أنت هنا

تعريف النية وأهميتها
1 رمضان 1437
اللجنة العلمية

النية في صوم رمضان

 
       توطئة

        إن المسائل والأحكام المتعلقة بنية الصائم قد اعتنى بها الفقهاء –رحمهم الله- بتوضيحها، والبحث فيها، وما ذاك إلا لأن الصوم عبادة، والعبادة لا تصح إلا بنية، لقوله "صلى الله عليه وسلم": "إنما الأعمال بالنيات"([1])، ولأن الإنسان قد يَضْرِب عن الطعام ويستمر إضرابه يومًا كاملاً؛ فلا يُقال عنه أنه صائم، لأنه لم يقصد التقرب إلى الله "سبحانه وتعالى" بهذا الامتناع، ومثله لو امتنع عن الطعام والشراب ليخفف وزنه، أو خوفًا من الطعام والشراب أن يضره في جسده؛ لذا كان لمبحث تعيين النية حيِّزًا واسعًا من كلام الفقهاء في كتبهم، حتى وصل الأمر إلى الإجماع على وجوب تعيينها، كما قال ابن قدامة في المغني: " لا يصح صومٌ إلا بنية إجماعًا، فرضًا كان أو تطوّعًا؛ لأنه عبادة محضة، فافتقر إلى النية كالصلاة"([2]). قال النووي: "لا يصحّ الصوم إلا بنية، ومحلها القلب، ولا يُشترط النطق بها بلاخلاف"([3]). وفي بداية المجتهد قوله: "أما كون النية شرطًا في صحة الصيام فإنه قول الجمهور"([4]).

 

 

        وعند نظري في كلام الفقهاء عن النية لحظت أنهم يوردون الكلام في مسألتين قريبتين من بعضهما، وهما حكم تبييت النية لصوم رمصان، وحكم تبييتها لكل يوم من رمضان، فما هو الخلاف فيهما؟ وما الفرق بينهما؟.

 والذي أحب أن أتوصل إليه وهو الذي يهمني من مبحث تعيين النية، والذي "تعم به البلوى"؛ هو هل يشترط تعيين النية لصيام كل يوم من أيام رمضان؟ أم يُكتفى بنية واحدة من بداية رمضان تغني عن تبييتها كل ليلة؟. وقد رأيت أن أفرد الحديث عن كل واحدة منهما على حِدة، ثم الخروج بخلاصة لهذا المبحث.

 

 

لكن قبل الشروع في المسألتين أذكر تعريفًا مختصرًا للنية:

        فقولنا: نوى الشيء، أي قصده واعتقده، والنية هي الأمر والوجه الذي تنويه، وهي ما ينوي الإنسان بقلبه من خير أو شر([5]).

        والنية عند الفقهاء: العزم على فعل الشيء تقربًا إلى الله([6]). قال ابن قدامة في المغني([7]): "ومعنى النية القصد: اعتقاد القلب فعل شيء وعزمه عليه من غير تردد، فمتى خطر بقلبه في الليل أن غدًا من رمضان، وأنه صائم فيه، فقد نوى".

 
 
 

([1])   أخرجه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب كيف بدء الوحي إلى رسول الله r وقول الله: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا )، [النساء آية 163]، (1/3)، رقم (1)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله "صلى الله عليه وسلم": "إنما الأعمال بالنيات"، وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال (3/1515)، رقم (155).

([2])   المغني (3/7).
([3])   روضة الطالبين (2/350).
([4])   بداية المجتهد (1/213).
([5])   لسان العرب مادة (نوى) (15/347)، القاموس المحيط مادة (نوى) (1/1728)، المصباح المنير، مادة (نوى) (2/632)، كتاب العين (8/394). 
 

([6])  انظر: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، لأبي منصور محمد بن أحمد بن الأزهر الأزهري، تحقيق: محمد جبر الألفي، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – الكويت، الطبعة الأولى، عام 1399هـ (1/41)، المطلع (1/69). 

([7])  (3/24).