9 ربيع الأول 1433

السؤال

آمي وأبي في شجار دائم، أمي تريد من أبي أن يطلقها، وأبي لا يريد، وسبب شجارهم أن أبي تزوج على أمي وأن أم أبي تضع السحر لنا وأبي لا يعلم، وأمي حاولت مع أبي أن تخبره لكنه لم يصدق، وأمي رأت أكثر من رؤيا تبين وجود السحر، وسبق أن فسرت وكل المفسرين يقولون نفس الشيء إنه يوجد سحر في بيتنا، والساحرة أم أبي.. لا أستطيع أن أسميها جدتي! فاسم جدتي لا يليق عليها، وحتى أم أبي، لكنه أفضل من جدتي، وهي لا ترى أحداً في نعمه إلا تحسده، خاصة أمي!! وأنا قد أصبت بعين من إحدى بناتها؛ لأنني تكلمت مبكراً وكنت غاية في الفصاحة، وابنتها التي بمثل عمري - لكنها اكبر مني بأسبوعين - لم تتكلم، وعندما تكلمت لم تكن تلفظ الكلمات لفظاً صحيحاً، وعندما نزورهم كانوا يهينوننا، وعندما نصل إلى باب منزلهم يرفضون دخولنا بحجة لم نستعد!! مع العلم بأننا كل ما أتيناهم يكونون بعيدين عن النظافة، يوجد الكثير يفعلونه لكن لا أعرفه، وهذا عرفته عندما سمعت أمي.. أنا طفلة لا أدري ماذا أفعل فما هو دوري كابنة لهم؟!

أجاب عنها:
أميمة الجابر

الجواب

النفس كثيراً ما تقيد صاحبها، فتشعل بداخله الغل والكره والحقد على من حوله ويتدخل الشيطان في ذلك، فقد يكون ذلك الغل والحقد موجها ضد المقربين، ويرجع ذلك لأمور كثيرة أهمها الانقطاع عن مراقبة الله تعالى، فالذي يعلم أن الله يراه لا يفكر في الاقتراب من أي شيء يبعده عنه سبحانه...
هذا الحاقد لا يستطيع ولاشك أن يربي نفسه ولا أولاده ولا من حوله على الحب لمن حولهم ولا على العطاء أو البر بل يغرس في قلب أولاده طباعه دون أن يشعر، وذلك للأسف ما يتضح من كلماتك في رسالتك أيتها الابنة وخصوصا آخر كلماتك إذ قلت "وهذا عرفته عندما سمعت أمي وأنا طفلة"!
أيتها السائلة إن الأم هي المدرسة الأولى التي تربي، فإن أفلحت أحسنت هذه التربية على كل ما يرضي الله سبحانه، وإن فشلت خابت تربيتها وجنت ثمرة تلك التربية في كبرها، فكما تقدم الأم سوف تجد.
أما بالنسبة لإرادة أمك الطلاق، فاعلمي أن الطلاق هو آخر الحلول التي جعلها الشرع آملا بأن تزول المشاكل الزوجية، وقد جعل الشرع حق الطلاق للرجل لزيادة حكمته وتحمله المسئولية ولولا ذلك لكان الطلاق قد تحقق لأمك لرغبتها في ذلك لأول وهلة ومن أول لحظة غضبت فيها!
ومن رسالتك علمت أن أباك قد تزوج على والدتك بأخرى وأن هذا هو سبب الشجار بينهما، ويجب أن تعلموا جميعا أنه الآن قد أصبح عنده بيت آخر، وعلى أمك أن تعلم أنها بكثرة شجارها هكذا سوف تدفعه للهروب أكثر وأكثر إلى الزوجة الأخرى حيث الهدوء وراحة البال، فما الذي يدفعه إلى الحياة المملة الكئيبة المليئة بالمضايقات!، فعلى هذه الأم أن تتوقف عن استفزاز زوجها وتبدأ معه عهدا جديدا بجلسة صفاء وباعتراف ببعض العيوب والأخطاء لعلها أن تنعش حياة جديدة سعيدة..
أيتها الابنة، دعيني أستغرب من ترتيب أمك أمورا كثيرة على مجرد حلم في منام، وهذا لا يفعله إلا قليلو العلم، فكيف تتصور أن أما تضع سحرا لابنها؟! أما إن كانت تقصد أنها قد وضعت سحرا لزوجة الابن فلتستعن بالله بالقرآن وبالارتباط بالله وأن تنظر في نفسها وتسأل نفسها ما الذي أوصل العلاقة بينهما لهذه الدرجة فعادت أمه وأخواته هذا العداء الشديد؟! وعندئذ لو تزوج الزوج عليها فلا تلومن إلا نفسها.
وكثير من النساء الجاهلات تكدر نفسها بسبب حلم رأته فصارت تحكيه للناس وقد علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم إذا رأينا ما نكره أن نستعيذ بالله ونتفل عن يسارنا ونتغير عن جانب النوم الذي نحن عليه ولا نحكيه لأحد فإنه لن يضرنا.
فالزوجة المؤمنة لابد أن تكون صافية النفس، تعفو عمن ظلمها وتحب من حولها وتقدم الخير والخدمة بأنواعها مهما استطاعت ذلك لكل من تعيش بجواره من أهل زوج أو جيران أو أقارب، فليس للإنسان إلا ما سعى.
أما ما ذكرتِ عن الحسد فهو وارد ومذكور، وعليك الاستعاذة منه بالله سبحانه وبالرقى الشرعية، وقد يعين الإنسان مقربين إليه لاستكثار النعمة، لذلك فعلى المرء إذا رأى خيرا في نفسه أو أهله أن يقول كما جاء في القرآن الكريم {وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ} [الكهف: من الآية39].
أما رفض أم أبيك زيارتكم، فيجب أن تبحثي عن سبب ذلك وهو ظاهر ولاشك أنه بسبب فقدان المودة والمحبة بينكما، لذلك فعليك أنت ووالدتك استمالة قلبها بالمعاملة الطيبة ولو تيسر إرسال هدية لها لزرع الحب وبالتدريج تتغير الأمور، وحاولي أن تكوني رسول خير بين أبويك وبينهم وبين جدتك أملا أن يزول الكرب والهم.