أنت هنا

المفهوم العصري للسياحة
2 شعبان 1432
اللجنة العلمية

اختلف الباحثون في ظاهرة السياحة المعاصرة في تعريفها، نظراً لاختلاف الزاوية التي ينظر منها كل باحث إلى السياحة، فبعضهم ينظر إليها بوصفها ظاهرة اجتماعية وآخرون يرونها ظاهرة اقتصادية، والبعض يركز على دورها في تنمية العلاقات الدولية أو يرونها عاملاً من عوامل العلاقات الإنسانية أو الثقافية، إلى غير ذلك من المحاور المتنوعة(52).

 

وقد بدأت تتبلور الأفكار في تحديد مفهوم ظاهرة السياحة، مع بداية القرن العشرين، فأول تعريف محدد للسياحة يعود إلى العالم الألماني (جويير فرديلر) وذلك فيعام 1905م، حيث عرف السياحة بأنها: "ظاهرة عصرية تنبثق من الحاجة المتزايدة إلى الراحة وإلى تغيير الهواء وإلى مولد الإحساس بجمال الطبيعة ونمو هذا الإحساس إلى الشعور بالبهجة والمتعة والإقامة في مناطق لها طبيعتها الخاصة وأيضاً إلى نمو الاتصالات وعلى الأخص بين الشعوب وهذه الاتصالات كانت ثمرة اتساع نطاق التجارة والصناعة كبيرة أو متوسطة أو صغيرة وثمرة تقدم وسائط النقل"(53).

 

وهذا التعريف ينص ويؤكد على ما يلي:
1 – البعد الاجتماعي الناتج من زيادة في أوقات الفراغ وحاجة إلى الراحة والمتعة، والتخفيف من ضغوط الحياة الحديثة، وإرهاق العمل.
2 – أهمية التطور التكنولوجي ودوره الهام في تطوير الاتصالات والمواصلات.
3 – أهمية السياحة ودورها الفاعل في توطيد العلاقات الإنسانية بين الشعوب.

 

ويؤخذ على هذا التعريف الطول وقصر الهدف من السياحة على المتعة والإقامة بعيداً عن محل السكن دون تحديد لإطار الحركة وطول المسافة ومدة البقاء والجوانب الاقتصادية المترتبة على النشاط السياحي(54).
وممن مال إلى التعريف الاقتصادي للسياحة: شوليرن شراتنهوفن حيث عرف السياحة بأنها "التفاعلات الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن وصول زوار إلى إقليم أو دولة بعيداً عن موطنهم الأصلي والتي توفر الخدمات التي يحتاجون إليها وتشبع حاجياتهم المختلفة طوال فترة إقامتهم"(55).

 

وهذا التعريف وإن كان مولعاً بالجانب الاقتصادي بدرجة أولية إلا أنه ربط بين السياحة من ناحية والإقامة غير الدائمة وغير المرتبطة بأي سعي للربح المادي من ناحية أخرى.(56).
ومن الرواد الأوائل في تعريف السياحة العالم النمساوي (هرمن فون شولرا) فهو ممن حاول وضع 30 تعريف منضبطاً للسياحة واعتنى في تعريفها بالعامل الاقتصادي حيث قال: "هي اصطلاح يطلق على كل العمليات التالية وخصوصاً العمليات الاقتصادية التي تتعلق بدخول الأجانب داخل منطقة معينة أو خارج بلدة أو دولة وترتبط بهم ارتباطاً مباشراً(57).

 

وبالنظر إلى الأبحاث والدراسات التي عالجت ظاهرة السياحة خلال العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين نجد أنها وضعت أساسين لا بد منهما للسياحة وهما:
1 – أن تكون إقامة السائح في الأقاليم أو الدول التي يسافر إليها مؤقتة تقل عن عام.
2 – أن يكون إنفاقه من أموال لم يكتسبها من تلك الأقاليم أو الدول التي جاء إليها بغرض السياحة(58).
فقصرت السياحة على المسافر لأي دولة غير دولته ولأي سبب عدا الإقامة والعمل وبشرط أن ينفق من أموال جلبها واستفادها من غير هذه الدول وهذا يخرج السائح الداخلي أو المحلي أو الوطني عن مفهوم السياحة(59).

 

وذهب بعض الباحثين العرب من المهتمين بظاهرة السياحة إلى تعريفها بقوله: "هي عبارة عن نشاط فرد يسافر ويستقر خارج مكان إقامته الأصلي لفترة لا تزيد عن العام، للترفيه أو العمل التجاري، أو أي غرض من الأغراض التي تلبي رغبات الفرد واحتياجاته"(60).
وهذا تعريف شامل وواسع يدخل فيه الدارس والعامل وهما من الفئات الخارجة عن السياحة في المفهوم العالمي كما تقدم.

 

ـــــــــــ

(52) ينظر: مبادئ السياحة، نعيم الظاهر وسراب إلياس، ص29، بتصرف. والسياحة والتنزه البيئي في المملكة العربية السعودية، إبراهيم الأحيدب، ص 14، بتصرف.
(53) صناعة السياحة من منظور جغرافي، محمد الزوكه، ص 43، ومبادئ السياحة، نعيم الظاهر وسراب إلياس، ص 29، 30.
(54) المصادر السابقة، بتصرف.
(55) صناعة السياحة من منظور جغرافي، محمد الزوكه، ص 43.
(56) المصدر السابق، بتصرف.
(57) مبادئ السياحة، د. نعيم الظاهر وسراب إلياس، ص 30.
(58) ينظر: صناعة السياحة، محمد الزوكه، ص 43-44، بتصرف.
(59) المصدر السابق، بتصرف.
(60) أثر السياحة على اقتصاديات المملكة العربية السعودية، ناصر الطيار ص 31.
(61) ينظر: www.mas.gov.sa ومبادئ السياحة، د. نعيم وسراب إلياس، ص 31، بتصرف.