم إخوتي في موقع المسلم توجيهكم في هذا الأمر وأسأل الله الحي القيوم أن يدخلنا وإياكم جنة الفردوس بغير حساب ولا عذاب.

أجاب عنها:
إبراهيم الأزرق

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أسأل الله أن يوفقك وزوجك إلى ما يحب ربنا ويرضى، وبعد أخي الكريم فإني أستشف من سؤالك أنكم أسرة محافظة ولله الحمد، فاحمد الله على ما هداك إليه واشكر فضله، ومثلك يخاطب بما لا يخاطب به غيرك، وبدءاً أشكر لك غيرتك، فكم في البيوت اليوم من رجال ماتت الغيرة فيهم أو ضعفت، فأطلقوا العنان لأعينهم وأعين نسائهم في القنوات الهابطة، يتابعون مجان المسلسلات، وأهل الفسوق والطرب من المغنين وغيرهم.
واعلم أخي الكريم أن الغيرة على المحارم صفة حميدة إذا لم يصحبها تجاوز، فالغلو في كل شيء مذموم، ومن الغلو الريبة والشك لأدنى بادرة، وأنت بحمد الله لم تصل إلى هذا الحد فيما أحسب، بل أرى أن غيرتك هذه فطرية محمودة، وأنصحك بأن تحسم مادة الوسواس ومداخل الشيطان حتى تستقر حياتك، فلا يعكر عليك علاقتك بزوجك مكدر، وهذا لا يكون إلا بمصارحة الزوجة بشعورك، ومطالبتها صراحة بما تحب، حتى لو قدر أن ما تفعله الزوجة أمر لا غضاضة فيه، وأنه مباح من جملة المباحات؛ لأنه يؤذيك، فكيف إذا كان إطلاق النساء النظر في الرجال الأجانب لغير حاجة أقل أحواله الكراهة، ألم يقل ربنا عز وجل: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) الآية، فبدأ قبل فرض الحجاب بفرض غض البصر، وفي السنن بسند قوي –كما قال ابن حجر- عن أم سلمة قالت كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة فأقبل ابن أم مكتوم وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «احتجبا منه»، فقلنا: يا رسول الله أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه»، والحديث ضعفه بعض أهل العلم لكن الأقرب قبوله، وقد صححه عدد من الأئمة، والآية في معناه فإن دلالتها ظاهرة على منع النساء من إطلاق البصر، وبعضهم قال بجواز النظر لحديث عائشة ونظرها للعب الحبشة، ولأمر المرأة أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم، وليس فيهما ما يقضي بجواز التأمل في القسمات، أو إدامة النظر في محيا الأجانب، وقد قيل بأن هذا قبل الحجاب، ورده المخالفون بستره صلى الله عليه وسلم عائشة ولا دليل فيه على أنه بعد الأمر بستر الوجه أو آية الحجاب فهو لم يستر وجهها وإلاّ ما نظرت، والنظر إلى الجم الغفير المجتمع أهون من التأمل في المحيا، وأياً ما كان فشأن النساء أخف من شأن الرجال في ذلك، لكن ما يقطع به أنهن مأمورات بغض البصر كما قال ربنا، وسواء أفاد هذا التحريم أم الكراهة في حالة عدم الحاجة فلا ينبغي للمؤمنة العفيفة أن تطلق بصرها في الرجال الأجانب، وليس من صفة المرأة الحيية إمعانها النظر في الرجال، فضلاً عن أن تبدي إعجابها بما يصدر عنهم، بل ليس من فعل العاقلة ذلك أمام زوجها، وإن كان شأن التلفاز في هذا أخف.
ومطالبتك زوجك بما تحب لقصد صحيح مما يجوز لك ولو كان شأناً مباحاً، ولاشك أن حالك وما تشعر به يقتضي منها أن تراعيك، والعاقلة تراعي غيرة زوجها فتجتنب المباح الظاهر طلباً لرضاه فكيف بالمشتبهات، وقد أناخ صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر لتركب –وكان ذلك قبل فرض الحجاب- فمنعها من ذلك الحياء ومعرفتها غيرة الزبير مع ما كانت فيه من المشقة الكبيرة والجهد، فكيف إذا تعلق الأمر بمجرد فضول! والله قد أوجب على زوجك طاعتك في المعروف، فبين لها هذا، واسع لإقناعها، وأخبرها كما أنها لا تحب أن تنظر أنت لصور النساء الأجنبيات، وتظهر الأنس بما يفعلنه أو يقمن به من تصرفات، فكذلك لا تحب منها مثله، هذا والله أسأل أن يسددك، ويصلحك ويصلح لك زوجك، وأن يرزقكما العشرة بالمعروف، وأن يدفع عنكما ما يكدرها، والله يحفظك.