"صالح" وقرار ذبح الشعب
23 شوال 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

بدأت القوات اليمنية الموالية للرئيس علي عبدالله صالح في تنفيذ مجازر عنيفة ضد المدنيين المعتصمين في صنعاء والمطالبين بتخليه عن السلطة, حيث سقط أكثر من 60 قتيلا في يومين فقط وظهرت صور بشعة للقتلى طارت فيها رؤوسهم من فوق أجسادهم, حيث تم استخدام الاسلحة الثقيلة ضدهم في جريمة إنسانية يندى لها الجبين حتى أن منظمة العفو الدولية طالبت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذى يناقش الحالة فى اليمن فى جنيف، إلى حث السلطات اليمنية على إصدار أوامرها لقوات الأمن بأن توقف على الفور استخدام الذخيرة الحية ضد المحتجين السلميين, كما دعت المنظمة فى بيانها إلى تشكيل لجنة تقصى مستقلة وغير منحازة بصلاحيات كاملة، وبمساعدة دولية من أجل التحقيق فى أعمال قتل وجرح المحتجين وغيرهم, وأكدت أنه على السلطات اليمنية أن توقف قواتها الأمنية عن قتل المحتجين فوراً، وذلك عقب ورود تقارير بأن عشرات الأشخاص قد قتلوا منذ يوم الأحد جراء إطلاق النار عليهم فى صنعاء.

 

في نفس الوقت لم نستمع لموقف عربي أو إسلامي واضح يندد بهذه المجازر التي يمارسها نظام استبدادي رفض جميع المساعي الدولية من أجل حل الأزمة المتصاعدة في البلاد منذ أشهر, وواصل النظام مناوراته الصبيانية لاستنزاف الوقت حيث يوافق تارة على المبادرة الخليجية ثم يعود ويتراجع عنها حتى أنه في خر المطاف وعندما فوض صالح نائبه من أجل التوقيع على المبادرة الخليجية أصر على بقائه في السلطة حتى الانتخابات الرئاسية كما اشترط بقاء نجله في السلطة وهي مطالب تعجيزية لإحراج المعارضة وإطالة أمد الأزمة حتى يستطيع صالح تنفيذ جريمته بقتل المتظاهرين السلميين ومحاولة إجهاض الثورة خصوصا أن موقف الغرب منه يتميز بالميوعة بعد أن أوهمه أن تنحيه عن السلطة سيؤدي إلى وصول الإسلاميين التابعين للقاعدة للسلطة وترك الاجواء اليمنية مرتعا للقوات الامريكية لتنفيذ عملياتها ضد ما تسميها واشنطن "عناصر القاعدة في جزيرة العرب", حيث يقتل المدنيون الأبرياء خلال هذه العمليات, وقد اتهمت المعارضة القوات الموالية لصالح صراحة بأنها وراء سيطرة مسلحي القاعدة على بعض المناطق لإيهام العالم بتنامي قوة القاعدة وقربها من الاستيلاء على الحكم إذا تنحى صالح ليتمسك الغرب ببقائه وهو ما أغراه بتنفيذ المجازر الاخيرة والتي من المتوقع أن تستمر مما يزيد المخاوف من اشتعال حرب أهلية في بلد تتنازعها العصبية القبلية, وهو رهان يؤكد ان صالح يفضل زوال الدولة على زوال حكمه يستوي في ذلك مع الزعيم الليي معمر القذافي والرئيس السوري بشار الأسد وهي نماذج شديدة النرجسية والخطورة على مستقبل شعوبها وبلادها...

 

العجيب أن الموالين لهؤلاء الزعماء يحذرون من مؤامرات مزعومة تحاك ضد بلادهم لتقسيمها ويعتبرون انفسهم صمام الامان لإفشال هذه المؤامرات, في حين أن تنازلهم عن السلطة ووضع الأمر بيد الشعب لاختيار حكامه ينهي القضية تماما ويفشل أي مؤامرات تستهدف قتل الشعب وسحله في الطرقات كما يغلق جمع الطرق التي قد تؤدي إلى تقسيم البلاد لكن الرغبة العارمة في البقاء على رأس السلطة والخوف من المحاكمات وفضح المستور يصيبهم الفزع ويفضلون تدمير الاخضر واليابس عن الرحيل مهما كانت الضمانات..

 

الرئيس اليمني نجا بأعجوبة من محاولة اغتيال تورط  فيها أشخاص قريبون منه أرادوا أن ينهوا الصراع المحتدم على السلطة ومع ذلك لم تصله الرسالة رغم جلائها ورغم النصائح التي أسديت له من عدة جهات عربية, إلا أنه استغل نائبه لكي يسكّن المعارضين له مع بقاء نجله يدير شؤون البلاد فعليا  حتى تعافى من محنته وقرر ذبح شعبه عقابا له على رفض حكمه وحكم أبنائه من بعده..هل يتصور صالح أن بعد هذه المذابح يمكن لشعبه أن يتقبله على رأس الدولة يوما واحدا ؟ وهل يتصور أن بإمكانه بعد الآن خداع العالم بأنه سيتنازل عن السلطة وسيوقع على المبادرة الخليجية؟ وهل ستنفع حيلة فزاعة القاعدة لكي تتيح له البقاء في السلطة تحت حماية القوات الامريكية؟ والسؤال الاهم متى سيتعلم صالح وامثاله أن دماء الشعوب الطاهرة ستتحول إلى قنابل تطيح برؤوسهم في وقت قريب؟