هل تحتاج مصر إلى ثورة جديدة؟
1 شعبان 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

ما شهده ميدان التحرير وسط العاصمة المصرية القاهرة مساء الثلاثاء الماضي من اشتباكات بين محتجين ورجال الامن وسقوط أكثر من ألف جريح من بين المتظاهرين يثير العديد من التساؤلات ويؤكد العديد من المخاوف التي عبرنا عنها في مقالات سابقة...

 

الصور التي نُقلت عن الصدامات والمشاهد التي تم بثها على الفضائيات و"اليوتيوب" تشبه إلى حد كبير ما كان يحدث خلال الثورة التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك, كما أن ممارسات أجهزة الامن تجاه المتظاهرين لم تختلف من حيث العشوائية والتهور واللجوء إلى العنف  الغير مبرر, ورغم كل ما قيل عن اسباب اندلاع الاحداث فلا يمكن تبرير هذه التصرفات الهمجية من أجهزة الامن بعد ثورة عظيمة قتل فيها المئات احتجاجا على نظام مستبد كان الامن هو حاميه الاول والسبب الاهم في تفجيرها ثم وبعد أشهر قليلة يعيد الكرة باستخفاف واضح لمشاعر أهالي الضحايا وللثوار الذين يشعرون كل يوم بأن هناك من يسعى لسرقة جهودهم عن طريق التسكيت والتسكين..

 

لقد كشفت الاحداث الأخيرة عن معلومات غاية في الخطورة والاستسهال والاستخفاف من قبل القائمين على شؤون البلاد والذين جاءوا بأمر الثوار لحماية ثورتهم.. من أهم هذه المعلومات إبقاء عدد كبير من القيادات الامنية من الرتب العالية في الداخلية والموالية للوزير السابق المحكوم عليه بالسجن حبيب العادلي, في مواقعها رغم تورطها في جرائم قتل المتظاهرين خلال الثورة وإجراء تحقيقات معها على خلفية هذه الجرائم, والسؤال لماذا لم يتم إيقاف هؤلاء عن العمل حتى لا يعيقوا مسار التحقيقات؟ وهو أمر من البديهيات القانونية..لقد أكد عدد من المحامين أن عددا من الشهود بدأوا في تغيير أقوالهم في المحاكمات نتيجة للضغوط عليهم من قبل بعض الضباط الذين يستغلون سلطاتهم, بل وصل الامر إلى محاولات جرت للضغط على الشهود من قبل النيابة والأدهى والأمر ما تم الكشف عنه من اختيار قضاة بأعينهم لتولي بعض القضايا الخاصة بهؤلاء الجنرالات.. فما معنى هذا؟ هل المقصود هو تقديم عدد من القيادات كقرابين للضحك على الثوار مع بقاء الهيكل العام للداخلية وبالتدريج تعود الامور كما هي ويعود العادلي بلباس جديد..

 

هذا المخطط لا يجري فقط في الداخلية بل في كل قطاعات الدولة فقد تم التضحية بعدد من القيادات والاحتفاظ بالأفاعي تمارس ألاعيبها وهو ما يجعل الناس لا تشعر حتى الآن بأي تحسن في جميع مناحي الحياة؛ فهل المقصود أن يتمنى الناس رجوع النظام الزائل؟ أم التصويت لأذنابه في الانتخابات القادمة؟ لماذا البطء في التغيير إذا كان هناك إرادة حقيقية لتنفيذ مطالب الثورة؟ أي ثورة في العالم تاتي معها برنامجها الذي ينص على إزالة كل عناصر النظام القديم من الحكم وتولي عناصر موالية للثورة واهدافها أما مجموعة المنافقين الذين غيروا مواقفهم وادعوا أنهم كانوا مع الثورة ضد النظام فهؤلاء يعملون ضد الثورة وهم من فجروا أحداث الثلاثاء وسيفجرون غيرها ما دامت إرادة التغيير الحقيقية غائبة..

 

ما يجري يؤكد فشل المجلس العسكري وحكومة شرف في تنفيذ المطلوب و لن يجدي الآن تغيير حكومة شرف كما أن تغيير المجلس العسكري لن يتم إلا بسرعة إجراء الانتخابات لكي يتولى ممثلون عن الشعب تنفيذ التغيير والثورة الحقيقية التي تأخرت كثيرا, والمثير للدهشة أن العلمانيين الذين هم أكثر المنتقدين لممارسات المجلس العسكري هم من يريدون تاجيل الانتخابات خوفا من الإسلاميين بينما الإسلاميون يتجنبون توجيه اللوم للمجلس لأنهم يرونه يقف بجانبهم ضد العلمانيين بالنسبة للدستور وتوقيت الانتخابات..الخوف الآن أننا قد لا نصل بأمان للانتخابات إذا ما تواصل تسيير الامور على هذا النحو؛ لذا فالأولى ليس الدعوة للدستور أولاً أو الانتخابات أولاً, لكن الدعوة للتطهير الشامل للأجهزة الحكومية وخصوصا للداخلية, وعلى الثوار أن يدعو لجمعة التطهير الشامل مع تحديد المطلوب بدقة ووضع لائحة بأسماء الوزارات والقيادات المطلوب رحيلها فورا مع وضع قائمة أخرى بالاسماء المرشحة.